يحاصر مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية" المتطرف مدينة كوباني المعروفة ايضاً بعين العرب، على الحدود السورية - التركية، بعدما سيطروا على نحو 60 قرية في هجوم كاسح ادى الى فرار عشرات الآلاف من الاكراد السوريين الى تركيا. ومع وصول نحو 70 الف كردي الى تركيا منذ الجمعة، ادت مواجهات على الحدود أمس الى اقفال أكثر نقاط العبور، فيما لا يزال عشرات من اللاجئين ينتظرون العبور خلف السياج الشائك.
واستيلاء التنظيم المتطرف على عين العرب، وهي ثالثة كبرى المدن الكردية في سوريا، أمر بالغ الاهمية بالنسبة اليه لانه يتيح له السيطرة على قسم كبير من الحدود.
وقال رئيس "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقرا له ان مدينة عين العرب "محاصرة بالكامل" على ايدي التنظيم المتطرف الذي استولى على اكثر من 60 قرية في هذه النواحي منذ شن هجومه للاستيلاء على المدينة.
وتحتدم المعارك بين المسلحين الاسلاميين المزودين أسلحة ثقيلة ودبابات من جهة ومقاتلين أكراد يدافعون عن عين العرب بمساعدة اكراد قدموا من تركيا من جهة اخرى. وقال المرصد إن المواجهات أوقعت نحو 70 قتيلا من الجانبين، وان مصير نحو 800 من السكان "لا يزال مجهولا". لاجئون ومع اشتداد أعمال العنف والمخاوف من التعرض لفظاعات على أيدي المسلحين الاسلاميين المتطرفين، يستمر فرار المدنيين الاكراد من المدينة وضواحيها الى تركيا. وغداة نزوح الآلاف وبينهم عدد كبير من النساء والاطفال والمسنين، سجلت مواجهات قرب الحدود بين قوى الامن التركية ومئات من الشبان الاكراد الذين كانوا يتظاهرون تاييداً للاجئين.
واستخدم رجال الدرك والشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، ثم اقفلوا أكثر نقاط العبور في المنطقة، بينها نقطة كان يستخدمها المقاتلون الاكراد للانتقال الى سوريا. وبقيت نقطتان حدوديتان فقط مفتوحتين على أن تتولى وزارة الداخلية تسجيل أسماء الوافدين الجدد.
وتوقعت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين وصول "مئات الآلاف" الى تركيا، فيما حذرت المعارضة السورية من "تطهير عرقي".
وقالت ممثلة المفوضية السامية في تركيا كارول باتشيلور إن العدد الحقيقي قد يكون أكثر من مئة ألف شخص اذ تواجه تركيا واحدة من أكبر موجات تدفق اللاجئين من سوريا منذ نشوب الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات. وأضافت: "لا أعتقد أننا طوال ثلاث سنوات ونصف مضت، رأينا عبور مئة ألف شخص في يومين. هذا يوضح نوعا ما حقيقة الوضع والخوف البالغ الذي يشعر به الناس بسبب الأوضاع داخل سوريا والعراق".
وقال مصطفى عبدي الناشط السوري الكردي الذي يتحرك بين الحدود ومدينة عين العرب ان "شوارع كوباني شبه مقفرة وهناك شعور كبير بالخوف"، موضحا أن مدنيين "بينهم مسنون ومعوقون أعدموا في القرى لكننا لا نملك رقما محددا... الدولة الاسلامية تنهب المنازل... معظم النساء والاطفال غادروا كوباني، وثمة آلاف الرجال المسلحين المستعدين للدفاع عن المدينة حتى آخر نقطة دم. ولكن ماذا يستطيعون حيال الاسلحة الثقيلة للدولة الاسلامية؟". واضاف: "أننا نحتاج الى طائرة اميركية واحدة لضرب هؤلاء الهمجيين. اين الائتلاف المناهض للدولة الاسلامية (بقيادة الولايات المتحدة)؟ عليهم ان ينقذوا الشعب الكردي".
وقال الطبيب ويلات آفار لـ"رويترز" بالهاتف: "نحتاج الآن وفي شكل عاجل إلى أدوية وتجهيزات لإجراء العمليات الجراحية. لدينا الكثير من المصابين... الدولة الاسلامية قتلت الكثير من الأشخاص في القرى. قطعوا رأسي شخصين. شاهدت ذلك بعيني"، في إشارة إلى حادث في قرية تشيليبي قرب كوباني.
دعوات لحمل السلاح وفي سروج (تركيا)، أطلق متشددون أكراد دعوة جديدة لحمل السلاح للدفاع عن كوباني في مواجهة زحف "الدولة الاسلامية". وقال قائد كردي في المنطقة إن تنظيم "الدولة الاسلامية" تقدم حتى مسافة 15 كيلومترا من كوباني التي عرقل موقعها الاستراتيجي إحكام المتشددين السيطرة على مختلف أنحاء شمال سوريا.
وقال نائب حزب الشعوب الديموقراطية المؤيد للاكراد في تركيا ابرهيم بينيجي: "هذه ليست حربا بل عملية إبادة جماعية... فهم يدخلون القرى ويقطعون رأس شخص أو شخصين ويفرّجون أهل القرية عليها... هذا وضع مخجل للانسانية". ودعا إلى تدخل دولي.
وجدد "حزب العمال الكردستاني" دعوته الى شباب الأكراد في جنوب شرق تركيا لحمل السلاح والتوجه إلى كوباني لانقاذها. وقال في بيان في موقعه على الانترنت: "إن دعم هذه المقاومة البطولية ليس مجرد دين في أعناق الاكراد بل كل شعوب الشرق الاوسط. فالاكتفاء بتقديم الدعم ليس كافيا ولابد أن يكون المعيار هو المشاركة في المقاومة".
وقالت رئيسة بلدية ديار بكر جولتان قيشاناق إن "الناس الموجودون هنا اليوم، شبانا وشيوخا، نساء وأطفالا، جميعهم مستعدون لعبور الحدود إلى كوباني للدفاع عنها... كوباني لن تسقط".
|