التاريخ: حزيران ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
تركيا تدرس تدخلاً في سوريا وبوتين لتحالف إقليمي ضد "داعش"
طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الكرملين امس، تشكيل تحالف اقليمي يشمل دمشق وانقرة والرياض ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) ، فيما تتزايد المؤشرات من انقرة على امكان تدخل عسكري تركي في شمال سوريا لقطع الطريق على امكان قيام دولة كردية على الجانب السوري من الحدود وخصوصا بعد الانتصارات العسكرية التي حققها أكراد سوريا على "داعش".
 
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: "إذا لحق أي ضرر بأمن الحدود التركية وإذا خلصت تركيا إلى أن حديقة السلام هذه مهددة، فهي مستعدة لمواجهة أي احتمال". وأضاف: "سنتخذ الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر المتعلقة بأمن الحدود".

وعبر مجلس الأمن القومي الذي اجتمع برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان في بيان، عن قلقه من خطر "الارهاب" الآتي من الحدود السورية. وقال إن تركيا قلقة من التغيرات السكانية في المنطقة، في إشارة واضحة الى نزوح سوريين عرب وتركمان في ظل القتال في الأسابيع الاخيرة.

ونقلت صحيفة "ستار" الموالية للحكومة عن مصادر أن اجتماع مجلس الأمن القومي سيبحث القيام بعملية محتملة عبر الحدود. وقالت إن من الخيارات التي يمكن طرحها إقامة "منطقة آمنة" تمتد 110 كيلومترات مع سوريا.

وأفاد مستشار داود أوغلو، شابان ديشلي، إن الاجتماع سيسفر على الأرجح عن تغيير في قواعد الاشتباك للجيش التركي، ووصف تقدم كل من القوات الكردية ومتشددي "داعش" بأنه "خطير".

وأوردت صحيفة "صباح" المؤيدة للحكومة إن السياسة قد تتغير للسماح للقوات التركية بمهاجمة مقاتلي "داعش" القريبين من الحدود.
وقال مسؤول حكومي بارز: "لن تتخذ تركيا أي خطوة احادية الجانب على الجانب السوري بمعزل عن قوات الائتلاف الدولي. موقفنا واضح في هذا الشأن ... لكننا حريصون ألا تخضع معابر حدودية لسيطرة الدولة الإسلامية أو وحدات حماية الشعب (الكردية)".

من جهة اخرى، قال القيادي البارز في "حزب العمال الكردستاني" مراد كارايلان لموقع إخباري كردي على الإنترنت إن الحزب سيرد على أي تدخل للجيش في مناطق كردية داخل سوريا.
 
واشنطن
وفي واشنطن، صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر، إن ثمة "تحديات لوجستية خطيرة" تتعلق باقامة مناطق عازلة في سوريا، لكنه لم ير أي أدلة دامغة على أن الأردن أو تركيا اللتين لهما حدود مشتركة مع سوريا تبحثان في اقامة مثل هذه المناطق.
 
طهران
وفي طهران، حذر السفير الإيراني لدى تركيا علي رضا بيكدلي من أن أي انتهاك لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة سيؤدي إلى فقدان القدرة التركية على حفظ السلام في سوريا. واوضح إن قضية التدخل العسكري في سوريا طرحت مرارا وكذبها المسؤولون الأتراك، و"نأمل في أن تستخدم إيران وتركيا إمكاناتهما للتوصل إلى السلام والاستقرار".

بوتين
أبدت موسكو أمس رغبتها في جمع دمشق والرياض في تحالف واسع ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يشمل أيضاً تركيا والأردن.
 
كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي استقبل وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس في الكرملين في حضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن "موسكو تتلقى خلال اتصالاتها مع دول المنطقة التي تربطها بها علاقات طيبة جداً، إشارات تدل على استعداد تلك الدول للإسهام بقسطها في مواجهة الشر الذي يمثله داعش". وأوضح أن ذلك "يتعلق بتركيا والأردن والسعودية".

وأضاف أن "موسكو مستعدة لدعم دمشق إذا اتجهت الأخيرة إلى الدخول في حلف مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي". وأقر بأن "تشكيل مثل هذا الحلف يعد مهمة صعبة التنفيذ، نظراً الى الخلافات والمشاكل التي شابت العلاقات بين الدول".

وخاطب المعلم قائلاً: "ولكن إذا اعتبرت القيادة السورية هذه الفكرة مفيدة وممكنة، فإننا سنبذل كل ما في وسعنا من أجل دعمكم. ونحن سنعتمد على علاقاتنا الطيبة مع جميع الدول في المنطقة كي نحاول على الأقل تشكيل مثل هذا التحالف". وأعرب عن اقتناعه بأن "محاربة الإرهاب والمظاهر البالغة التطرف تتطلب توحيد جهود كل دول المنطقة". ودعا الأصدقاء جميعا "بمن فيهم الأصدقاء في سوريا، إلى بذل الجهود القصوى لإقامة حوار بناء مع جميع الدول المهتمة بمحاربة الإرهاب". ولاحظ ان "من البديهي أن خلافات وحالات سوء تفاهم ومشاكل تحمل طابعا آنيا، تظهر من وقت الى آخر في العلاقات بين الجيران، لكن لا شك في ضرورة توحيد الجهود من أجل محاربة الشر الذي يهدد الجميع". وخلص بوتين الى أن "تطورات الأوضاع المعقدة في سوريا، مرتبطة في الدرجة الأولى بالعدوان الذي يشنه الإرهاب الدولي. لكننا واثقون من انتصار الشعب السوري في نهاية المطاف. أما سياستنا الرامية إلى دعم سوريا والقيادة السورية والشعب السوري، فستبقى من دون تغيير".
 
لافروف
الى ذلك، رأى لافروف أن "على كل دول المنطقة التخلي عن خلافاتها والتركيز على مكافحة الخطر المشترك المتمثل في تنظيم داعش". وصرح في مؤتمر صحافي مشترك في موسكو مع المعلم: "الرئيس بوتين دعا إلى ضرورة تخلي كل دول المنطقة عن خلافاتها في شأن مختلف القضايا والتي كانت دوماً موجودة وربما بقيت، والتركيز على توجيه الجهود إلى مكافحة الخطر المشترك وهو الخطر الإرهابي".

وقال إن "جهود سوريا وحدها لمكافحة داعش وأعوانه ليست كافية، لذلك تدعو موسكو كل دول المنطقة إلى تنسيق جهودها من أجل مكافحة هذا الخطر".
ولفت الى أن "ذلك لا يعني إهمال مهمات أخرى وردت في بيان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012، وقبل كل شيء إقامة حوار سياسي بين السوريين أنفسهم من أجل التوصل إلى اتفاقات تعكس وفاقاً مشتركاً بين جميع الجماعات السورية". وأبدى استعداد "موسكو لدراسة إمكان عقد لقاء تشاوري ثالث في موسكو من أجل وضع قاعدة متينة لمعاودة المفاوضات بين السوريين"، مشيراً إلى أنه بحث في هذه المسألة مع نظيره السوري.

وأعلن أن بوتين والرئيس الاميركي باراك أوباما اتفقا على عقد لقاء لوزيري خارجية البلدين للبحث في الجهود المشتركة الرامية إلى مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي. وأنه سيجري محادثات مع نظيره الأميركي في فيينا اليوم. وذكّر بأن الرئيسين الروسي والأميركي بحثا الأسبوع الماضي هاتفياً في مكافحة الإرهاب وخصوصاً تنظيم "داعش".
 
المعلم
اما المعلم، فصرح أنه حصل على وعد من الرئيس بوتين بدعم سوريا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مضيفاً أن الطريق الأسلم للتحضير لمؤتمر ناجح في جنيف يمر عبر موسكو. ودعا المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا إلى المشاركة في لقاء موسكو الثالث.
وقال إن "الرئيس بوتين أكد لي ضرورة إيجاد تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب"، معتبراً أن "تشكيل تحالف دولي من السعودية وتركيا والولايات المتحدة وقطر التي تآمرت على سوريا وموّلت الإرهاب سيتطلب معجزة حقيقية". وتساءل: "هل يجب أن يسقط ضحايا في السعودية والكويت وفرنسا حتى يدرك المجتمع الدولي انتشار الإرهاب... قلنا لمن يدعمون الإرهاب في سوريا إن الإرهاب سيرتد عليكم". وأكد أنه يمكن إنجاح إقامة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب فقط في حال تخلي الدول التي تشجع الإرهاب عن دعمها للإرهابيين.
 
الوضع الميداني
ميدانياً، أعلن الجيش السوري أنه استعاد السيطرة على حي النشوة السكني الرئيسي في مدينة الحسكة الاستراتيجية بشمال شرق سوريا بعد بضعة أيام من سقوطه في أيدي "داعش" في هجوم خاطف طرد خلاله آلاف المدنيين.
وفي وقت سابق، قال مصدر في الجيش السوري إن مفجرين انتحاريين ينتمون الى "داعش" فجروا شاحنتين في حي الغويران الجنوبي الشرقي وشب حريق في صهاريج تخزين النفط وفي مصنع للنسيج بعدما قصفه المتشددون.
 
اسرائيل
على صعيد آخر، صرح وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعالون بان تقديم الدولة العبرية المساعدات الطبية والانسانية لمقاتلي المعارضة السورية يعتمد على قدرتهم على ابقاء الجهاديين بعيدين عن اسرائيل، وعدم التعرض للاقلية الدرزية.
وقال الناطق باسم يعالون: "عندما يصل شخص مصاب الى الجدار الامني، فعليك تقديم المساعدة". واضاف: "تتحسن حاله فتعيده، وتوجه رسالة من خلاله: ان كنتم تريدون استمرار المساعدات الانسانية، عليكم ان تحرصوا على عدم وصول الجهاديين الى الحدود، وثانياً لا تتعرضوا للدروز".