التاريخ: أيلول ٢, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
هل ينعكس تصعيد الحراك المدني على الاستقرار؟ جلسة لمجلس الأمن لمعرفة أبعاد "طلعت ريحتكم"
كرة ثلج الحراك الشعبي بدأت تكبر لتتخذ منحى تصعيدياً ينذر بخطر يؤثر على الاستقرار العام في البلاد، مع اقتحام متظاهرين وزارة البيئة في مبنى اللعازرية في وسط بيروت، وبلوغهم مكتب الوزير محمد المشنوق الذي حوصر ساعات قبل ان تتدخل القوى الامنية فتخرج المعتصمين بالقوة. ولم ينته الاعتصام، كسوابقه، إلا بالمواجهة مع القوى الامنية ورشق عناصرها بالحجارة وعبوات المياه وبعض المفرقعات. وزارة الداخلية تدرجت بخطواتها من التفاوض الى استقدام قوة من مكافحة الشغب الى قطع البث التلفزيوني قبل اخراج معتصمين من الوزارة بأقل قدر ممكن من العنف.

واذا كان جزء كبير من الرأي العام اللبناني في ضفتي 8 و14 اذار يؤيد تحرك حملة "طلعت ريحتكم"، فإن اخباراً وتعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تربطه تارة بأجندات وطوراً بسفارات أو دول كما صرح وزير الداخلية نهاد المشنوق، بدأت ترسم صورة ضبابية وتسبب تشكيكاً لدى البعض في مسار التحرك واهدافه أو تحوله عن الموضوعات التي كانت في أساس انطلاق الحملة، اضافة الى تهويل الطبقة السياسية على المواطنين بـ "الفوضى" التي بدأ يسببها الحراك خوفاً من انفلات الامور من السيطرة في ظل اتفاق داخلي ورعاية خارجية للاستقرار اللبناني والمحافظة عليه.

ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري ان " دخول الشبان الى وزارة البيئة هفوة. وأدت الى تقليل نبض تحركهم واهدافهم"، فيما قال رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط لـ "النهار" إنه "تماشياً مع الحراك السلمي والمطالب التي رفعها المتظاهرون الاحد الفائت، فإن المنطق يقول بأن تكون المعالجة بالهدوء والحوار وبعيداً من التحريض الاعلامي". وأضاف: "يجب البدء بالتعاون بين الحراك الشبابي والدولة لايجاد المطامر البديلة من مطمر الناعمة". واعتبر ان استقالة الوزير محمد المشنوق "لا تنفع". اما كتلة "المستقبل" فاعتبرت ان دخول وزارة البيئة يخدم من يتوسل الفوضى "ونرفض الضغط لإقالة أي وزير". ورأى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون "أن المطالب المطروحة في التظاهرات سبق للتيار ان ناضل من أجلها لسنوات عديدة"، لكنه حذر "من الفوضى الخلاقة التي تظهّرت صورها البشعة في كل الدول التي مرت عليها". وشدد على "أن الحل ليس بالفوضى".

وشكل موقف هيئة التنسيق النقابية مفاجأة اذ نددت بالاعتصام واعتبرته قراراً منفرداً يسيء الى الحراك الشعبي السلمي والحضاري وصنفت الاقتحام بما يشبه الاحتلال.

وعلمت "النهار" من أوساط وزارية أن الرئيس تمّام سلام أبلغ المتصلين به أنه لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف باستقالة وزير البيئة ، وانه طالب البعثات الديبلوماسية في لبنان بـ"عدم صبّ الزيت على النار". وإذ توقعت هذه الاوساط استمرار الحركة الاحتجاجية وربما تصاعدها، لمحت الى أن موضوع إعلان حال الطوارئ مطروح للبحث. وأشارت الى أن الامر مرهون بالتطورات والمشاورات بين أعضاء الحكومة.

مجلس الامن
والحراك المحلي وجد اهتماماً دولياً انتقل الى مكاتب الامم المتحدة. وعلمت "النهار" من مصدرين ديبلوماسيين في نيويورك أن مجلس الأمن قرر عقد جلسة طارئة اليوم في شأن لبنان. وأفاد أحدهما أن "هذه الجلسة من خارج جدول أعمال المجلس لشهر أيلول الجاري وهدفها الإستماع الى إحاطة من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عن التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد، وخصوصاً لجهة الاحتجاجات الشعبية على فساد الطبقة السياسية".

وستقدم كاغ هذه الإحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من بيروت. ولم يتقرر على الفور ما إذا كان مجلس الأمن سيصدر أي بيان أو موقف من هذه التطورات. وأكد ديبلوماسي آخر أن الدائرة السياسية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، والتي يرأسها جيفري فيلتمان، كانت هي الداعية الى هذه الجلسة "لمعرفة أبعاد التحركات الجارية تحت عنوان: طلعت ريحتكم".

الى ذلك، صرّح الناطق بإسم الأمم المتحدة فرحان حق لـ"النهار" بأن "الفراغ مضر بلبنان. هذا هو موقف الأمين العام بان كي - مون. الأولوية لا تزال للمحافظة على الاستقرار ولانتخاب رئيس جديد للجمهورية". وأضاف أن "موقف المجتمع الدولي داعم الطابع السلمي للإحتجاجات، مع حماية الجو الديموقراطي وحرية التعبير".

الحوار
في غضون ذلك، يستعد الرئيس بري لاعادة اطلاق طاولة الحوار الوطني متزامناً مع موعد الجلسة الـ 28 المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية اليوم، في ظل توقع غياب فاضح عن ساحة النجمة تجنباً للصدام مع متظاهرين. وقد حدد التاسع من الجاري موعداً لجلسة الحوار الاولى. ووجه رئيس المجلس امس عبر اعضاء في كتلة " التنمية والتحرير" الدعوات الى الشخصيات التي ستشارك وهي 17 شخصية اضافة الى رئيس الوزراء تمّام سلام، وكل نائبين وما فوق تمثلهما شخصية، واستثنى الوزير ميشال فرعون لضرورات كاثوليكية. وسيشارك ايضا نائب رئيس المجلس فريد مكاري.

وأفاد بري ان "نسبة نجاح مؤتمر الحوار هي بمعدل صفر أو مئة، وهو من آخر الفرص الانقاذية أمام اللبنانيين للخروج من هذه الازمات".

النفايات
أما في ملف النفايات الذي كان في أساس الاعتراض، فطرحت اللجنة التي اجتمعت برئاسة الوزير اكرم شهيب المعطيات المتوافرة وبدأت البحث على قاعدة الوصول الى ادارة مستدامة لملف النفايات تأخذ في الاعتبار الأبعاد الفنية - العلمية والمؤسسية والمالية ومبادئ الادارة المثلى علمياً وبيئياً وصحياً واقتصادياً، بالتزامن مع حل فوري للأزمة القائمة.

وقد عرض وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع وفد من رؤساء بلديات وادي خالد واتحاد بلديات جبل اكروم الملف الإنمائي لعكار. وقال رئيس بلدية الهيشة احمد العلي: "نحن جزء اساسي من حل ازمة النفايات لأن بيروت هي العاصمة ويجب توزيع نفاياتها على كل المناطق، لكونها واجهة لبنان، ونحن في عكار نتحمل جزءاً من هذه النفايات". وعن مكب سرار، قال: "المكب موجود أصلاً ويستقبل يومياً 500 طن، وأكد لنا الوزير ان المكب قد يتحول مطمراً بيئياً وصحياً وستعالج النفايات في بيروت قبل نقلها الى سرار بعد كبسها".