التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
روسيا وسعت عملياتها العسكرية وصواريخ بحر قزوين تضرب "داعش"
في عرض بارز للقوة، أعلنت موسكو أن سفنها الحربية اطلقت 26 صاروخاً مجنحاً من بحر قزوين على اهداف لتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في سوريا قاطعة بذلك مسافة 1500 كيلومتر من فوق ايران والعراق. كما وفرت المقاتلات الروسية غطاء جوياً لهجوم بري واسع بدأه الجيش السوري ومقاتلون من "حزب الله" اللبناني في ريف حماه الشمالي. 

وتزامن بدء الهجوم البري مع اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان العمليات الروسية المقبلة "ستكون متزامنة مع العمليات البرية للجيش السوري"، مضيفاً ان "سلاح الجو سيساند بشكل فعال هجوم الجيش السوري".

وفي موقف لافت، أبدت موسكو استعدادها لاجراء اتصالات مع "الجيش السوري الحر" في اشارة الى الفصائل المصنفة بـ"معتدلة"، على رغم تكرار مسؤولين روس في الايام الاخيرة انهم ينتظرون شرحا من الدول الغربية لمفهوم "المعارضة المعتدلة".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية انه "وفقا للموقف الذي عبر عنه الرئيس بوتين فان روسيا مستعدة للمساهمة في توحيد جهود الجيش السوري والجيش السوري الحر لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات ارهابية أخرى بما في ذلك التنسيق مع طلعات الطيران الروسي". وابدت في بيان استعدادها لاجراء اتصالات مع "قادة هذه البنية للبحث في امكان مشاركتها في العمل لوضع عملية تسوية سياسية للازمة السورية، عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة الوطنية".

وفي سياق متصل، اعلن لواء "صقور الجبل"، وهو فصيل سوري مقاتل يتلقى دعماً أميركياً، ان غارات روسية دمرت الثلثاء مستودعات أسلحته الرئيسية في ريف حلب الغربي.

واشنطن
في غضون ذلك، أفادت وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" ان طائرة واحدة على الاقل تابعة للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" اضطرت الى تغيير مسارها لدى تحليقها في الاجواء السورية كي تتجنب الاقتراب كثيرا من مقاتلة روسية.
وصرح الناطق باسم "البنتاغون" الكابتن البحري جيف ديفيس: "مرة واحدة على الاقل اضطررنا الى اتخاذ اجراء لتغيير مسار" احدى طائرات الائتلاف.

وبعد ساعات من تصريح ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية بأن وزارته "درست عن كثب الاقتراحات الاميركية في شأن تنسيق العمليات"، قال وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر: "لم نتفق على التعاون مع روسيا ما داموا مستمرين باستراتيجية خاطئة"، تتمثل "في ضرب اهداف لا تعود الى تنظيم الدولة الاسلامية". وأضاف أن الولايات المتحدة لن تتعاون عسكريا مع روسيا في سوريا على رغم أنها تنوي مواصلة المناقشات الفنية الأساسية من أجل ضمان سلامة طياريها الذين يقصفون أهدافا لـ"داعش" في سوريا. ووصف استراتيجية موسكو بأنها "معيبة على نحو مأسوي".

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي ان "اكثر من 90 في المئة من غاراتهم (الروس) التي شهدناها لم تكن ضد تنظيم الدولة الاسلامية او ضد ارهابيين مرتبطين بالقاعدة. لقد كانت في قسمها الاكبر ضد مجموعات معارضة" للرئيس بشار الاسد.

وكشف السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي دوغلاس لوت إن تعزيز روسيا وجودها العسكري في سوريا يشمل زيادة الوجود البحري والصواريخ البعيدة المدى وكتيبة من القوات مدعومة بأحدث الدبابات الروسية. وقال قبل اجتماع لوزراء الدفاع لدول الحلف في بروكسيل: "هناك وجود بحري روسي كبير ومتنام في شرق البحر المتوسط وأكثر من 10 سفن الآن وهو ما يزيد قليلا عن المعتاد".

تركيا
وأقلقت الغارات الروسية تركيا الجارة الشمالية لسوريا التي قالت إن مجالها الجوي تعرض لانتهاكات متكررة من مقاتلات روسية.
واستدعت أنقرة السفير الروسي لديها للمرة الثالثة خلال أربعة أيام بسبب تلك الانتهاكات التي قال حلف شمال الأطلسي إنها تبدو متعمدة و"خطيرة جداً".
واعلنت تركيا أن أنظمة صواريخ موضوعة في سوريا تعرضت لطائراتها الثلثاء بينما كانت ثماني مقاتلات "ف - 16" تقوم بدوريات على الحدود السورية.

لندن: تقوّي "داعش"
وفي نيويورك (علي بردى) وصف المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير ماثيو رايكروفت العمليات العسكرية الروسية بأنها "تصعيد جوهري للأزمة" السورية المتواصلة منذ زهاء أربع سنوات ونصف سنة.

وهو كان يتحدث الى مجموعة من الصحافيين، فقال إن المسؤولين الروس "يقولون إنهم يهاجمون (الدولة الإسلامية) داعش، ولكن إذا نظرتم الى الخريطة يمكن أن تروا أن الأكثرية الساحقة من غاراتهم ضد ما نعتبره معارضة معتدلة للأسد". وأضاف أن هؤلاء المعارضين "نحتاج اليهم كي يكونوا جزءاً من مستقبل سوريا. ونعتقد أن هذه الغارات ليست ضد داعش، بل هي تقوي داعش، من خلال تقوية الأسد وإرغام الكثيرين من السكان السنّة في سوريا على حمل السلاح مع داعش".

السفن الروسية قصفت من بحر قزوين "داعش" و"النصرة" في سوريا 

قصفت سفن حربية روسية من بحر قزوين مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا، بينما بدأت القوات السورية النظامية هجوماً برياً تحت غطاء جوي روسي في ريف حماه الشمالي. ورفضت واشنطن اجراء تنسيق عسكري مع موسكو في شأن العمليات العسكرية الجارية في سوريا.

كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لدى لقائه الرئيس فلاديمير بوتين أمس، أن سفنا روسية قصفت مواقع "داعش" في سوريا من بحر قزوين، اذ أطلقت تلك السفن 26 صاروخاً عالي الدقة قطعت مسافة 1500 كيلومتر. وأوضح أن أربع سفن صاروخية أطلقت 26 صاروخاً مجنحاً من طراز "كاليبر" أصابت 11 هدفاً في سوريا بنجاح. وأضاف أن وسائل المراقبة الروسية سجلت تدمير جميع الأهداف من غير أن يوقع القصف ضحايا في صفوف المدنيين.

أما بوتين، فرأى "أن تنفيذ عمليات الرماية هذه عبر مسافة نحو 1500 كيلومتر باستخدام أسلحة عالية الدقة ونجاح جميع الغارات، يدل على مستوى التأهيل الرفيع للعسكريين والاستعداد العالي لمؤسسات التصنيع العسكري". وأعرب عن "شكره للطيارين الروس المشاركين في العملية الجوية بسوريا وللبحارة الذين نفذوا الضربات من بحر قزوين". وقال إن من السابق لأوانه الحديث عن نتائج العمليات الروسية في سوريا وأصدر توجيهات الى شويغو بمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية وإيران والعراق في موضوع سوريا. وأعلن ان العمليات العسكرية الروسية المقبلة في سوريا "ستكون متزامنة مع العمليات البرية للجيش السوري كما ان سلاح الجو سيساند بشكل فعال هجوم الجيش السوري".

ونشرت وزارة الدفاع الروسية في حسابها بموقع "يوتيوب" شريط فيديو للضربات المكثفة التي شنتها سفن بحر قزوين على مواقع بسوريا، مشيرة الى أنه استخدمت فيها منظومة "كاليبر إن كا". وشددت على ان نسبة الخطأ في الإصابات خلال الغارات لم تتجاوز ثلاثة أمتار. وقالت إن الضربات استهدفت منشآت من البنية التحتية التابعة لـ"داعش" في الأراضي السورية، بما في ذلك ورش لتصنيع القذائف والعبوات الناسفة ومراكز قيادة ومخازن للذخيرة ومخازن أسلحة ووقود وقواعد تدريب.

وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن المواقع التي أصابتها الصواريخ الروسية تقع في ريف الرقة وإدلب وحلب. واعتبرت أن الغارات الروسية تساهم في تقييد قدرات الإرهابيين على التحرك ومنعهم من تدبير هجمات إرهابية دموية.

وأبرز رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال أندريه كارتوبولوف، أن مسار الصواريخ التي أطلقتها سفن أسطول بحر قزوين الروسي نحو أهداف في سوريا مرت فوق مناطق غير مأهولة، بغية ضمان أمن السكان المدني، وأن توقيت مرور الصواريخ ومساراتها نسقت مع شركاء روسيا. وقال إن "البحارة الروس لدى توجيه الضربات اعتمدوا على معلومات استطلاعية جمعتها الاستخبارات الروسية في أراضي سوريا، إذ كشفت عن مواقع مهمة يستخدمها إرهابيون واعتبرت تدميرها مهمة عاجلة. لذلك قررت القيادة العسكرية استخدام صواريخ مجنحة بعيدة المدى لإصابة تلك الأهداف".

ونقلت وكالة "أنترفاكس" الروسية المستقلة للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية أن الصواريخ استهدفت مواقع لـ"داعش" و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة".

هولاند حذّر من نشوب "حرب شاملة
في غضون ذلك، صرّح بوتين بأن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند طرح فكرة تشكيل جبهة موحدة بين القوات الحكومية السورية وقوات "الجيش السوري الحر" لمحاربة "الدولة الاسلامية". لكن مصدراً مقرباً من هولاند نفى ذلك، قائلاً إن انضمام مقاتلين معتدلين من "الجيش السوري الحر" إلى قوات الحكومة السورية لقتال "داعش" ليست فكرة فرنسية. وان "الرئيس تحدث عن ضرورة وجود المعارضة السورية الى طاولة المفاوضات. الباقي ليس فكرة فرنسية".

وفي خطاب امام البرلمان الاوروبي، حذر هولاند من "حرب شاملة" اذا لم تتحرك أوروبا في مواجهة النزاع في سوريا والوضع في المنطقة، وقال : "اذا سمحنا باستمرار تفاقم المواجهات بين السنة والشيعة، لا تظنوا اننا سنكون بمنأى، ستكون هناك حرب شاملة". وأضاف: "يجب ان نبني في سوريا مع كل الذين يمكنهم المساهمة، مستقبلاً سياسياً يعطي الشعب السوري بديلاً غير بشار الاسد أو داعش".

النظام بدأ عملية برية في حماه
ومستفيداً من الغطاء الجوي الروسي، بدأ الجيش السوري النظامي عملية برية واسعة في حماه. وقال مصدر عسكري سوري :"بدأ الجيش السوري والقوات الرديفة عملية برية على محور ريف حماه الشمالي... تحت غطاء ناري لسلاح الجو الروسي".

وأفاد مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له، ان "طائرات حربية روسية نفذت منذ ليل الاربعاء - الخميس حتى الان 23 غارة على الاقل على ريف حماه الشمالي، الى 14 غارة استهدفت محافظة ادلب".
ووصف المرصد الغارات الروسية في الساعات الاخيرة بانها "اكثر كثافة من المعتاد"، لافتاً الى انها "المرة الاولى تترافق مع اشتباكات ميدانية بين قوات النظام والفصائل المقاتلة".

وتحدث عن مقتل "مواطنتين وطفلة الاربعاء في غارات لطائرات يعتقد انها روسية في بلدة دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي"، بينما تحدث التلفزيون السوري الرسمي عن "ضربات دقيقة على أوكار تنظيم داعش في مناطق عدة من حلب وريفها".

وشرح المصدر العسكري السوري ان الهجوم البري يستهدف "اطراف بلدة لطمين غرب مورك، تمهيدا للتوجه نحو بلدة كفرزيتا" التي تتعرض منذ ايام لغارات جوية روسية.
ويواجه الجيش السوري في تلك المنطقة "جبهة النصرة"، الى فصائل أخرى مقاتلة بعضها اسلامية كـ"صقور الغاب" و"تجمع العزة". وقال مصدر عسكري في ريف حماه "إن الجيش السوري يعمل في عملياته الاخيرة على فصل ريف إدلب الجنوبي عن ريف حماه الشمالي".

ويسيطر "جيش الفتح" المكون من فصائل اسلامية عدة بينها "جبهة النصرة" و"حركة أحرار الشام" على محافظة ادلب. وتنتشر هذه الفصائل الاسلامية الى مجموعات أخرى مقاتلة في مناطق عدة بريف حماه الشمالي.

وحاولت هذه الفصائل خلال الاشهر الاخيرة التقدم من ادلب في اتجاه حماه للسيطرة على مناطق تخولها استهداف معاقل النظام في محافظة اللاذقية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد.
أما الجيش، فيسعى، استناداً الى المصدر العسكري، الى "تأمين طريق دمشق - حلب الدولي" الذي يمر عبر حماه و"المغلق حاليا بسبب العمليات العسكرية".

داود أوغلو
وفي انقرة، صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بان "اثنتين فقط من الغارات الروسية الـ57 استهدفتا داعش"، وأن الغارات الاخرى وجهت الى الفصائل المعارضة الاخرى التي تدعمها تركيا والولايات المتحدة. وأوضح ان هذه الارقام صادرة عن الاستخبارات العسكرية التركية. وقال: "اذا اضعفت المعارضة السورية فان هذا سيعزز داعش... اذا كان ينبغي خوض معركة ضد داعش، فدعونا نخوضها معا".

وعن التوتر القائم حاليا بين تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي وروسيا، قال داود أوغلو: "لن نقدم أي تنازلات في ما يتعلق بأمن حدودنا ومجالنا الجوي". لكنه حرص على التأكيد ان بلاده "لا تريد توتراً مع روسيا" التي تربطها بها علاقات تجارية وثيقة، مشيراً في الوقت نفسه الى ان "المجال الجوي التركي هو بطبيعة الحال المجال الجوي لحلف شمال الاطلسي ايضا".