التاريخ: تشرين الأول ١٧, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
مصر: الحُكم يراهن على زيادة المشاركة بعدما ضمن برلماناً «مُروّضاً»
القاهرة - أحمد رحيم 
تنطلق اليوم عملية الاقتراع في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية لتشكيل أول مجلس نواب منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي والثاني إثر إطاحة سلفه حسني مبارك. ويركز الحكم على ضمان نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات، بعدما ضمن أن تركيبته لن تخرج عن موالين له.

وتبدأ اليوم عملية اقتراع المصريين في الخارج من سكان محافظات المرحلة الأولى، وهي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح. ويُدلي المصريون في الخارج بأصواتهم في 139 سفارة وقنصلية، ولن يكون هناك اقتراع في 4 دول، هي سورية واليمن وليبيا وأفريقيا الوسطى لأسباب أمنية.

وبدأت أمس فترة الصمت الانتخابي التي تستمر حتى إعلان نتيجة انتخابات الجولة الأولى من الاقتراع، وتستأنف الدعاية في جولة الإعادة للمرحلة الأولى التي تُجرى يومي 26 و27 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري في الخارج ويومي 27 و28 في الداخل.

ويُنتخب لعضوية البرلمان في مرحلتي الاقتراع 448 نائباً يُختارون بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم المغلقة المطلقة التي يحق للأحزاب والمستقلين الترشح فيها.

ووفقاً للقوانين المنظمة لعملية الاقتراع، قُسمت البلاد إلى 237 دائرة خُصصت للانتخاب بالنظام الفردي، و4 دوائر لنظام القوائم، هي القاهرة وجنوب ووسط الدلتا وتضم 6 محافظات ولها 45 مقعداً، شمال ووسط وجنوب الصعيد وتضم 11 محافظة ولها 45 مقعداً، شرق الدلتا وتضم 7 محافظات ولها 15 مقعداً، وغرب الدلتا وتضم 3 محافظات ولها 15 مقعداً.

ويتنافس نحو 5400 مرشح على المقاعد الفردية، معظمهم مستقلون، وتتنافس 3 قوائم رئيسة على المقاعد المخصصة لنظام القوائم هي قوائم حزب «النور» السلفي، و «في حب مصر»، و «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال»، وكلها مؤيد للنظام.

وفي المرحلة الأولى، يبلغ تعداد من لهم حق التصويت 27 مليوناً و402 ألف و553 ناخباً، يتوزعون على 103 لجان انتخابية عامة. ويبلغ عدد المرشحين على المقاعد المخصصة للانتخابات بالنظام الفردي 2573 مرشحاً بينهم 112 امرأة، وتصل نسبة المرشحين المستقلين إلى نحو 65 في المئة. ويختار كل ناخب المرشحين على المقاعد الفردية في دائرته الذين تتفاوت أعدادهم ما بين دائرة وأخرى، إذ تتراوح بين مقعد واحد وحتى 4 مقاعد، وهو الأمر الذي يحتم على الناخب الاستعلام عن عدد المقاعد الفردية في دائرته قبل الإدلاء بصوته، ما يزيد فرص الارتباك وبطلان الأصوات، إلى جانب اختياره قائمة واحدة من القوائم الانتخابية المتنافسة.

وتجرى العملية الانتخابية تحت إشراف قضاة وأعضاء النيابة العامة وأعضاء هيئات قضائية مختلفة، يبلغ عددهم 16 ألفاً، ويتولون الإشراف على اللجان العامة، في حين يبلغ عدد المراكز الانتخابية 5460 مركزاً، يضم كل مركز انتخابي عدداً من اللجان الفرعية، تصل إلى 18 ألفاً و945 مقراً انتخابياً.

ووافقت اللجنة العليا للانتخابات على السماح بمتابعة منظمات غير حكومية دولية ومحلية للانتخابات، إذ سمحت لـ81 منظمة ومجتمعاً مدنياً وجمعية محلية تضم 17 ألفاً و465 متابعاً، إلى جانب 6 منظمات دولية تضم 546 متابعاً، وكذلك 68 سفارة أجنبية، بمتابعة الانتخابات.

وفي المرحلة الأولى بلغ عدد المرشحين على المقاعد الفردية 2573 مرشحاً، إلى جانب قائمة عن غرب الدلتا ينافس عليها حزب «النور»، وقائمة «في حب مصر»، و «ائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال»، وقائمة أخرى لجنوب الصعيد، أبرز المنافسين عليها قائمة «في حب مصر».

ويُعد حزب «النور» الذراع السياسية لـ «الدعوة السلفية»، وهو الفصيل الوحيد الذي يخوض الانتخابات المقبلة من تيار الإسلام السياسي، بعدما قاطعتها بقية قوى هذا التيار احتجاجاً على عزل مرسي في تموز (يوليو) 2013.

لكن معلومات أكدت خوض معارضين إسلاميين الانتخابات مستقلين على مقاعد فردية، غير أن أعدادهم لا تتخطى 200 مرشح، توقعت مصادر في «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي فوز «عشرات» منهم. ويراهن قطاع من أنصار مرسي الذين قرروا خوض الانتخابات خلافاً لقرار التحالف مقاطعتها، على دور له في المرحلة المقبلة لطرح مبادرة أو سن قوانين من شأنها تحقيق مصالحة بين جماعة «الإخوان المسلمين» والحُكم.

وينافس حزب «النور» بقائمتين فقط في القاهرة وغرب الدلتا، وله أكثر من 200 مرشح ينافسون على نحو نصف المقاعد الفردية، أي أن الحزب اختار المنافسة ابتداء على نصف مقاعد البرلمان فقط، وهو ما برره بالرغبة في «الشراكة مع بقية القوى السياسية» في البرلمان، ربما لطمأنة القوى السياسية بعد تجربة جماعة «الإخوان» في الحكم.

أما قائمة «في حب مصر» فتخوض الانتخابات على القوائم الأربع، وهي فازت تقريباً بالتزكية بـ15 مقعداً مخصصة لشرق الدلتا (ضمن المرحلة الثانية التي تنطلق الشهر المقبل)، إذ لم يترشح أي قائمة في محافظاتها، لكن إعلان الفوز يتطلب الحصول على أصوات 5 في المئة من مجموع الناخبين. وشكل تلك القائمة مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون، وغالبية مرشحيها من الشخصيات العامة المؤيدة لعزل مرسي والتمثيل الحزبي فيها ضعيف، كما تضم بعض الشخصيات المحسوبة على نظام مبارك.

ومن أبرز الأحزاب المشاركة في القائمة «الوفد» و «المصريين الأحرار»، وهو حزب يميني دُشن بعد الثورة ومحسوب على رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس، و «الإصلاح والتنمية» الذي أسسه محمد السادات، و «المؤتمر» الذي أسسه السياسي البارز عمرو موسى، و «مستقبل وطن» الذي يضم أصواتاً شبابية مؤيدة لعزل مرسي.

وقائمة «في حب مصر» تنسق إلى حد ما بين مكوناتها الحزبية، في شأن المقاعد الفردية، لكن هناك تنافساً بين أحزاب منضوية فيها على مقاعد فردية في دوائر عدة. ويخوض حزب «المصريين الأحرار» الانتخابات على المقاعد الفردية بنحو 200 مرشح، أما الوفد فيخوضها بأكثر من 100 مرشح فقط. وتضم قائمة ائتلاف «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال» التي تنافس على 3 دوائر فقط مخصصة للقوائم، في غالبيتها أعضاء ونواب الحزب «الوطني» المنحل، ويقودها حزب «الحركة الوطنية» الذي أسسه رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، وتضم حركتي «مصر بلدي» و «تيار الاستقلال»، وهما محسوبتان على «الوطني».

لكن لوحظ أن ذلك الائتلاف نجح في التنسيق إلى درجة كبيرة بين مكوناته في شأن المقاعد الفردية، بحيث لا تنافُسَ بين أحزابه على نحو نصف المقاعد الفردية التي تسعى إلى الفوز بها.

أما الأحزاب التقليدية، مثل «التجمع» و «الناصري»، فيمثلها عشرات المرشحين على المقاعد الفردية، وهو أيضاً حال الأحزاب التي ظهرت في أعقاب الثورة، مثل حزب «الكرامة» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» الذي أسسه السياسي محمد أبو الغار.

وتُظهر خريطة المنافسة الانتخابية أنها تتركز تحديداً بين «النور» و «فلول الوطني» وقوى يمينية أخرى، مثل «الوفد» و «المصريين الأحرار»، وكل تلك القوى مؤيدة للسيسي، ما يُظهر أن الحكم ضَمِنَ ابتداء برلماناً «مُروضاً» ربما لن يلجأ إلى صلاحياته في اختيار أعضاء الحكومة، لتعطيل اختيارات الرئيس.

وسيكون إتمام الانتخابات بنسبة اقتراع عالية نجاحاً لنظام الحُكم، في مواجهة دعوات المقاطعة التي ترعاها جماعة «الإخوان المسلمين»، لذلك حرصت الرئاسة على دعوة الناخبين إلى «المشاركة الفعالة في التصويت في الانتخابات خلال مختلف مراحلها، للمساهمة في بناء مستقبل أفضل لمصر في إطار من التوافق المجتمعي وإعلاء قيمة الوطن».

وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة إن «أكثر من 185 ألفاً من قوات الجيش سيشاركون في تأمين المقرات الانتخابية، إضافة إلى أكثر من 180 ألفا من قوات الشرطة». وأضافت أن «جميع القوات المشاركة تتفهم مهماتها المكلفة بها لحماية المواطنين، والتصدي للتهديدات كافة التي تمكن مجابهتها خلال تأمين مراكز الاقتراع».

وأوضحت أن «طائرات المراقبة الأمنية والتصوير الجوي وسيارات البث المباشر ستشارك في مراقبة وتأمين العملية الانتخابية، لنقل صورة حية للأحداث والإبلاغ الفوري عن أي أعمال تعرقل سير العملية الانتخابية إلى مراكز العمليات التي تتابع إجراءات تأمين العملية الانتخابية».

وتفقد رئيس أركان الجيش الفريق محمود حجازي عناصر المنطقة المركزية العسكرية المشاركة في عملية التأمين «للاطمئنان إلى جاهزيتها». وستشارك عناصر المنطقة المركزية في عملية التأمين في محافظات الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا، وهي محافظات معروفة بوجود كتلة من أنصار مرسي فيها. وستشارك القوات البحرية في تأمين الاقتراع في الإسكندرية والبحيرة. ووضعت وحدات من الشرطة العسكرية والصاعقة والمظلات رهن الاستعداد «للتدخل السريع ومواجهة أي تهديدات قد تؤثر على العملية الانتخابية. وأعلنت وزارة الداخلية حال الاستنفار القصوى بين قطاعاتها استعداداً للاقتراع.

وتشمل خطة وزارة الداخلية 3 محاور هي: تأمين لجان ومقار التصويت والقضاة المشرفين على الانتخابات، وتأمين عملية سير الانتخابات حتى انتهاء مرحلة الفرز، وتأمين الشارع في مرحلة ما بعد إعلان النتائج. وتتسلم قوات الجيش والشرطة اليوم مقرات الاقتراع.