استنكرت سوريا العقوبات المباشرة التي قررت الادارة الاميركية الاربعاء فرضها على الرئيس السوري بشار الاسد وعدد من المسؤولين السوريين بسبب قمع حركة الاحتجاج في البلاد، عشية الدعوة الى التظاهر في يوم "جمعة أزادي" (الحرية) في كل المدن السورية.
نقلت الوكالة العربية السورية للاباء "سانا" عن مصدر رسمي ان سوريا "تستنكر الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة حيال الرئيس بشار الاسد وعدد من المسؤولين السوريين بذريعة الاحداث الجارية في سوريا". وقال ان الامر التنفيذي الجديد الذي وقعه الرئيس باراك اوباما "هو اجراء حاسم لزيادة الضغط على الحكومة السورية كي توقف العنف ضد شعبها وتبدأ بمرحلة انتقالية نحو نظام ديموقراطي". وأضاف ان "الاجراء الاميركي في حق سوريا له تفسير واحد هو التحريض الذي يؤدي الى استمرار الازمة في سوريا الامر الذي يخدم مصالح اسرائيل قبل كل شيء". ورأى ان سلسلة العقوبات الاميركية التي تضمنت "قانون محاسبة سوريا وسبقه وضع سوريا على قائمة الدول الراعية للارهاب" كانت "بسبب دعمها للمقاومة". واكد ان هذه العقوبات "لم ولن تؤثر على قرار سوريا المستقل وعلى صمودها امام المحاولات الاميركية المتكررة للهيمنة على قرارها الوطني وانجاز الاصلاح الشامل". وشملت العقوبات التي وقعها اوباما في امر تنفيذي، الى الرئيس السوري، نائبه فاروق الشرع ورئيس الوزراء عادل سفر ووزير الداخلية محمد ابرهيم الشعار ووزير الدفاع علي حبيب محمود ومدير المخابرات عبد الفتاح قدسية ومدير الامن السياسي محمد ديب زيتون.
واعتبرت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطة ان هدف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا هو الضغط عليها لفك ارتباطها بالمقاومة كحركة المقاومة الاسلامية "حماس" و"حزب الله" وبايران واتهمتها بممارسة ازدواجية المعايير وقلب المفاهيم. وكتبت ان الولايات المتحدة وحلفاءها لا يوفرون "الوقت لممارسة الضغوط على سوريا بهدف تغيير سياساتها الإقليمية".". وفي المقابل، قال المعارض البارز هيثم المالح إن القرار يعني أن أعضاء النظام محاصرون الآن، وإن أي خطوة من المجتمع الدولي قد تساعد الشعب السوري على الاستمرار في الانتفاضة.
مزيد من الضغط وتوقع ديبلوماسي أوروبي ان يضيف الاتحاد الاوروبي الأسبوع المقبل الرئيس السوري الى قائمة الافراد الخاضعين للعقوبات التي يفرضها على سوريا. وفي مجلس الامن، تسعى باريس الى حمل الاعضاء الاخرين على تبني نص يندّد بسوريا. وصرحت وزارة الخارجية الفرنسية بلسان الناطق باسمها برنار فاليرو ان "القمع يتفاقم في سوريا، فيما تتراكم معلومات عن وجود مقابر جماعية وشهادات عن التعذيب". وحضت المسؤولين السوريين على اجراء اصلاحات تتيح الحفاظ على الاستقرار في سوريا والمنطقة من خلال "توقف القمع والاعتقالات التعسفية". واضاف: "يجب ان يعود الجيش الى الثكن، وان يفرج عن سجناء الرأي، ويجب البدء بحوار سياسي حقيقي واجراء اصلاحات فعلية تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب السوري. ولا بد من هذه التدابير للحفاظ على الاستقرار في سوريا وفي المنطقة".
دعوة الى التظاهر في غضون ذلك، تجددت الدعوة الى التظاهر في يوم "جمعة ازادي" وازادي تعني الحرية بالكردية. وشدد النص الذي أوردته صفحة "الثورة السورية" في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" على سلمية التظاهرة، لكنه قال: "لن نتساهل مع الامن والشبيحة ولن نسمح لهم بالاعتقالات وسنكون شوكة في حناجرهم... بكرة يوم مختلف، يوم تتجلى فيه عبارة الشعب السوري واحد، يوم هتافه حوران تنادي ازادي وعفرين ترد حرية، الدير تنادي ازادي قامشلي ترد حرية، وحمص تصيح ازادي وكوباني ترد حرية". وكوباني هي منطقة راس العين الكردية في شمال شرق البلاد.
الاعتقالات والقتلى وأفاد ناشط حقوقي ان "مديرية الصحة في درعا دعت سكان المدينة الى التعرف على المفقودين منهم من خلال 37 صورة اخذت لجثامين مجهولة الهوية" لاشخاص قتلوا منذ دخول الجيش المدينة في 25 نيسان. وقال: "جرى اليوم (امس) تسليم جثمان احد القتلى الى ذويه بعدما تم التعرف عليه من خلال هذه الصور". وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن "استمرار حملات الاعتقال في مدن سورية عدة منها حمص والرقة ودير الزور واللاذقية وفي مكان اعتقال احد قادة الاحتجاجات في بانياس انس عيروط حيث جرت حملات واعتقالات عدة". وذكر انه "لا يزال مصير بعض المعتقلين مجهولا على رغم مضي 20 يوما على اختفائهم".
وأوضح ان "الاشخاص الذين اعتقلوا في مدينة البيضة وظهروا على شريط فيديو وهم يتعرضون للاهانة، اعتقلوا من جديد بعدما اخلي سبيلهم وتعرضوا للتعذيب". واضاف: "جرت في مدينة نوى عمليات امنية أمس (الاربعاء) وصباح اليوم (الخميس) حيث جرت عمليات دهم واعتقالات طاولت العشرات"، مشيرا الى "عدم وجود عسكري حتى الان" في هذه المدينة. واكدت الصحافية في قناة "الجزيرة" دوروثي بارفيز اثر وصولها الاربعاء من طهران الى الدوحة بعد 19 يوما من اختفائها في سوريا، انها شاهدت لدى اعتقالها في سوريا عمليات تعذيب شديد و"ضرب مبرح ليلاً ونهاراً وانتهاكات وخطف لمواطنين سوريين. وقالت في تصريحات لـ"الجزيرة" ان معاملة السوريين "لي لم تكن سيئة ولكن ما يثير قلقي كيف كان السوريون يعاملون. فقد كانوا يتعرضون لضرب مبرح ليلا ونهارا وكانت هناك شابات خائفات وتم اخذهن من الشارع وجيء بهن وهن لم يدرين لماذا".
الانسحاب من تلكلخ وأكد شاهد ان القوات السورية بدأت امس الانسحاب من بلدة تلكلخ التي تقع قرب الحدود اللبنانية وشهدت احتجاجات تطالب بالديموقراطية في الاونة الاخيرة. وقال الشاهد وهو من المقيمين في البلدة ولم يشأ ذكر اسمه ان اوتوبيسات تنقل الجنود وناقلات جند مدرعة غادرت البلدة متوجهة شمالا نحو الظهر. واضاف ان الجيش انسحب الي حد بعيد ولا شرطة امن في الشوارع، لكنها لا تزال موجودة في مقرها وحوله بعيدا من وسط البلدة ولا لاتزال تحتل المستشفى الرئيسي. ويذكر ان درعا كانت مهد التظاهرات المطالبة بالإصلاح التي تشهدها مدن سورية عدة منذ أكثر من شهرين، والتي سقط فيها مئات القتلى والجرحى، فيما اتهمت السلطات السورية مجموعات مسلحة مرتبطة بجهات خارجية بإطلاق النار على المتظاهرين وقوى الأمن. و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ
|