التاريخ: تموز ٣٠, ٢٠١٣
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
وقائع انقلاب على الثورة لا على "الاخوان" - الطاهر ابراهيم
السيد ياسين الذي كتب مقالا نشرته "قضايا النهار" في 19 تموز الجاري تحت عنوان، "مصر: حوار تفاعلي حول الانقلاب والثورة"، لم يستطع أن يبرهن فيه على صحة ادعاءاته التي ملأ بها المقال، لأنه لم ينضبط مع القاعدة الأصولية التي تقول: "إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل".
 
يقول الأستاذ ياسين: "الشرعية السياسية كما تقدمها أدبيات علم السياسة هي رضاء المحكومين عن نظام الحكم السائد. فإذا انحسر هذا الرضاء نتيجة للأخطاء الجسيمة لنظام الحكم أو للحاكم أياً كان، فلابد أن تسقط شرعيته". وهو يدعو إلى الشرعية السياسية التي ليس لها ضابط يضبط إيقاعها، إلا ما يزعم من رضا المحكومين، وهذه يصعب قياسها في بلد مثل مصر ليس فيها استطلاعات رأي حيادية، حيث يدّعي كل فريق - الإخوان وخصومهم- أن الشرعية معه.

كما يعرّض ياسين بنسبة نجاح ضعيفة لمرسي: "مفهوم الشرعية الدستورية يحتاج إلى مراجعة جذرية، وإلا أصبح من حق أي حزب سياسي حصل على الأكثرية في الانتخابات أن يمارس ما يعرف بديكتاتورية الغالبية". لكن أليست الديموقراطية هي الفوز بالغالبية حتى لوكانت 51.6% من الأصوات كما حصل مع مرسي؟ فالرئيس جورج بوش فاز في ولايته الأولى بزيادة 10 آلاف صوت على خصمه آل غور في ولاية فلوريدا. وقد خوله ذلك النجاح أن يخوض حربين عالميتين في أفغانستان والعراق.

ويعيب السيد ياسين على مرسي أنه: "أصدر عديداً من التشريعات المعيبة التي ألغتها المحاكم، وأخطر من ذلك أنه أصدر الإعلان الدستوري الذي منح فيه نفسه سلطات مطلقة". ولا بد من وقفة معمقة مع هذا الاتهام، لنرى هل هو ضد مرسي أو معه. فالكاتب يقر بأن المحاكم ألغت هذه التشريعات المعيبة حسب زعمه. فلوكان مرسي مستبدا كما زعم السيد ياسين لألغى حكم المحكمة. وكم تمنينا على السيد ياسين أن ينوه باعتراضه على الفريق عبد الفتاح السيسي، الذي عيَّن رئيسا مؤقتا وأعطاه الحق بأن يصدر إعلانات دستورية يحكم بها مصر، من دون تفويض شعبي من خلال صناديق الاقتراع.

كما يعاب على السيد ياسين انتقاده الإخوان المسلمين بالعنف من دون أدلة، قال: إن "الجماهير الثائرة والرافضة لحكم الإخوان المستبد وأعضاء الجماعة الذين خرجوا يمارسون العنف باسم الدفاع عن الشرعية". لكن ما رآه الشعب المصري أن الذين خرجوا في30 حزيران ضد حكم الإخوان المسلمين قاموا بحرق عشرات المقرات لحزب الحرية والعدالة في القاهرة وحدها، وقتلوا بعض من كان يحرس تلك المقرات.

والصحيح أنه لم يسجل على أي من قادة الإخوان أنه حرض على القوات المسلحة، كما زعم السيد ياسين. ما فعلوه أنهم انتقدوا الفريق عبد الفتاح السيسي، لأنه ألغى الدستور وحل مجلس الشورى واعتقل الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب واعتقل المئات من قادتها دون إذن القضاء المدني.

هنا لا بد لنا من كلمة تقال حول من يملك الأكثرية الحقيقية في مصر؟ إن ما تزعمه وسائل الإعلام المنحازة لتقليل حجم جماعة الإخوان المسلمين ومناصريهم في مصر بعيد كل البعد عن الحقيقة. فحتى الآن أثبت الإخوان المسلمون أنهم يملكون أكثرية حقيقية عبر صناديق الاقتراع التي تعتبر مقياسا حقيقيا لشعبية أي حزب أو جماعة. كما اتضح الآن أن معارضي الرئيس محمد مرسي قاموا بتحريض الجيش على الانقلاب ضد مرسي بعد أن تبين لهؤلاء أن الانتخابات النيابية أضحت على الأبواب وأن المحكمة الدستورية أصبحت مضطرة للموافقة على قانون الانتخاب، بعد أن استنفد خصوم الإخوان كل أسباب التعطيل عبر المحاكم.

وإلا، لو كانت المعارضة المصرية تملك الأكثرية في الشارع كما زعم الذين أخذوا تواقيع 22 مليون مصري يؤيدون رحيل محمد مرسي، فما على هذه المعارضة إلا انتظار شهرين ليقوم الـ 22 مليون مصري بانتخاب نواب للمعارضة يستلمون الحكم سلما دون انقلاب. فقد أعطى الدستور المستفتى عليه حق اختيار الحكومة للحزب الذي ينال الأكثرية في مجلس النواب.
 
عضو تنظيم الاخوان المسلمين السوريين
 
(أجزاء من مقالة اطول)