مضى النظام المصري أمس في خطواته الرامية الى احتواء الانتفاضة الشعبية المستمرة وتبديد الغضب الشعبي، معلناً اقرار الحكومة الجديدة في أولى جلساتها زيادة في الرواتب نسبتها 15 في المئة لموظفي الدولة، بعد تعهدات سابقة للتحقيق في تزوير انتخابي وفساد الى جانب اصلاحات أخرى. كما أكد اطلاق وائل غنيم ، مدير التسويق لشركة "غوغل" الذي كان من المنظمين للاحتجاجات واعتقله رجال الامن المصري في 28 كانون الثاني الماضي. ومع اخفاق الحوار الذي بدأ مع قوى معارضة تطالب بتنحي الرئيس حسني مبارك في احراز أي تقدم ملموس، منع المعتصمون في ميدان التحرير الجيش من فتح أهم مجمع حكومي في المكان، رافضين بذلك عودة الحياة الطبيعية الى هذا الشريان الحيوي في قلب القاهرة الذي يحتلون جواره منذ اسبوعين، وارجأت بورصة القاهرة فتح ابوابها حتى الاثنين المقبل، في ما اعتبر نكسة لمحاولات اعادة الحياة الى طبيعتها.
وعقد الرئيس المصري اجتماعاً مع نائبه اللواء عمر سليمان ورئيس مجلس الشعب فتحي سرور والمستشار سري صيام رئيس محكمة النقض. ولم توضح وكالة أنباء الشرق الاوسط، التي أوردت الخبر، ما دار في الاجتماع، ولكن يتوقع أن يكون المجتمعون بحثوا في مسألة الدعاوى القضائية المقامة أمام محكمة النقض والتي يمكن أن تبطل النتائج الاخيرة لانتخابات مجلس الشعب في 159 دائرة.
وكان النظر في تلك الدعاوى وتنفيذ الأحكام التي ستصدر فيها من تنازلات عدة قدمتها الحكومة، قائلة إنها تمثل استجابة لمطالب رفعت مع بدء الاحتجاجات. وأفادت الوكالة لاحقا أن مبارك رأس اجتماعاً آخر موسعاً ضم سليمان وسرور ورئيس مجلس الوزراء أحمد شفيق ورئيس مجلس الشورى صفوت الشريف ووزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير حسين طنطاوي ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط ووزير الداخلية محمود وجدي ومدير المخابرات العامة مراد موافي ورئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي.
زيادة 15 % وتعويضات وفي اطار خطوات رامية الى استيعاب موجة الغضب في الشارع المصري، أعلن وزير المال سمير رضوان زيادة رواتب العاملين في اجهزة الدولة بنسبة 15 في المئة، على ان تسري الزيادة بدءا من الاول من نيسان المقبل، موضحاً أن هذه الزيادة "ستكلف الخزانة العامة نحو 6، 5 مليارات جنيه" (1، 1 مليار دولار). وقال انه تمت الموافقة ايضاً على "انشاء صندوق قيمته خمسة مليارات جنيه (850 مليون دولار) لصرف تعويضات لجميع المتضررين من اعمال السلب والنهب والتخريب التي تعرضت لها المنشآت التجارية والصناعية والسيارات اخيرا".
وعقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة الفريق احمد شفيق اقتصرت قراراتها على الشؤون الاقتصادية من غير ان تتطرق مباشرة الى الاحداث الاخيرة. وأبلغ الصحافيين بعد الجلسة أنه "تم تشكيل لجنة وزارية فاعلة ومؤثرة للمتابعة الدقيقة جدا لكل متغيرات الموقف الاقتصادي لكي نكون قادرين على مراجعة الامر أولا بأول". وعن العلاوة البالغة 15 %، قال إن هذا القرار يدل على "أننا نشعر بالناس ونقدر الظروف المعيشية التي يمرون بها".
وحاولت الحكومة إعادة الحياة الى طبيعتها عندما بدأ اسبوع العمل الأحد. وأعادت المصارف فتح أبوابها بعد اقفال استمر اسبوعاً، بينما ظلت المدارس مقفلة. وبات مصريون كثر، بمن فيهم من شارك في التظاهرات التي عمت البلاد الأسبوع الماضي، يأملون في عودة الحياة إلى طبيعتها ويشعرون بالقلق من أثر الأزمة على الاستقرار والاقتصاد وقطاع السياحة.
وفي اليوم الثاني من التعاملات، سجل الجنيه المصري أدنى مستوياته منذ ست سنوات. ويبدو أن مصارف الدولة تبيع الدولار لدعم الجنيه. وستظل البورصة مقفلة حتى الأحد المقبل نتيجة التوترات السياسية. الى ذلك، خفِّف منع التجول ساعة ليسري من الساعة 20:00 الى الساعة 6:00 (من الساعة 18:00 الى الساعة 4:00 بتوقيت غرينيتش).
ميدان التحرير وفي ميدان التحرير، روى شهود أن المتظاهرين خرجوا من الميدان واقاموا حاجزين بشريين على طرفي المدخل الخلفي للمجمع الحكومي مانعين الموظفين من دخوله. وحاول ضابط كبير ثني المعتصمين عن خطوتهم، الا انه لم ينجح، مع اصرار هؤلاء على الوقوف بين المدخل الخلفي للمجمع وافراد الجيش لمنع اي كان من الدخول. ووقف عشرات من الموظفين وراء أسلاك شائكة للجيش في انتظار تطور الوضع ومعرفة ما اذا كانوا سيتمكنون من دخول المجمع، قبل أن يعودوا أدراجهم. ويطل المدخل الرئيسي لهذا المجمع للدوائر الحكومية مباشرة على ميدان التحرير، وهو بحكم المقفل نتيجة انتشار المعتصمين في الميدان منذ نحو أسبوعين.
ومنذ الصباح، استعد بعض منظمي الاعتصام لمنع فتح الباب الخلفي للمجمع من غير ان يصطدموا بالجيش، لان هذا المدخل يقع خارج الطوق الامني المفروض حول الميدان. وخاطب أحد المنظمين بصوت عال المحتشدين على طرف الميدان: "نريد 20 شابا من غير الملتحين"، في اشارة الى الاسلاميين. ولما توجه اليه احد الملتحين محتجاً، شرح له أن هؤلاء الشبان سيقيمون حاجزاً بشريا بين مدخل المجمع الخلفي وافراد الجيش لمنع الدخول الى المجمع "والجيش لا يريد ملتحين ومن الافضل تجنب اي استفزاز"، فقبل الملتحي الامر على مضض.
الى ذلك، لا يزال المعتصمون يفترشون الارض حول الدبابات المنتشرة بين ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض قرب المتحف المصري لمنع الجيش من القيام بخطوتين يخشيانهما، اما التقدم في اتجاه الميدان وتاليا فتح قسم منه على الاقل امام حركة المرور، واما التقدم في اتجاه ميدان عبد المنعم رياض لازالة العوائق التي اقامها المعتصمون من اجل منع انصار مبارك من التقدم في اتجاه الميدان. وكان هذا المحور من الميدان شهد اشرس المواجهات بين الجانبين، وسقطت فيه غالبية ضحايا المعتصمين.
الحوار و"الاخوان" ودخل الاعتصام في ميدان التحرير يومه الرابع عشر غداة حوار بدأه اللواء عمر سليمان مع عدد من الاحزاب والشخصيات، وفي مقدمهم جماعة "الاخوان المسملين"، في مؤشر لتغيرات كبيرة أحدثتها انتفاضة هزت العالم العربي وأثارت قلق الغرب.
وتدعو المعارضة إلى إعادة كتابة الدستور من أجل السماح بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة ووضع حد للولاية الرئاسية وحل البرلمان وإطلاق السجناء السياسيين وإلغاء قانون الطوارئ. وبعد الجولة الاولى من المحادثات، أصدرت الحكومة بياناً جاء فيه ان ثمة اتفاقاً على "خريطة طريق" للمحادثات، واقترحت إجراء إصلاحات في ظل وجود مبارك في السلطة حتى أيلول بدل تنحيه، مما لا يأخذ في الاعتبار الكثير من مطالب المعارضة.
وبعدما قالت الجماعة الاحد إن ما قدمته السلطات حتى الان "غير كاف"، متوقعة أن يستغرق الحوار وقتا طويلاً، قال عضو مكتب الارشاد فيها عصام العريان أمس ان الجماعة تقوم الموقف، وانها ستعيد النظر في مسألة الحوار ككل وفقا للنتائج، لافتاً الى أن بعض مطالب "الجماعة" استجيب ولكن من دون رد على طلبها الأساسي المتعلق برحيل مبارك.
وائل غنيم على صعيد آخر، أفرج عن وائل غنيم الموظف المصري في عملاق الانترنت الاميركي "غوغل" الذي اعتقل خلال التظاهرات المطالبة باسقاط نظام مبارك. وكان وائل غنيم، مدير التسويق لـ "غوغل" في الشرق الاوسط وافريقيا، بحسب صفحته على شبكة "لينكدن" الاجتماعية، اختفى منذ تظاهرات "جمعة الغضب" في 28 كانون الثاني الماضي ولم يعرف عنه شيء مذذاك.
وأفاد مصدر أمني انه: "أفرج عنه وهو في طريقه الان الى ميدان التحرير"، مركز حركة الاحتجاج في القاهرة. وكانت منظمة العفو الدولية ابدت الاحد قلقها من احتمال تعرض غنيم للتعذيب في الحبس. ونقلت عن شهود ان رجال امن في زي مدني اعتقلوه خلال تظاهرات القاهرة.
العادلي في غضون ذلك، أفاد مصدر امني ان وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي مثل امام الادعاء العسكري وانه قد يواجه اتهامات بالتسبب بسحب قوى الامن من الشوارع خلال الانتفاضة، واصداره الاوامر باستخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين واطلاق السجناء من السجون. وبعد الاشتباكات مع المحتجين خلال تظاهرات حاشدة في 28 كانون الثاني، اختفت قوى الامن بصورة مفاجئة من شوارع مصر. وشهدت البلاد بعد ذلك عمليات سلب ونهب طوال أيام وفر سجناء كثر من السجون. كذلك مثل وزير الاسكان السابق احمد المغربي امام المدعين ليواجه اتهامات باهدار المال العام والاستيلاء على اراضي الدولة.
تفتيش الطرود الديبلوماسية وعلى خلفية الاحداث التي تشهدها مصر، باشرت سلطات الامن والجمارك في مطار القاهرة اخضاع الطرود البريدية الديبلوماسية للتفتيش بواسطة جهاز الكشف بالاشعة، في "اجراء احترازي لمنع دخول أية ممنوعات في هذه الشحنات والحقائب".
وكانت وزارة الخارجية المصرية اتهمت مساء الاحد من غير ان تسميهم ديبلوماسيين اجانب بمحاولة تمرير اسلحة الى البلاد. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية: "نلاحظ قيام عدد من السفارات الاجنبية في القاهرة بمحاولة تمرير بعض الاسلحة ومعدات الاتصالات من خلال الحقائب الديبلوماسية اعتماداً على مبدأ الحصانة الممنوح لتلك الحقائب، وذلك من دون الحصول على التصاريح اللازمة لذلك من السلطات المصرية". واضاف ان "السلطات المعنية تحتفظ بالحق في مصادرة اية اسلحة او معدات فنية قد يحتاج حملها في مصر الى تصريح".
وفي العريش، قررت النيابة في إشراف المستشار عبد الناصر التايب حبس خمسة أشخاص، بينهم فلسطينيان، 15 يوما بتهمة حيازة أسلحة وذخائر والشروع في أعمال تخريبية تهدد أمن البلاد. (و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ، ي ب أ)
ألمانيا توقف صادرات الأسلحة إلى مصر والأطلسي يتوقّع تأثر الاقتصاد الأوروبي
بينما قررت وزارة الاقتصاد الألمانية وقف صادرات الأسلحة إلى مصر على خلفية الاعتراض على تعامل السلطات مع التحركات الشعبية المطالبة بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك، رأى الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن ان الاضطرابات في بلدان مثل تونس ومصر يمكن ان يكون لها تأثير اقتصادي على أوروبا، كما ان عدم الاستقرار في العالم العربي ينعكس سلباً على عملية السلام في الشرق الأوسط.
وجاء في بيان أصدرته وزارة الاقتصاد الألمانية انه "نظراً إلى الوضع الحالي في مصر، تم تعطيل هذه الطلبات الآن. وتفحص وزارة الاقتصاد ايضا التراخيص التي منحت قبل ذلك". وأفادت الوزارة، وهي المسؤولة عن الموافقة على جميع صادرات الأسلحة، أن ألمانيا باعت مصر أسلحة قيمتها 22 مليون أورو (30 مليون دولار) عام 2010 و77,5 مليون أورو عام 2009. وتضمنت تلك الأسلحة مدافع رشاشة تستخدمها الشرطة.
وفي بروكسيل، قال راسموسن، وهو رئيس وزراء سابق للدانمارك، إن الاضطرابات في مصر ودول أخرى في شمال افريقيا والشرق الاوسط لا تمثل تهديداً مباشراً للأعضاء الـ28 في الحلف. ولكن "قد يكون لذلك تأثير سلبي في المنظور الطويل المدى على الاقتصادات، وهو ما قد يؤدي الى هجرة غير شرعية الى اوروبا. لذلك قد يكون هناك تأثير سلبي غير مباشر على أوروبا سببه تطور الوضع في الشرق الاوسط".
وأكد ان لا نية للحلف للتدخل في شؤون مصر وتونس اللتين يرتبط معهما بعلاقات وثيقة، ولكن "نستطيع داخل الحلف التحدث في كل المواضيع التي قد تهم حليفاً أو آخر بما في ذلك مصر وشمال افريقيا"، بما ان "الدول المعنية هي شريكة لنا في اطار الحوار المتوسطي، من الطبيعي ان نتابع باهتمام بالغ الوضع في مصر وبلدان اخرى". ولفت إلى ان "عدم الاستقرار الناجم عن الأحداث الحالية قد يؤثر سلباً على السلام في المنطقة"، مع العلم ان "حلف شمال الاطلسي لا يقوم بأي دور فاعل في عملية السلام او في مسار الاحداث في الشرق الاوسط وشمال افريقيا".
وأعلن وزير الخارجية الكندي لورنس كينون في بيان ان بلاده "تدعم الشعب المصري في سعيه الى القيام بعملية انتقالية سلمية وديموقراطية"، وقد "أخذنا علماً بالمحادثات التي بدأت بين الحكومة المصرية وأحزاب المعارضة". ولاحظ ان المجتمع المصري يقوم "بعملية انتقالية حيوية نحو نظام اكثر ديموقراطية"، و"هذه العملية الانتقالية يجب ان تتم بالنظام وان تحكمها مبادئ مثل عدم العنف واعلاء شأن القانون واحترام حقوق الفرد وخصوصاً حقوق الأقليات الدينية. ونتوقع ان تحترم أية حكومة ستشكل نتيجة هذه المحادثات التزام مصر في ما يتعلق بالقانون الدولي وكذلك احترام جميع اتفاقات السلام الموقعة في الماضي بما في ذلك مع اسرائيل".
وأمل مجلس الوزراء السعودي ان "تحل الأمور في مصر بالطرق السلمية بما يحفظ استقرار هذا البلد وأمنه، ولا يؤثر سلباً على اقتصاده لمواصلة القيام بدوره التاريخي في الوطن العربي والإسلامي وعلى الساحة الدولية".
وأكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري حرص الحكومة العراقية على أمن مصر واستقرارها، مع التأكيد ان القيادة المصرية والشعب المصري هما صاحبا القرار في الشؤون الداخلية. (و ص ف، رويترز، أ ب)
محادثات مع مستشفى ألماني لاستضافة مبارك ! هل يسافر الرئيس المصري حسني مبارك الى المانيا مريضا، في اطار مخرج مشرف يحفظ ماء الوجه لرجل حكم بلاده 30 سنة؟ ففي معلومات لمجلة "در شبيغل" الالمانية أن ثمة خططاً جدية لامكان مكوثه في مستشفى فخم قرب باد - بادن. وقالت إن سيناريو الحكومة الاميركية لانهاء الفوضى السياسية في مصر ينص على أن يسافر مبارك "لاجراء فحوص طبية طويلة" توفر له رحيلاً مشرفاً، علماً أن صحيفة "النيويورك تايمس" نشرت السبت أن الإدارة الأميركية وبعض قادة الجيش المصري يسعون الى إخراج مبارك من السلطة بهدوء، ويبحثون في سيناريوات عدة، بينها نقله إلى ألمانيا في إجازة طبية تجرى له خلالها فحوص طويلة.
ويبدو أن هذه الخطط جدية أكثر مما اعتُقد سابقاً، وأن محادثات أجريت مع مستشفيات عدة، وتحديداً مستشفى ماكس – غراندينغ في بول الواقعة في جنوب غرب البلاد قرب بادن – بادن. ويتمتع هذا المستشفى بشهرة واسعة، وهو يضم قسماً للاورام، ويقدم "رعاية طبية من الدرجة الاولى" و"خدمات تقدمها أفضل الفنادق". وينزل المرضى في أجنحة تصل مساحتها الى 200 متر مربع. وسبق للرئيس الاوكراني السابق فيكتور يوشنكو ووزير الاقتصاد الروسي السابق جرمان غرف أن عولجا هناك. وكانت شائعات سرت عن أن مبارك مصاب بالسرطان. وفي ربيع العام الماضي، أجريت له جراحة لاستئصال المرارة وورم في الغشاء المخاطي للأمعاء في مستشفى هايدلبرغ الجامعي. (عن "در شبيغل")
|