القاهرة - أحمد مصطفى حسم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجدل في شأن إرجاء الانتخابات التشريعية، معلناً رفضه اللجوء إلى تلك الخطوة «لعدم جدواها». وشدد على ضرورة تنفيذ مواد الدستور الذي يلزم بإجراء التشريعيات باعتبارها المحطة الأخيرة في «خربطة المستقبل» التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وجاءت تصريحات السيسي بعد ساعات من حضوره عرضاً عسكرياً لقوات التدخل السريع، لمح خلاله بإمكان التدخل العسكري خارجياً «للحفاظ على الأمن المصري والعربي». وطالب الجيش بـ «الحفاظ على القدرات القتالية والقدرة على تنفيذ كل المهام براً وبحراً وجواً للحفاظ على الأمن القومي المصري والعربي، وحماية حدود الوطن والدفاع عنه ضد أي اعتداء، والدفع في أي مكان إذا ما اقتضى الموقف».
وكان السيسي رفض خلال كلمة وجهها خلال حضوره احتفالاً بـ «عيد الفلاح» أمس، مطالباً بالاستفتاء على إرجاء الاستحقاق التشريعي، قائلاً إن «مبررات الإرجاء غير منطقية، وإن كان بعضهم يستند إلى وجود خلافات قد تستمر، وهو أمر لا يعني التأجيل، ولا داعي للاستفتاءات نحن لدينا دستور ولا بد من احترامه».
لكن الرجل الذي تترقب الأوساط السياسية إصداره قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، لم يحسم موعد إجراء الاقتراع، معتبراً أن «من الممكن إجراء الانتخابات البرلمانية غداً أو بعد شهر أو شهرين». لكنه شدد على «الحاجة إلى الوعي لاختيار من يمثلون الشعب، ومن الضروري تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية من خلال التوسع في إقامة المؤتمرات التي تحقق هذا الهدف... اختاروا جيداً لأن نجاحنا يرتبط بنجاح البسطاء، وانتخبوا من ستسلمونهم مستقبل أولادكم وأحفادكم».
وتأتي تصريحات السيسي في وقت أكدت اللجنة المشرفة على الانتخابات التشريعية أنها تباشر «جهوداً مكثفة لإعداد الإجراءات والاستعدادات والترتيبات اللازمة كافة للاقتراع المرتقب، تمهيداً للسير في إجراءاتها». ونفى الناطق باسم اللجنة القاضي مدحت إدريس اتهامات بالعمل على إرجاء التشريعيات. وقال: «نواصل العمل الدؤوب وتنفيذ المهام التي أوكلت إلينا لإجراء تلك الانتخابات».
وأوضح أن «اللجنة تعد حالياً اللائحة التنفيذية لقانون مباشرة الحقوق السياسية، واللائحة المنظمة لعمل اللجنة والأمانة العامة واللجان المنصوص عليها في القانون، وتحديث وتعديل وتنقية قاعدة بيانات الناخبين، ووضع مشاريع مقترحة لمواعيد الانتخابات وجدول زمني لها، ووضع جميع قواعد وإجراءات سير العملية الانتخابية بما يضمن سلامة الإجراءات ونزاهتها، ووضع ضوابط للانتقال إلى التصويت الآلي ونظام للترخيص لمنظمات المجتمع المدني المحلية والجهات الأجنبية والدولية ووسائل الإعلام لمتابعة سير العملية الانتخابية».
وأضاف أن اللجنة منخرطة أيضاً في «تشكيل اللجان العامة والفرعية التي ستشرف على الاقتراع من القضاة والأمناء وإصدار القرارات اللازمة لحفظ النظام أثناء الانتخابات، ووضع قواعد تنظيم عملية الاقتراع والفرز واحتساب النتائج، سواء داخل البلاد أو خارجها». وقال إن خبراء مستقلين في مجال الإعلام سيتابعون يومياً كل ما يذاع في وسائل الإعلام، «للتصرف في ما ينشر بالمخالفة للضوابط والأصول المهنية».
وكان السيسي سعى إلى طمأنة معارضيه إلى أنه لن يستمر في الحكم «20 عاماً لأنه يجب أن نعطي الفرصة للجميع». ووفقاً للدستور، يحق للسيسي خوض الانتخابات لدورتين فقط (8 سنوات). لكن بعض أنصاره يطالب بإجراء تعديلات على الدستور تتيح صلاحيات أكبر للرئيس.
وتطرق إلى الوضع الاقتصادي، داعياً المصريين إلى «الصبر سنتين اعملوا (خلالهما) معي، وحاسبوني بعدها». وشكرهم على «الإقبال المنقطع النظير على شراء شهادات استثمار قناة السويس» التي انتهى بيعها الأحد الماضي بحصيلة 64 بليون جنيه. وقال: «أريد أن أقول لكل المصريين شكراً وأوجه إليهم الاحترام والتحية لأنهم أنجزوا في 8 أيام ما قدر خبراء الاقتصاد حدوثه في شهرين على الأقل. لو فتحنا (المجال) للشركات لتدخل في شهادات الاستثمار لمشروع قناة السويس كنا غطينا التمويل في يوم، وكل مرة أراهن على المصريين أكسب جداً. نحن نتكلم عن ثلاثة شهور (فترة حكمه) وليس 3 سنين أو 10 سنين. حدث هذا مع نزول كل المصريين للاستفتاء على الدستور أو مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية على رغم الإرهاب».
وأضاف أن «مشاكلنا كثيرة، ولا بد من أن نبقى كتلة واحدة لأجل مصر. أعرف هذه المشاكل كلها... مشكلة مصر في كثرة العوز لأن الغلب (الفقر) قتل الناس، نحن نبحث عن حلول لهذه المشاكل، لكن المشكلة التي تواجهنا هي تدقيق البيانات لوضع الحلول الصحيحة لها، لأن هناك إرادة للتغيير للأفضل هي إرادة كل المصريين ويجب أن نتسلح بالأمل والعمل والإصلاح في كل المجالات، ومشاكل مصر لن تحل في قعدة (اجتماع) ولكن المشكلة الأكبر أن تظل مصر مصراً». ورأى أن «الشعب قادر على مواجهة المشاكل وأراهن عليه. دائماً أكسب عندما أراهن على الشعب، ونعمل حالياً على تشكيل وعي حقيقي وإدراك لكل المشاكل التي نعاني منها».
وتطرق السيسي إلى مشروع استصلاح ملايين الأفدنة، مشيراً إلى إن «الكلفة الاستثمارية لمشروع استصلاح مليون فدان جديدة تصل إلى 150 بليون جنيه لاستيعاب 500 ألف نسمة، والمشروع لا يقتصر على النشاط الزراعي، ولكن يمتد ليشمل إقامة مشاريع للتصنيع الزراعي والإسكان والصحة، إضافة إلى المشاريع الخدمية الأخرى التي تستهدف نقل الكثافة السكانية خارج الدلتا والوادي».
وطالب الفلاحين بـ «المشاركة في المشروع كما حدث في مشروع قناة السويس وإصلاح المعادلة بأن يتم استصلاح 4 ملايين فدان بتحسين المناخ الذي يعتمد على البحوث الزراعية التي لا يستفيد منها القطاع الزراعي حالياً بالدرجة المطلوبة»، مشيراً إلى «أهمية تنفيذ مشروع تطوير الري الحقلي في الأراضي القديمة لزيادة مساحات أراضي الدلتا 450 ألف فدان».
وكان السيسي بدأ يومه أمس في حضور عرض عسكري لقوات التدخل السريع المحمولة جواً ذات التشكيل الخاص التي شكلها في أيامه الأخيرة في وزارة الدفاع، مشدداً على أن «أمن مصر واستقرارها في الاحتفاظ بقوات مسلحة قوية وعصرية وقادرة على تنفيذ المهام كافة براً وبحراً وجواً للحفاظ على الأمن القومي المصري والعربي». وأشاد بـ «مستوى الكفاءة والاستعداد الجاد لوحدات الجيش وتشكيلاته الذي يبعث على الثقة والاطمئنان في نفوس الجميع»، مشدداً على ضرورة «أن تبنى معدلات الأداء لوحدات التدخل السريع على أسس من القوة والقدرة والكفاءة والسرعة لتلبية نداء الوطن وحماية حدوده والدفاع عنه ضد أي اعتداء والدفع في أي مكان إذا ما اقتضى الموقف».وحيا «جهود قوات الجيش والشرطة من أجل حماية الشعب»، معتبراً أن «مصر تحتاج إلى جهود أبنائها المخلصين وعطائهم لوطنهم بكل الإخلاص والأمانة، والقوات المسلحة ستظل دائماً في طليعة قوى الدولة ومؤسساتها الفاعلة في القطاعات كافة». وطالب الشعب بـ «الإدراك والفهم الدقيق لكل ما يحيط بمصر والمنطقة من أخطار وتهديدات تلقي بظلالها على الأمن والاستقرار».
وأضاف: «يجب الانتباه إلى بلدنا وأن نحافظ عليه ليس من أجلنا فقط، وإنما من أجل مستقبل الأجيال المقبلة. نحن نسابق الزمن من أجل بناء وطننا، ونثق بأننا منصورون بفضل الله وتأييده لأننا نسعى إلى البناء والتعمير والإصلاح».
|