الأحد ١٣ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: أيلول ٢١, ٢٠١٤
المصدر : جريدة الحياة
اليمن
تضاؤل فرص الحل السلمي ... وصنعاء تستعد لـ «الانفجار الكبير»
ينذر تصاعد الأحداث المتسارعة في صنعاء بتضاؤل فرص الحل السلمي مع جماعة الحوثيين إيذاناً بالوصول إلى مرحلة «الانفجار الكبير» إذ اشتدت أمس المواجهات العنيفة في الأحياء الشمالية والشمالية الغربية لصنعاء بين مسلحي الجماعة وقوات الجيش وامتدت لاحقاً إلى جنوبها مخلفة عشرات القتلى والجرحى.

واستخدمت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وتساقطت القذائف أمس فوق مبنى التلفزيون الحكومي وجامعة صنعاء، وقصف الطيران الحربي مواقع للجماعة في محافظة مأرب (شرق صنعاء)، في حين استمر توقف الطيران المدني وأعلنت السلطات تعليق العمل في المنشآت التعليمية على رغم الأنباء عن قرب التوقيع على اتفاق يرعاه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر يتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار.

ويطوق آلاف المسلحين الحوثيين العاصمة صنعاء منذ أكثر من شهر للمطالبة بإسقاط الحكومة وإلغاء الزيادة في أسعار الوقود وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإشراكهم في القرار السياسي، في حين يعتقد مراقبون أنهم «يستغلون هذه المطالب ويناورون حولها كسباً للوقت ولتنفيذ مخططهم الرامي إلى إسقاط صنعاء بالقوة وفرض واقع جديد على مسار العملية الانتقالية برمتها.

وشملت مواجهات أمس أحياء شملان والنهضة والجراف وصوفان ومذبح وشارع الثلاثين، كما امتدت إلى قرب مبنى وزارة الداخلية في ظل هجوم مستميت للمسلحين الحوثيين للسيطرة على جامعة «الإيمان» ومبنى التلفزيون ومنازل خصومهم القبليين من آل الأحمر ومقر ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرعة حيث لا تزال تتمركز وحدات من الجيش تتبع للمنطقة العسكرية السادسة.

وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من أكثر من مكان، وسقطت قذائف في حرم جامعة صنعاء ما دفع إدارتها إلى إعلان وقف الدراسة حتى إشعار آخر، وكذلك أعلنت وزارة التربية تعليق العمل في المدارس الحكومية بسبب تصاعد المواجهات.

وقدرت مصادر عسكرية وطبية سقوط أكثر من سبعين قتيلاً على الأقل من مسلحين ومدنيين وجنود جراء مواجهات أمس، بينما أفادت المصادر بسقوط قذيفة على مستشفى «آزال» الأهلي المقابل لمقر الفرقة الأولى مدرع (سابقاً) ما أدى إلى قتل شخص على الأقل وإصابة أربعة آخرين.

وتواصلت عملية نزوح السكان من الأحياء التي تحتدم فيها المواجهات في شمال صنعاء وشمالها الغربي إلى مناطق أخرى مع بقاء الآلاف محاصرين داخل منازلهم في ظل إغلاق الطرقات وعدم السماح بوصول فرق الإسعاف، وفيما سمع تحليق الطيران الحربي في سماء صنعاء أفادت مصادر قبلية لـ «الحياة» بأنه نفذ ضربات جوية استهدفت تجمعات لمسلحين حوثيين في مديرية القراميش في محافظة مأرب (شرق صنعاء) من دون أن تتسنى معرفة حجم القتلى».

وعلى رغم تسارع الأحداث وخطورتها لا يزال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يراهن على مخرج سلمي يجنب البلاد الدخول في حرب شاملة، إذ استنفر أمس كبار القادة في حزبه المؤتمر الشعبي الذي بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح أملاً في دعم الحزب موقفه إزاء التصعيد الحوثي.

وأفادت مصادر رئاسية لـ «الحياة»، بأن هادي وافق أمس على شروط الحوثيين التي حملها المبعوث الأممي بنعمر من صعدة بعد ثلاثة أيام من التفاوض مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وهو ما يعني إمكان التوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق يتم التوقيع عليه لإنهاء الأزمة القائمة، شريطة عدم ظهور أي تطورات تنجم جراء الأحداث المتصاعدة على الأرض.

وهاجم هادي خلال اجتماعه أمس باللجنة العامة للحزب جماعة الحوثيين وقال «إن وصول مليشيات الحوثي المسلحة إلى صنعاء واحتلال وتدمير بعض المنازل والمرافق الحكومية ومحاولة محاصرة المعسكرات والمخيمات المسلحة (...) عمل لا مبرر له وإنما هو هروب من مستحقات الخروج الآمن باليمن إلى بر الأمان وعدوان على العاصمة التي تمثل اليمن كله».

واستعرض هادي في اللقاء الجهود التي بذلت لإنهاء الأزمة مع الحوثيين طيلة الأسابيع الماضية معبراً عن استيائه من تعنتهم، وأشار إلى أن كل «المفاوضات والمحادثات واللقاءات والاتصالات» معهم «لم تأت بجديد» بما في ذلك جهود اللجنة الرئاسية الوطنية التي كان أوفدها إلى صعدة في الجولة الأولى للمفاوضات والتي عادت على حد قوله «بخفي حنين».

وفي حين تتزايد الضغوط على الرئيس اليمني «لإعلان النفير العام وفتح باب التجنيد الطوعي لإسناد الجيش في مهمة الدفاع عن صنعاء، وكان آخرها دعوات «هيئة الاصطفاف الوطني» التي كانت تشكلت من قوى وتيارات مختلفة لدعم الحكومة، يُشدد هادي على ضرورة التوصل إلى حل سلمي ويؤمل أن تثمر جهود بنعمر لإنقاذ العملية الانتقالية من الانهيار.

وكشفت مصادر حكومية عن أن صيغة الاتفاق النهائية التي يعدها بنعمر للتوقيع تتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية وخفضاً جزئياً في سعر الوقود، مقابل انسحاب المسلحين الحوثيين المحاصرين لصنعاء بمجرد سريان الاتفاق، وإزالة الاعتصامات المرابطة في شارع المطار عقب الانتهاء من تشكيل الحكومة.

مبعوث أممي: اتفاق بين الحوثيين والحكومة اليمنية
أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص في اليمن جمال بن عمر أنه "تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين (أنصار الله)".

وقال بن عمر إنه "بعد مشاورات مكثفة مع جميع الأطراف السياسية، بما فيها "أنصار الله"، تم التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة الحالية في اليمن، بناءً على مُخرجات مؤتمر الحوار الوطني". وأضاف بن عمر أن "التحضير جار لترتيبات توقيع الاتفاق"، مشيراً إلى أن "الاتفاق سيشكل وثيقة وطنية تدفع بمسيرة التغيير السلمي، وترسّخ مبدأ الشراكة الوطنية والأمن والاستقرار في البلاد". ولفت المبعوث الأممي إلى أن "اليمنيين عانوا طويلاً من العنف والاقتتال"، مبدياً أسفه "لاستمرار إراقة الدماء، خصوصاً بعد التوافق على مُخرجات تاريخية في مؤتمر الحوار الوطني". وأكد بن عمر أن "الوقت حان الآن لتجاوز المصالح الضيقة، وتغليب المصلحة العليا، والعمل بمسؤولية على تنفيذ مُخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وبناء الدولة الجديدة، التي توافق عليها اليمنيون".

وكانت اللجنة الأمنية العليا فرضت حظراً للتجول في أحياء عدة من العاصمة اليمنية صنعاء أمس السبت، على إثر المعارك والإشتباكات التي تشهدها العاصمة.

وبدت الحياة مشلولة، السبت، في صنعاء، إذ خلت الشوارع وأُغلقت الجامعات والمدارس والمتاجر وعُلّقت الرحلات الجوية الدولية، بسبب استمرار المعارك الدامية بين المسلحين والجيش اليمني، رغم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى هدنة.

ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور وصفه هجوم الحوثيين في صنعاء، بأنه "محاولة إنقلاب".

قصف التلفزيون وشلّ مطار صنعاء... واتهامات باستقدام «داعشيين»
آخر تحديث: السبت، 20 سبتمبر/ أيلول 2014 (09:50 - بتوقيت غرينتش) صنعاء - «الحياة» 

أفاقت صنعاء أمس على آثار ليلة دموية خلفها جنوح جماعة الحوثيين إلى التصعيد المسلح، إذ حاولوا اجتياح الأحياء الشمالية والشمالية الغربية من العاصمة، وقصفوا مبنى التلفزيون الحكومي وهاجموا حواجز للجيش وقوى الأمن كما سيطروا على عدد من مراكز الشرطة وأطبقوا الحصار على المطار ما أدى إلى توقف حركة الطيران المدني، في ظل عزلة العاصمة، نتيجة انقطاع تام لشبكات الهاتف الخليوي وخدمة الإنترنت. وأتهم الحوثيون مراكز نفوذ باستقدام «داعشيين» لاشاعة الفوضى. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» عن سقوط 120 قتيلاً في العاصمة اليمنية خلال المواجهات العنيفة التي تواصلت ليومين.

وفيما وصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تصعيد الحوثيين بأنه «محاولات انقلابية لإسقاط الدولة»، واصل مستشار الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر أمس، المفاوضات لليوم الثالث على التوالي مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في صعدة، معقل جماعة الحوثيين، وسط أنباء عن توصله إلى مسودة اتفاق من المقرر أن يوقع عليها كل الأطراف السياسية بمجرد عودته المرتقبة إلى صنعاء.

وسيطرت أجواء من الرعب على سكان العاصمة بالتزامن مع حركة نزوح متواصلة، مع اشتداد القصف ليل الخميس وصباح أمس في أحياء الجراف والتلفزيون، وفي محيط جامعة الإيمان وشارع الثلاثين، إذا استخدمت الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقذائف «هاون» ومدفعية، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى.

وتوقف بث التلفزيون الحكومي بعدما طاولت مبناه قذائف مصدرها الحوثيون، ثم عاود البث مجدداً، كما توقفت خدمات الهاتف الخليوي والإنترنت حتى ظهر أمس. وتصدت قوات الجيش للزحف الحوثي وأجبرت المسلحين على التراجع إلى حي شملان شمال غربي العاصمة، وشهد نهار أمس اشتباكات متقطعة في محيط التلفزيون والأحياء المجاورة لجامعة «الإيمان».

وروى شهود لـ «الحياة»، أن «المسلحين الحوثيين الذين يطوقون صنعاء من كل مداخلها منذ نحو شهر، سيطروا ليل الخميس- الجمعة على مركزي الشرطة في بني الحارث وبني حوات شمال العاصمة، واستولوا على نقطة الحتارش عند المدخل الشمالي الشرقي إضافة إلى النقطة الأمنية شمال المطار.

وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، أن «شركات الطيران العربية والأجنبية قررت تعليق رحلاتها إلى صنعاء 24 ساعة، نظراً إلى المستجدات التي تشهدها العاصمة».

في الوقت ذاته، أمر الرئيس عبدربه منصور هادي القادة العسكريين والأمنيين بتحمل مسؤولياتهم، في حين تفقد وزير الدفاع محمد ناصر أحمد مبنى التلفزيون، وقال: «إن المؤسسة العسكرية والأمنية لن تقف مكتوفة الأيدي بعد اليوم إزاء كل من يحاول العبث بأمن المواطن واستقراره ويسعى إلى الإضرار بمنشآت الوطن والشعب ومصالحهما».

واتهم بيان اللجنة الأمنية العليا الحوثيين بـ «إطلاق النار من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة على مبنى التلفزيون الرسمي في منطقة الجراف»، وطلب منهم «إخلاء النقاط والمواقع التي استولوا عليها والعودة إلى مخيماتهم والتزام النظام والقانون».

إلى ذلك، استقبل هادي سفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية وأطلعهم على المستجدات في ظل التصعيد الحوثي في صنعاء وضواحيها، واعتبر التصعيد «محاولات انقلابية لإسقاط الدولة»، وقال: «ما يجري يؤكد أن الشعارات التي كانوا يرفعونها في بادئ الأمر تحت عناوين ومطالب شعبية ما هي إلا غطاء، وكُشِفت اليوم الحقائق والنيات المبيتة على الأرض».

الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام نفى في بيان نشره على صفحته في «فايسبوك»، محاولتهم اقتحام مبنى التلفزيون، وبرر القصف بأنه رد على قصف قوات الجيش المرابطة في التلال المجاورة لمبنى التلفزيون.

وكان آلاف من الحوثيين احتشدوا أمس في شارع المطار لأداء صلاة الجمعة، حيث مخيمات اعتصامهم قرب وزارات الداخلية والاتصالات والبريد والكهرباء والمياه، وبرر عبد السلام أعمال الجماعة المسلحة، قائلاً إنها تهدف إلى «حماية المتظاهرين والمعتصمين سلمياً، وحرصاً على عدم انزلاق الأوضاع إلى ما لا تُحمدُ عقباه، لئلا تتكرر تلك الأيام الدموية في شارع المطار ورئاسة الوزراء، وردعاً لعناصرَ داعشية تكفيرية استقدمتها مراكز نفوذ لإشاعة الفوضى، وتشكيك الناس في إمكان انتصار ثورتهم، ولحرفها عن أهدافها العادلة».

ووسط قلق وذعر، ساد ترقب لما سيحمله المبعوث الأممي جمال بنعمر إلى صنعاء من حصيلة مفاوضاته مع زعيم الحوثيين، في وقت أفادت مصادر حكومية ضمن الوفد المرافق لبنعمر عن «التوصل إلى مسوّدة اتفاق شامل لحل الأزمة، ستوقّعها في صنعاء الأطراف السياسية، في حضور ممثلين عن جماعة الحوثي».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الحوثيون يطردون آخر الأسر اليهودية من اليمن
الحكومة اليمنية تقر برنامجها بانتظار ثقة البرلمان
التحالف يقصف معسكرات للحوثيين بعد أيام من الهجوم على أرامكو
الأمم المتحدة: سوء تغذية الأطفال يرتفع لمستويات جديدة في أجزاء من اليمن
الاختبار الأول لمحادثات الأسرى... شقيق هادي مقابل لائحة بالقيادات الحوثية
مقالات ذات صلة
هل تنتهي وحدة اليمن؟
عن المبعوث الذابل والمراقب النَّضِر - فارس بن حزام
كيف لميليشيات الحوثي أن تتفاوض في السويد وتصعّد في الحديدة؟
الفساد في اقتصاد الحرب اليمنية
السنة الرابعة لسيطرة قوى الأمر الواقع: عناصر لحل سياسي في اليمن - حسّان أبي عكر
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة