قطع المقاتلون الأكراد أمس شريان الإمداد لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من العراق خلال الهجوم الواسع الذي يشنونه في شمال شرقي سورية، في وقت إزدادت المخاوف ازاء مصير عشرات المسيحيين الذين خطفهم التنظيم قبل يومين.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ان «وحدات حماية الشعب الكردي استعادت أمس قرى تل شاميرام وتل هرمز وتل نصري التي يقطنها مواطنون من المكون الآشوري من أتباع الديانة المسيحية مدعومة بضربات التحالف الدولي - العربي من دون معرفة مصير 90 مسيحيا أشورياً خطفوا من قرى في محافظة الحسكة أول من أمس». وأكد «المجلس السرياني الوطني السوري» إن عدد المخطوفين 150 مسيحياً، لافتاً الى هروب مئات المسيحيين إلى البلدتين الرئيسيتين في محافظة الحسكة.
وأوضح رامي عبدالرحمن مدير «المرصد» ان التنظيم «يريد أن يظهر بمظهر القوي ويلعب على الوتر الديني في وقت يصاب فيه بشدة»، لافتاً الى مقتل 132 عنصراً من «داعش» خلال المواجهات مع الاكراد وغارات التحالف. واوضح مسؤول كردي إن «وحدات حماية الشعب قطعت طريقاً رئيسياً يربط تل حميس بالهول» وهي بلدة تقع على بعد كيلومترات من الحدود العراقية، موضحاً ان «هذا هو الشريان الرئيسي لداعش». وأضاف أن وحدات حماية الشعب سيطرت على أكثر من مئة قرية كانت يحتلها «داعش».
الى ذلك، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان إن قوات النظام السوري نفذت مئات الغارات الجوية العشوائية معظمها بـ «البراميل المتفجرة»، داعية الأمم المتحدة إلى فرض حظر أسلحة على النظام وذلك قبل أيام من مناقشة مجلس الامن تنفيذ القرار 2139 بعد سنة على صدوره. وحذرت منظمة الصحة العالمية من تفشي مرض الكوليرا في الشهور المقبلة في سورية، حيث زاد عدد الإصابات بالأمراض المنقولة عبر الماء مثل التيفوئيد والالتهاب الكبدي الوبائي بسبب تدهور مستوى النظافة.
فرار آلاف المسيحيين من شرق سورية ... ومقتل 130 عنصراً من «داعش»
نزح نحو خمسة آلاف مسيحي أشوري من مناطق سكنهم في شمال شرق سورية بعدما اختطف تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) العشرات من أبناء هذه العائلات إثر هجوم استهدف قراهم في عملية غير مسبوقة وصفتها واشنطن بـ «الوحشية»، في وقت أفيد بمقتل أكثر من 130 عنصراً من التنظيم الإرهابي في مواجهات مع الأكراد وغارات التحالف الدولي- العربي.
ويحتجز «داعش» منذ الإثنين تسعين مسيحياً إثر هجوم شنه على قريتين مسيحيتين في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، الحدودية مع تركيا شمالاً والعراق شرقاً، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقد تمكن التنظيم من اختطاف هؤلاء إثر معارك عنيفة خاضها مع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية مع هجومه على قريتي تل شاميرام وتل هرمز الواقعتين في محيط بلدة تل تمر.
وهي المرة الأولى التي يحتجز فيها التنظيم المتطرف هذا العدد الكبير من المسيحيين في سورية.
وقال أسامة إدوارد مدير «شبكة حقوق الإنسان الأشورية» ومركزها السويد، لوكالة «فرانس برس» أمس، إن «نحو 800 عائلة غادرت الحسكة منذ الإثنين، فيما غادرت أيضا نحو 150 عائلة القامشلي، في عملية نزوح تشمل نحو خمسة آلاف شخص».
ويبلغ عدد الأشوريين الإجمالي في سورية حوالى ثلاثين ألفا بين 1,2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر خابور في الحسكة.
وذكر إدوارد أن مسلحي «داعش» اقتحموا المنازل عند حوالى الساعة الرابعة من فجر الإثنين، ثم تقدموا نحو العشرات من القرى المجاورة لهاتين القريتين الأشوريتين. وأضاف: «زوجتي تتحدر من تل شاميرام وعندما اتصلت كي تتحدث مع زوجة عمها أجابها شخص قائلا: هنا منزل الدولة الإسلامية».
ودعا إداورد المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية وإغاثة المدنيين، مرجحاً أن يكون تنظيم «الدولة الإسلامية» قام بنقل المختطفين إلى منطقة شدادي الواقعة إلى الجنوب من مدينة الحسكة التي تعتبر معقلاً لهذا التنظيم المتطرف.
وقال إن سكان القريتين تعرضوا في السابق للتهديد من قبل التنظيم الذي طالبهم بإزالة الصلبان عن الكنائس، لكن «الناس الذين كانوا يترقبون هجوماً، اعتقدوا أن وجود الجيش السوري على بعد نحو 30 كلم منهم، ووجود المقاتلين الأكراد، وضربات التحالف الجوية تحميهم».
ووفقاً لإدوارد، فإن المقاتلين المتطرفين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في سورية والعراق يسعون إلى فرض سيطرتهم على بلدة تل تمر القريبة من جسر بني فوق نهر خابور يسمح لهم بالتوجه نحو الحدود العراقية انطلاقاً من محافظة حلب.
ونددت الولايات المتحدة بعملية الاختطاف وطالبت بالإفراج عنهم فوراً.
وقالت الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي، إن استهداف تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرف «لأقلية دينية يشكل دليلاً إضافياً على معاملته الوحشية وغير الإنسانية لكل الذين يخالفون أهدافه الانقسامية ومعتقداته السامة».
وأضافت في بيان أن تنظيم «الدولة الإسلامية يواصل ممارسة شروره على أبرياء من كل المعتقدات وغالبية ضحاياه كانوا من المسلمين».
وسبق للتنظيم المتطرف أن أقدم على إعدام 21 قبطياً معظمهم من المصريين بينما فر مئات آلاف المسيحيين من منازلهم في العراق إثر سيطرة التنظيم على مناطق سكنهم.
وفي باريس، قال مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية ألكسندر جيورجيني: «ندعو إلى الإفراج الفوري عن الأشخاص المخطوفين، ونعبر عن تضامننا التام مع الطوائف المسيحية التي يجب أن تعيش بسلام في سورية تحترم حقوق الجميع».
وكان «المرصد» أشار إلى أن «ما لا يقل عن 132 عنصراً من تنظيم «الدولة الإسلامية» قتلوا من 21 الشهر الجاري إثر قصف لطائرات التحالف العربي– الدولي واشتباكات مع وحدات حماية الشعب الكردي وجيش الصناديد التابع لحاكم مقاطعة الجزيرة حميدي دهام الهادي ومقاتلين آخرين، في ريفي تل حميس وجزعة»، لافتا إلى أن «جثث القتلى موجودة لدى وحدات حماية الشعب الكردي، حيث تمكن الأخير من قطع الطريق الرئيسي بين بلدتي تل حميس والهول والسيطرة على ما لا يقل عن 70 قرية ومزرعة وتجمع سكاني».
وأكدت المصادر لـ «المرصد» أن بعض القرى «لم يكن يعثر فيها سوى على جثث لعناصر التنظيم ممن لقوا مصرعهم في ضربات التحالف، نتيجة للتنسيق العالي بين الوحدات الكردية والتحالف العربي– الدولي». وأسفرت الاشتباكات أمس بين الطرفين، عن «مصرع مقاتل من جنسية أجنبية في صفوف وحدات حماية الشعب الكردي بالإضافة لمصرع 4 مقاتلين آخرين على الأقل من الوحدات الكردية».
في دير الزور المجاورة، قال «المرصد السوري» إن الطيران الحربي السوري «شن 11 غارة على مناطق في دير الزور استهدف بأربع غارات منها مناطق في حويجة صكر عند أطراف مدينة دير الزور وباثنتين مناطق في حويجة المريعية، بينما نفذ الغارات الخمس الأخرى على مناطق في قرية الجفرة المحاذية لمطار دير الزور العسكري، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات في منطقة حويجة صكر ومحيط المطار، ما أدى لمصرع قيادي في تنظيم «الدولة الإسلامية».
وكان 5 مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية» لقوا مصرعهم بينهم 3 من جنسيات غير سورية خلال اشتباكات في المناطق ذاتها.
شمالاً، سقطت قذائف أطلقتها الكتائب المقاتلة على مناطق في حيي الأشرفية والخالدية في حلب «ما أدى لسقوط جرحى، بينما قصفت الكتائب الإسلامية بقذائف محلية الصنع، تمركزات لقوات النظام والمسلحين المولين لها في معمل الأسمنت في حي الشيخ سعيد جنوب حلب»، وفق «المرصد»، الذي أشار إلى «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعمة بكتائب البعث الموالية لها من طرف، ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر، في محيط منطقة السبع بحرات بحلب القديمة، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
وفي ريف إدلب المجاور، استمرت «الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة أخرى في منطقة مزارع كفريا، ما أدى لاستشهاد 3 مقاتلين من الكتائب الإسلامية»، وفق «المرصد».
في ريف دمشق، قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في كروم بلدة مضايا شمال العاصمة، في وقت قتل رجل من مدينة دوما جراء قصف قوات النظام مناطق في أطراف بساتين الريحان بالغوطة الشرقية. وأشار «المرصد» الى تفجير قوات النظام نفقاً في مدينة داريا في جنوب غربي العاصمة.
ودارت «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وعناصر حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية ومقاتلي جبهة النصرة من جهة أخرى في حي جوبر، الذي يشهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين منذ أشهر في محاولة من قوات النظام والمسلحين الموالين لها التقدم في الحي والسيطرة عليه»، وفق «المرصد» الذي أشار إلى «سقوط قذائف على أماكن في منطقة القابون» شمال العاصمة.
بين دمشق والأردن، قال «المرصد» إن الطيران المروحي ألقى عدداً من «البراميل المتفجرة على مناطق في مدينة انخل وبلدات الشيخ مسكين وطفس والفقيع فيما قتل رجل في بلدة جاسم متأثراً بجروح أصيب بها جراء قصف الطيران الحربي. وألقى الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على مناطق في كفرناسج التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الفصائل الإسلامية والفصائل المقاتلة من طرف، وحزب الله اللبناني مدعماً بمقاتلين إيرانيين وقوات النظام من طرف آخر للسيطرة على المنطقة الشمالية الغربية من محافظة درعا، والامتداد لريف القنيطرة وريف دمشق الغربي».