بغداد – حسين داود خلص مؤتمر عشائر ومسؤولي ووجهاء الأنبار أمس إلى توقيع وثيقة عهد لمرحلة ما بعد «داعش» تركز على المصالحة ومنع عمليات الانتقام العشائرية وحل الأزمة السياسية في المحافظة والعمل على إعادة النازحين، ومطالبة الحكومة بدعم مقاتلي العشائر بالسلاح ليتمكّنوا من مسك المدن المحررة وضمان الاستقرار فيها.
وعقدت عشائر الأنبار مؤتمراً موسعاً في بغداد بحضور رئيس البرلمان سليم الجبوري ومحافظ الأنبار صهيب الراوي ومسؤولين محليين وقادة في الجيش ناقش التحديات التي تواجه المحافظة بعد تحرير غالبية مدنها من «داعش»، بينها مشاكل أمنية وسياسية وخدمية.
وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري خلال المؤتمر إن «الخلافات السياسية تنعكس سلباً على الأداء العملي ونحن حريصون على أن يتم العمل سريعاً على حسم الخلافات الأخيرة بالطرق القانونية والدستورية بما يحفظ التوازن السياسي وتحقق الإصلاح». وشدّد على «ضرورة ترك التفرد في إدارة المحافظة ودور العشائر في مشروع ما بعد التحرير لا يتوقف على حسم الخصومات العشائرية والمجتمعية بل أن تكون فاعلة من خلال أبنائها في الجهد السياسي لتحقيق تفاهم يجنب الأنبار الصراع على السلطة».
ولفت الجبوري إلى «ضرورة المضي في مشروع اللجان المحلية للمصالحة والتي ينتظرها دور كبير في بسط الأمن والاستقرار إلى جانب القوات الأمنية التي ستعمل على تطويق الأزمات والمشاكل الناتجة من العداوات السابقة عن طريق الحوار والمصالحة والقواعد الشرعية والعرفية». وطالب الجبوري الحكومة «بدعم مقاتلي العشائر من الرواتب ومستحقات الشهداء والجرحى ودعمهم بالسلاح لضمان قدرتها على حفظ الأرض وحمايتها من عودة الإرهاب»، ولفت إلى أن «دور العشائر سيكون كبيراً في مهمة مسك الأرض وفرض الاستقرار».
من جهته، قال رئيس «مجلس عشائر الأنبار المتصدية للإرهاب رافع الفهداوي إن «الأيام المقبلة ستشهد تحرير مزيد من المناطق، وسنواصل التقدم حتى الوصول إلى الحدود الدولية مع سورية»، لافتاً إلى دور العشائر في الجانب الإنساني في إغاثة النازحين. ودعا الفهداوي شيوخ ووجهاء وأهالي الأنبار إلى اتخاذ وثيقة العهد والسلم الاجتماعي منهجاً جديداً للأنبار في المستقبل لمنع عودة الإرهاب والتطرف والعصبية.
وقال الشيخ محمد الجميلي، أحد شيوخ الفلوجة وأحد الحاضرين في المؤتمر، في اتصال مع «الحياة» إن «المؤتمر يعتبر خطوة مهمة لإيقاف عمليات انتقامية تجري في المدن المحررة منذ أسابيع من دون علم الحكومة الاتحادية».
وأضاف أن «بعض العشائر تحاول استخدام تهمة الانتماء لداعش على خصومها من عشائر أخرى لتحقيق أهداف شخصية وسياسية»، لافتاً إلى أن مؤتمر أمس لم يشمل جميع عشائر الأنبار، ودعا الحكومة إلى الاتصال بعشائر مهمة لها وزنها في الأنبار وطمأنتها على المستقبل. وحذر الجميلي من تكرار السياسات الحكومية السابقة في استعداء أهالي الأنبار عبر الاعتقالات العشوائية ومحاباة بعض العشائر من دون غيرها ما خلق فجوة عميقة داخل العشائر في الأنبار، ما زالت المحافظة تعاني منها حتى اليوم».
وتشهد الأنبار منذ أيام أزمة سياسية بعد قرار مجلس المحافظة بإقالة المحافظ صهيب الراوي، ورفعت القضية إلى المحكمة الاتحادية بعد رفض الراوي القبول بالقرار، في حين انقسم أعضاء مجلس المحافظة إلى فريقين متخاصمين. وأبلغت مصادر مطلعة «الحياة» أن الولايات المتحدة مع بقاء الراوي في منصبه. ويتهم سياسيون وشيوخ عشائر أعضاء مجلس المحافظة بالفساد الإداري والمالي وإهمال قضية إعادة النازحين إلى منازلهم، وكشفت وثيقة مسربة عن توزيع تعويضات لأعضاء المجلس بلغت ملايين الدولارات في وقت تحتاج المدينة أموالاً كبيرة لإغاثة النازحين وإعادة الإعمار في ظل الأزمة المالية التي تعانيها البلاد.
|