بات مؤكداً ان نواب لبنان الممتنعين أو المعطلين أو العاجزين، كما الراغبين في اجراء الاستحقاقات في مواعيدها والتزام الدستور، باتوا محرجين أمام ناخبيهم، كما تجاه المسؤولين الدوليين وسفراء الدول، من التمديد مرة أخرى لمجلسهم الممدد له أربع سنوات كاملة بحجج واهية سقطت مع اجراء الاستحقاق البلدي والاختياري من دون ضربة كف. واذا كانت سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن قالتها أمس صراحة لعدد من النواب وعشية موعد جديد لاجتماع اللجان النيابية المشتركة التي تبحث في مشاريع القوانين "ان اجراء الانتخابات البلدية يؤكد أن لبنان يستطيع إجراء الانتخابات النيابية، وان لا مفر من انتخابات جديدة تكون هذه المرة في موعدها، أي بعد نحو سنة، وتحديداً في حزيران 2017، والاختلاف في الآراء على قانون الانتخاب لا يمنع اجراء الانتخابات في مواعيدها"، فان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لم يجد سوى التأكيد أمامها أن "كل الجهات السياسية ترفض أي تمديد لولاية المجلس". وشدد على انه اذا لم يتم الاتفاق على قانون جديد فستجرى الانتخابات بموجب قانون الستين. خلوة الحوار وفي انتظار ما يمكن ان تخرج به خلوة الحوار الوطني حول قانون الانتخاب العتيد، قال مصدر في كتلة نواب "المستقبل" لـ"النهار" إن لا أفق حتى اليوم للخلوة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري في 2 اب و3 و4 منه، لانه تم "تضخيم" حجمها وربطها بمجموعة من النقاط الخلافية، وكان الأجدى لو تم الاتفاق على كل نقطة على حدة، وان المشاورات في شأن الخلوة خلصت الى احتمالات عدة:
الاحتمال الاول، وهوالاضعف، ان يكون الرئيس بري تسرع في الاعلان عن الخلوة وربطها بالسلة المتكاملة من غير ان تكون الامور نضجت كفاية، أو تم الاتفاق عليها مع الأطراف الآخرين.
الاحتمال الثاني، ان يكون بري تقصد ربط الحوار بسلة متكاملة يعرف سلفاً استحالة التوافق عليها، اذ قد يكون راغباً في نفض يده من الحوار بعدما وصل الى طريق مسدود، وتحميل الاخرين مسؤولية فشله، وتالياً "حشر" كل الاطراف في الزاوية فلا يحدد موعداً جديداً الا بعد "استشعار" الجميع الخطر المحدق وإبدائهم الاستعداد لتقديم تنازلات.
أما الاحتمال الثالث، وهو الاسوأ، فهو ان يكون ثمة اتفاق ضمني بين بري و"حزب الله" على التمهيد للمؤتمر التأسيسي لان بري اعتبر ان الذين يساهمون في فشل الحوار انما يساهمون في الدفع الى مؤتمر تأسيسي. ومع اعلانه التمسك باتفاق الطائف، لفت الى "أن اتفاق الطائف ليس قرآناً ولا إنجيلاً ولكن ليس هناك أفضل منه الآن لذا علينا تطبيقه". وفي مرحلة مقبلة تتجاوز "الآن" يمكن ان يكون كل شيء مطروحاً.
لكن السؤال الابرز الذي يطرح في هذا المجال، ماذا بعد خلوة الحوار؟ أجاب المصدر "ان من "طلع الحمار على المئذنة ينزلو" (استعارة من بري). نحن ملتزمون الحوار الوطني والحوار الثنائي رغم عدم جماهيريته، وملتزمون اتفاق الطائف بكل بنوده، وملتزمون حضور جلسات انتخاب الرئيس، لكن الاخرين لم يتخلوا عن سلاحهم، ولا يحضرون، بل يعطلون جلسات انتخاب الرئيس، ويطالبون بمؤتمر تأسيسي. نحن مستعدون للسلة اذا نزل نواب "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الى مجلس النواب لانتخاب أي رئيس يحظى بالأكثرية، ومعه يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب لانه لا يجوز اختزال دور الرئيس بهذه الطريقة". مجلس الوزراء في غضون ذلك، علمت "النهار" ان الوزراء تسلموا عشية الجلسة الاستثنائية التي سيعقدها مجلس الوزراء اليوم جدول أعمال يتضمن 30 بندا عاديا وذلك لمناقشتها وإقرارها الى جانب البحث في عقديّ الخليوي الذي تنعقد الجلسة لإجله. وأوضحت مصادر وزارية ان موقف "التيار الوطني الحر" امس يوحي بأن لا أمل في الاتفاق على صيغة لتجديد العقديّن. وأشارت الى ان الجلسة ستنظر في المشاريع ذات الاهمية التي سيطرحها لبنان على الدول المانحة التي ستساعد المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين. وهذه المشاريع أعدت بين رئاسة الحكومة ووزارة المال ووزارة الشؤون الاجتماعية، علماً "ان الرئيس سلام سيحيط الوزراء علما بالاتصالات التي أجراها في قمة موريتانيا في شأن هذا الملف. وكما أوردت "النهار" أمس، فإن الرئيس سلام في صدد تمضية إجازة خاصة خمسة أيام تبدأ غداً ولهذا السبب تقرر اليوم دمج الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء بالجلسة العادية غداً. الجيش امنياً، تواصل الاجهزة الامنية عملها في ملاحقة الارهابيين، وعلمت "النهار" ان الجيش اللبناني تمكّن خلال شهرين ونصف شهر من القبض على 357 عنصراً من تنظيم "داعش" الأمر الذي وصف بأنه عملية كبيرة ونوعية إستدعت توافد أجهزة مخابرات عربية ودولية عل لبنان للاطلاع على هذا التطور الامني. وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الولايات المتحدة قررت تزويد الجيش أسلحة جديدة من طريق الهبات وقت طلب الجيش من فرنسا تزويده أسلحة حديثة، لكن الجانب الفرنسي ردّ بأنه لا يزال في إنتظار الافراج عن الهبة السعودية. التلوث على صعيد آخر، أثار طرح موضوع تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، والدعوة الى تفعيل خطط تنظيفهما، أهالي الشمال حيث التلوث يضرب في الانهر والمجاري في غياب أي خطط لانقاذ المواطنين من آثارها. وأمس نفذ عدد من رؤساء البلديات الواقعة على ضفتي مجرى قناة ري نهر البارد، وقفة رمزية شارك فيها رؤساء بلديات جرد القيطع الذين دعوا الى الاسراع في ايجاد حل للتلوث على مجرى مياه نبع القمر من منبعه في بلدة فنيدق وحتى مصبه في مجرى النهر البارد على مسافة تزيد على أربعة كيلومترات مروراً بخراج بلدات فنيدق ومشمش والقرنة وبيت أيوب.
ماذا قالت لاسن للنواب وأي مساعدة عرضت للبنان؟
منال شعيا عشية جلسة اللجان المشتركة، لفت اجتماع في مجلس النواب ضم اعضاء لجنة التواصل النيابية وسفراء الاتحاد الاوروبي. فماذا حمل هذا اللقاء؟ وهل "تعرّى" المشهد اللبناني الداخلي امام الاتحاد؟ أهمية الاجتماع برزت في الشكل اولا، اذ جمع تحت قبة البرلمان الذي فشل في انتخاب رئيس للجمهورية وفي انتاج قانون جديد للانتخابات، عددا من النواب هم اعضاء في لجنة التواصل النيابية التي عملت على مراحل من اجل الخروج بمسودة قانون انتخاب لم يبصر النور بعد، بسفراء الاتحاد الاوروبي. وربما سمع النواب كلاما قد لا يروق أحداً منهم، لانه يحمل في طياته اتهاماً بالإخفاق في الخروج من الشلل الذي بدأ من الفراغ الرئاسي ووصل الى مجلس نواب شبه معطل.
تحت هذا العنوان، اتى اللقاء الذي يمكن تلخيص مضمونه بعبارة قالتها سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن صراحة: "نحن جاهزون لاعطاء المساعدة المالية والتقنية للتوافق على قانون انتخاب".
لم تجد لاسن سوى تقديم المساعدة، ربما لانها تعلم مدى الفشل اللبناني في انتاج قانون تنبثق منه السلطة السياسية في لبنان، ثم تابعت بالقول: "الاختلاف في الآراء على قانون الانتخاب لا يمنع اجراء الانتخابات في مواعيدها".
بدت لاسن مصرة وجازمة امام النواب بأن لا مفر من انتخابات جديدة تكون هذه المرة في موعدها، اي بعد نحو سنة، وتحديدا في حزيران 2017، وربما لم يجد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سوى التأكيد امامها أن "كل الجهات السياسية ترفض أي تمديد لولاية المجلس".
حاول مكاري طمأنة لاسن وسفراء الاتحاد الاوروبي الحاضرين، اذ اشار الى ان "الانقسام السياسي يعطل المؤسسات ويحول دون انتخاب رئيس"، وسعى الى التأكيد امام وفد السفراء، ان ثمة جهودا في هذا المجال، قائلا: "جهودنا لتحديث قانون الانتخاب تنطلق من هاجس تأمين تمثيل أفضل وأكثر عدالة"، لكنه في الوقت عينه كان صريحا حين قال: "إما ان نتوصل في الفترة المتبقية الى اتفاق على قانون انتخاب جديد، واما ان نكون مضطرين الى اجراء الانتخابات وفق القانون الذي أقر قبل 56 عاماً، اي قانون الستين".
ميزة الاجتماع انه اتى عشية جلسة اللجان المشتركة المرتقبة اليوم، والتي تشخص كل العيون اليها، بعدما طارت الجلسة الماضية بسبب فقدان النصاب.
يومها قيل ان تزامن هذه الجلسة مع الجلسة الـ41 لانتخاب رئيس للجمهورية، لم ينصف جلسة اللجان، الامر الذي ادى الى عدم انعقادها. غير ان بعض التحليلات لم يبتعد عن امكان ان تكون هناك نية فعلية بتطيير جلسات اللجان، قبل موعد ثلاثية الحوار الاسبوع المقبل. وذهبت هذه التحليلات الى القول ايضا ان صيغة النظام المختلط طارت، وكل ما يجري اليوم هو محاولة لتقطيع الوقت من اجل اعادة " تبليع" الرأي العام قانون الستين مجددا، والايحاء ان مجلس النواب حاول القيام بدوره، إن عبر اللجان الفرعية المصغرة او اللجان المشتركة الموسعة، ولكنه فشل، اي على قاعدة " اللهم اشهد اني بلّغت"، ولم يعد امامنا سوى خيار الستين. كلام لاسن والسؤال، ماذا قالت لاسن امام النواب؟: "الاختلاف على القانون الحالي وعدم التوصل إلى قانون جديد لا يمنع لبنان من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بحسب القانون". ثم فصّلت بعض الثغرات التي حصلت في الانتخابات البلدية، لتخلص الى نتيجة مفادها أن "اجراء الانتخابات البلدية يؤكد أن لبنان يستطيع إجراء الانتخابات النيابية، وان الاتحاد الاوروبي جاهز لاعطاء المساعدة المالية والتقنية للتوافق على قانون الانتخابات".
اما مكاري فردّ قائلا: "لا شك في أن مثل هذا الاهتمام حول قانون الانتخاب يعبر عن الصداقة العميقة بين دول اوروبا ولبنان، وهي صداقة قائمة على قيم مشتركة، وجهودنا لتحديث قانون الانتخاب تنطلق من هاجس تأمين تمثيل أفضل وأكثر صدقا وعدالة لكل المكونات اللبنانية".
وأكد أن "الانقسام السياسي الحاد الذي يعطل المؤسسات ويحول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو نفسه يزيد صعوبة فك التعقيدات المتصلة بقانون الانتخاب، وثمة جهات ترى في النسبية المطلقة والكاملة الصيغة الأنسب وجهات تتمسك بالنظام الاكثري بأشكال وتقسيمات متعددة للدوائر، وثمة من يرى الحل في قانون هجين يزاوج بين الأكثري والنسبي".
وشرح امام السفراء عمل اللجان حتى الان، قائلا: "ركزنا محاولاتنا في المدة الأخيرة على الانطلاق من مبدأ الصيغة المختلطة والعمل على بلورتها، لكن الخلافات ظهرت على مستوى طريقة تقسيم الدوائر وعدد النواب. نحن اليوم بين هذا الواقع المعقد ورفض مطلق من الجميع والشعب اللبناني لأي تمديد جديد لولاية مجلس النواب، إذ ان مثل هذا التمديد لا يمكن تبريره، لا سيما بعد النجاح في تنظيم الانتخابات البلدية. وبالتالي إما أن نتوصل في الفترة المتبقية الى الاتفاق على قانون جديد، واما ان نكون مضطرين لاجراء الانتخابات وفق القانون الحالي الذي أقر قبل 56 عاما، وهو قانون ترى فيه جهات كثيرة، وخصوصا المكون المسيحي، أنه لا يؤمن تمثيلا عادلا وصحيحا لها".
|