سقط 34 قتيلاً بينهم ولد في قمع جديد للمتظاهرين الذين تحدوا الاجراءات الامنية السورية المشددة وخرجوا الى شوارع مدن عدة في انحاء البلاد. وقتل معظم هؤلاء في حمص ومعرة النعمان والصنمين ودير الزور، على رغم الاوامر الرئاسية بعدم اطلاق النار. ونقل التلفزيون السوري في شريط عاجل ان "مجموعات مسلحة تستغل تجمعات للمواطنين في ريف ادلب واطراف حمص وتطلق النار على المدنيين وقوات الشرطة مما ادى الى سقوط عدد من القتلى والجرحى".
ومع ان الرئيس الاميركي باراك اوباما وضع الرئيس السوري بشار الاسد امام خيار "اما ان يقود عملية الانتقال الى الديموقراطية واما ان يخرج من الطريق"، فان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أشارت إلى أنه لا "شهية" لمزيد من الخطوات القاسية ضد سوريا. فقد سئلت عن سبب عدم اتخاذ خطوات اشد قسوة حيال سوريا، أجابت: "لا شهية لذلك. لا يوجد إرادة. لم نر أي نوع من الضغط كالذي رأيناه يتراكم من حلفائنا الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي وجامعة الدول العربية وغيرها لنفعل مثلما فعلنا في ليبيا... نحاول أن نكون أذكياء في تقويم كل حالة على حدة"، مشيرة إلى ان "الأسد قال الكثير من الأمور التي لم نسمعها من زعماء آخرين في المنطقة عن نوع التغييرات التي يريد رؤيتها". كما سئلت عن الدعم الإيراني لسوريا، فأكدت أنه صحيح ان إيران تدعمها "ولكن ثمة أيضاً قوى كثيرة أخرى فاعلة هناك تماماً كما هو وضع الكثير من دول المنطقة". وأضافت: "نعتقد أنه من الأفضل إذا وضّح الشعب السوري بنفسه للأسد أنه يجب أن يكون هناك تغيير".
"لاجديد" في الخطاب ورأت دمشق ان "لا جديد" في خطاب اوباما. وقالت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" الرسمية: "لم يأت أوباما بجديد مؤكدا التزام الولايات المتحدة الراسخ وغير القابل للتزعزع لأمن إسرائيل ووقوفها ضد أي محاولة لانتقادها في المجتمع الدولي". وفي الشان السوري، قالت: "جاء الخطاب تحريضيا ليؤكد حقيقة التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة في مخالفة فاضحة لشرعة الأمم المتحدة". ووصفت دعوة أوباما الحكومة السورية الى البدء بحوار جاد من أجل عملية التحول الديموقراطي "محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن ممارسته التحريض وحضه على العنف في سوريا"، مستشهدة بقوله "ان الرئيس الأسد ونظامه سيتعرضان للتحدي من الداخل والعزلة من الخارج إذا لم يتم ذلك". عقوبات اوروبية * في بروكسيل، أكد مصدر أوروبي مطلع أن الدول الأوروبية متفقة على اصدار حزمة عقوبات جديدة في حق مسؤولين سوريين، موضحا أنها قد تشمل الرئيس الأسد. وعلى رغم وجود توافق أوروبي على ضرورة إدراج أسم الرئيس السوري على لائحة المسؤولين السوريين الذين تشملهم العقوبات الأوروبية، إلا أن المصدر تحدث عن نية أوروبا تأجيل الإعلان عن الأمر إلى الاثنين المقبل موعد اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في إطار رغبة أوروبية في منح الاسد فرصة جديدة، أملا منها في أن يعمد النظام السوري إلى تغيير سلوكه حيال المتظاهرين. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان فرنسا تأمل في ان يوافق وزراء الخارجية لدى الاتحاد الاوروبي على عقوبات في حق الاسد الاثنين. واضافت في بيان: "سيدور نقاش نأمل في ان يكون حاسما بشأن سوريا والعقوبات الاضافية وخصوصا تلك التي يمكن فرضها على بشار الاسد".
النازحون الى لبنان * في نيويورك، افادت المفوضية السامية للامم المتحدة للاجئين ان أكثر من أربعة آلاف سوري غالبيتهم من الأولاد والنساء عبروا حدود بلادهم الى شمال لبنان هربا من أعمال العنف المتصاعد في المدن والبلدات السورية المختلفة. وصرح الناطق باسمها نيف أندريه ماهيشيتش بان "أعداد الفارين قد تكون أعلى من ذلك نظرا الى ان كثيرين منهم لجأوا إلى عائلات محلية من غير أن يطلبوا أية مساعدة من المفوضية السامية". وأشاد بالدور الإيجابي الذي قامت به السلطات اللبنانية في هذا المجال.
تحدث ناشطون عن سقوط 34 قتيلاً بينهم صبي عندما اطلق رجال الامن النار على مشاركين في تظاهرات شملت مدنا سورية عدة، وخرجت متحدية الوجود الامني المكثف الذي يهدف الى قمع احتجاجات الشوارع على الحكم الشمولي للرئيس بشار الاسد. وقتل اكثر هؤلاء في حمص وفي معرة النعمان جنوب ادلب.
أورد ناشطون من مختلف المحافظات السورية اسماء 11 قتيلا بينهم صبي في حمص وعشرة في معرة النعمان. كما قتل شخص في مدينة الصنمين وآخر في مدينة الحارة الواقعتين في ريف درعا، وشخص في داريا، بريف دمشق. وقتل شخص في مدينة اللاذقية الساحلية وشخصان في دير الزور.
وقال الناشطون ان قوى الامن اطلقت النار على المتظاهرين على رغم صدور اوامر رئاسية بعدم الاقدام على ذلك. واوضحت المحامية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان رزان زيتونة ان قوات سورية مدعومة بالدبابات دهمت بلدة معرة النعمان في شمال غرب البلاد لتفريق متظاهرين يطالبون بالديموقراطية. وقالت ان ما لا يقل عن عشرة مدنيين تعذر الحصول على اسمائهم قتلوا عندما أطلقت قوى الامن الرصاص على التظاهرات ضد حكم حزب البعث. وتبعد معرة النعمان نحو 60 كيلومترا جنوب شرق حلب ثانية كبرى المدن السورية حيث اقتصرت الاحتحاجات على الحرم الجامعي.
حمص وافاد ناشط مدافع عن حقوق الانسان في مدينة حمص ان قوى الامن أطلقت النار بالذخيرة الحية على حشود تجمعت لتنظيم تظاهرتين على الاقل في المدينة، مما ادى الى مقتل 11 شخصا بينهم صبي.
بانياس وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ لندن مقرا له ان "آلاف المتظاهرين خرجوا في بانياس بينهم اولاد ونساء في اكبر تظاهرة تشهدها المدينة الساحلية" التي اقتحمتها القوات السورية قبل ايام وشنت فيها حملة اعتقالات واسعة. واشار الى ان "الرجال خرجوا عراة الصدور ليبينوا للعالم انهم غير مسلحين خلافا لاتهامات النظام لهم" وأطلقوا شعارات تدعو الى "رفع الحصار عن المدن السورية" والى الحرية والى اسقاط النظام. واشار ناطق باسمه الى ان اصوات اطلاق النار تسمع الآن في بانياس.
حماه والتل وروى شاهد ان قوى الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على آلاف المتظاهرين في مدينة حماه حيث احتشد نحو 20 الف شخص في منطقتين منفصلتين. واكد شاهد آخر ان قوى الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق نحو ألف متظاهر في بلدة التل إلى شمال دمشق.
المناطق الكردية وأبلغ رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان "راصد" رديف مصطفى "وكالة الصحافة الفرنسية" ان "المئات خرجوا في عين العرب التي يغلب سكانها الاكراد وهم يهتفون ازادي ازادي"، اي الحرية. وقال مصطفى الذي شهد التظاهرة "ان المشاركين كانوا يحملون اغصان زيتون واعلاما سورية ولافتات كتب فيها: الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا"، و"لا للعنف نعم للحوار" و"لا للمادة الثامنة من الدستور" التي تنص على ان حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع. كما حمل المشاركون علما سوريا طوله بطول 25 مترا كتب عليه كلمة ازادي بالاحرف اللاتينية. وسجل حضورا امنيا خفيفا، مؤكدا ان قوى الامن لم تتدخل "بل اكتفت بالمراقبة والتصوير".
لكن الناطق باسم حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا "يكيتي" زردشت محمد قال في اتصال مع الوكالة ان "دورية من الامن دهمت مكتب المنظمة الاشورية الديموقراطية في القامشلي واعتقلت 12 شخصا"، مشيرا الى ان "قوى الامن استولت على جميع محتويات المكتب من اجهزة كومبيوتر ووثائق واشرطة". واشار الى ان ذلك تم "بعد الانتهاء من تظاهرة القامشلي التي لم يحتك بها رجال الامن الذين حضروا بكثافة قربها". وعدد اسماء الذين اعتقلوا وبينهم ثلاثة اعضاء في المكتب السياسي للمنظمة وعضو لجنة مركزية فيها.
وفي رأس العين، التابعة لمحافظة الحسكة، تجمع اكثر من 500 شخص امام منزل عضو اللجنة المركزية لحزب "ازادي" الكردي سعدون شيخو الذين افرج عنه اخيرا وهم يطلقون هتافات تدعو الى سلمية التظاهر والى الوحدة الوطنية. والقى سعدون كلمة امام المتظاهرين "حيا فيها نضال الشعب المطالب بالتغيير الديموقراطي". واكد "ان الاحزاب الكردية تقف مع هذه النضالات اليومية المطالبة بالحرية والديموقراطية والكرامة". كما انطلقت تظاهرة في الدرباسية شارك فيها اكثر من 3500 شخص وهتفت "ازادي ازادي". وخرج المئات في عمودا وهم يهتفون "واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد"، كما حمل المتظاهرون في هذه المدينة التي يغلب سكانها الاكراد علما سوريا طوله 10 امتار ولافتة كتب فيها: اريد ان اتكلم بلغتي". ويطالب اكراد سوريا بالاعتراف بخصوصيتهم الثقافية ومكانتهم في الحياة السياسية في البلاد بعدما حصلوا مطلع نيسان على حقهم في الجنسية السورية بعد نصف قرن من الانتظار والاحتجاجات.
البوكمال واقدم متظاهرون في مدينة البوكمال على الحدود السورية - العراقية على حرق جزء من مبنى مديرية المنطقة، مما ادى الى تصاعد دخان كثيف وصل الى السجن الذي ضم العشرات من السجناء، فسارع الأهالي الى إخراجهم. وقال شهود لوكالة "يونايتد برس" ان "اكثر من 1000 متظاهر أقدموا على حرق خمس سيارات للشرطة وسبع دراجات نارية وحرق جزء من مبنى مديرية المنطقة ووصل الدخان الى السجن الامر الذي عرض حياة عشرات المساجين للخطر مما دفع الاهالي الى إخراجهم من السجن ".
شيخ قراء الشام واعلن شيخ قراء بلاد الشام العلامة كريم راجح استقالته احتجاجا على التعامل الأمني مع رواد الجوامع. وقال في خطبة مقتضبة القاها امام المصلين في جامع الحسن في حي الميدان بدمشق: "ارسل من هنا الى وزير الاوقاف والى مدير الاوقاف انني لا اخطب بعد اليوم الى ان تنتهي هذه الامور". واضاف "ان المساجد لكل الناس لا لفئة دون فئة واذا كان الامن يخاف ان تخرج هذه الجموع من المساجد فليتخذ طريقة اخرى، لا ان ينتقم من المساجد فيمنع المصلين من دخول بيوت الله من اجل الا يكون تظاهر".
804 قتلى الى ذلك، كشف المرصد أن حصيلة ضحايا الاحتجاجات في سوريا وصلت إلى 804 مدنيين و134 من افراد الجيش وقوى الأمن منذ بدأت منتصف آذار الماضي، كما اعتقل أكثر من 9000 شخص. واورد اسماء جميع القتلى والمعتقلين. وقال في بيان: "هناك معلومات عن شهداء مدنيين آخرين في مختلف المدن السورية لم يستطع المرصد توثيق اسمائهم، كما أن عدد المعتقلين قد يكون أكثر من 9000 بسبب ورود معلومات يومية عن اعتقالات لم يتمكن المرصد من توثيقها".
موقف روسيا ■ في موسكو، اكدت روسيا انها لم تغيّر موقفها من الوضع في سوريا وسبل معالجته بعد خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال فيه إن على الرئيس السوري قيادة العملية الانتقالية أو التنحي عن السلطة. ونقلت وكالة "نوفوستي" عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش ان موسكو تدرس بدقة خطاب أوباما عن الشرق الأوسط، وأن موقفها من الوضع في سوريا وسبل معالجته لم يتغير بعد الخطاب. وأعاد إلى الأذهان قول الرئيس دميتري ميدفيديف في مؤتمره الصحافي قبل يومين بأن موسكو لن تؤيد أي قرار يصدر عن مجلس الأمن في شأن سوريا مماثل لقراره 1973 في شأن ليبيا.
(و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ)
|