الأحد ١٨ - ٥ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: شباط ١٤, ٢٠١١
المصدر: nowlebanon.com
 
للأسباب الغلط... - حازم صاغيّة

في بيئة 14 آذار حذر حيال الثورة المصريّة. في بيئة 8 آذار تهليل بالثورة المصريّة.

أغلب الظنّ أنّ الطرفين توصّلا، للأسباب الغلط، إلى ما توصّلا إليه.

 

بالنسبة إلى ـ14 آذار، اقتصر الاهتمام على سقوط نظام "معتدل"، لا نظام "ممانع". لم يُنتبَه إلى أنّ الأنظمة الشائخة كلّها قد تغدو معرّضة للسقوط. لم يُنتبه إلى أن ارتفاع صوت الوطنيّة المصريّة، بدل الإيديولوجيّات القومويّة والإسلامويّة، خبر مفرح للوطنيّين اللبنانيّين. لم يُنتبه إلى أنّ إسقاط نظام أمنيّ عملٌ يذكّر بما فعلته 14 آذار على نطاق أضيق. لم يُنتبه إلى استخدام الساحة والميدان والطرق السلميّة في إسقاط نظام أمنيّ. لم يُنتبه إلى أنّ سياسة حسني مبارك من الانتخابات هي نفسها السياسة التي منعت 14 آذار من تفعيل انتصارين انتخابيّين أحرزتهما. لم يُنتبه إلى أن شيوع جوّ في المنطقة أكثر احتراماً للسياسة والدستور والانتخابات، وأقلّ تعويلاً على السلاح والأمن، هو كسب لـ14 آذار. أمّا الأوساط الـ14 آذاريّة المتخوّفة من تصاعد دور "الإخوان المسلمين"، ففاتهم أنّ الاحتضان الديموقراطيّ والغربيّ للثورة المصريّة أبرز وأهمّ ما يقطع الطريق على احتمال كهذا.

 

المقدّمة نفسها تنطلق منها، ولو على نحو مقلوب، بيئة 8 آذار: الاقتصار على أنّ النظام الذي سقط نظام "معتدل" وليس "ممانعاً". هذه المخادعة الذاتيّة وصلت إلى ذروتها مع المرشد الإيرانيّ خامنئي ورئيس جمهوريّته أحمدي نجاد: لقد وسما الثورة المصريّة بإسلاميّة مزعومة، فيما كانا يمنعان تظاهرة للمعارضة الإيرانيّة!


هذه البيئة لم تنتبه إلى أنّ الجيش المصريّ الذي يتولّى حراسة الانتقال المأمول إلى الديموقراطيّة هو راعي كامب ديفيد، ولا إلى حقيقة أنّ إشكال غزّة لم يتحوّل شعاراً من شعارات الثورة، ولا إلى أنّ صوت العداء لأميركا لم يُسمع في الثورة، ولا إلى أنّ الثورة بقواها وتحرّكها والقوى المعبّرة عنها لا تمتّ بمطلق صلة إلى الايديولوجيّات التي تحملها هي، كما لا تمتّ إلى الذاكرة النضاليّة التي تغرف منها، ولم تنتبه إلى أنّ عودة مصر إلى المنطقة، فيما هي تحمل معها الديموقراطيّة والسلام، ستقلّص أحجام القوى الأخرى (وفي عدادها سوريّا وإيران) التي نمت أدوارها في ظلّ تراجع الدور المصريّ، ولا إلى أنّ مزيداً من الضغط على إسرائيل بما يلجم عربدتها ويساعد في إقامة دولة فلسطينيّة، يقطع الطريق على القوى "الممانعة" ودعاوتها.

إنّ الأسباب الغلط في البيئتين تدلّ إلى الأعطال البنيويّة في كليهما. لقد بدت 14 آذار أمام الحدث العظيم باهتة وسخيفة ورجعيّة، بينما بدت 8 آذار كاذبة ومواربة. العقل الضيعجيّ في النظر إلى العالم توزّع بينهما على نحو عادل.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة