الأربعاء ٧ - ٥ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: تشرين الأول ٢٥, ٢٠١٢
المصدر: موقع مؤاب - الاردن
هل تقدمنا نحو الديمقراطية؟ - عمرو الشوبكي

البعض يتصور أن نجاحه هو فى إقصاء الآخرين، والبعض يتمنى أن يغمض عينه ويفتحها ويجد مصر بلا ليبراليين أو يساريين أو سلفيين أو إخوان، وبلا مسيحيين أو مسلمين، ويتوهم أن انتصاره فى استبعاد الآخرين وليس منافستهم فى الاستحقاقات الانتخابية المعروفة: برلمان ورئاسة.
 
والحقيقة أن طريقة تعامل البعض مع مظاهرة الجمعة الماضى قد دلت على أننا لم نتقدم كثيرا نحو الإيمان بالديمقراطية، فالهجوم الذى تعرض له المتظاهرون لمجرد أنهم تظاهروا ضد الإخوان قد دل على أننا لم نؤمن بعد بحق التظاهر السلمى، فمهما كانت قسوة الشعارات المرفوعة فإن النظر إلى المعارضين باعتبارهم من «الخوارج» ويستحقون الشتيمة، وإن أمكن الضرب، يدل على وجود ضعف شديد فى الثقافة الديمقراطية، والقدرة على قبول الآخر واحترامه.
 
إن الصراع الدائر الآن على الساحة السياسية ليس لديه علاقة تذكر بالشريعة ولا المادة الثانية، حتى يتهم الإخوان خصومهم السياسيين بأنهم ضد الشريعة والدين، ولا مصر حقيقة مهدده بأن تحكم على طريقة طالبان كما يروج بعض العلمانيين المتطرفين، إنما هى أمام خطر بناء حكم سلطوى ونظام سياسى فاشل ليس بسبب مظاهرات التحرير، إنما بسبب تركة مبارك أولا، وأداء من فى الحكم ثانيا.
 
إن شيطنة الخصوم وعدم تقبل من فى الحكم أن هناك معارضة تهدف وتخطط للوصول إلى السلطة، واعتبار هذا الهدف فى حد ذاته مثيراً للغرابة ويستدعى الشتيمة والهجوم- أمر لا يستقيم مع أبسط قواعد الديمقراطية.
 
مظاهرة التحرير كانت مطلوبة ورائعة لم يعكر صفوها إلا منع أنصار حزب المؤتمر من دخول الميدان وإلقاء أعلامهم وملصقاتهم فى الشارع، وهو أمر يستلزم رفضه مهما كانت المبررات.
 
قد تكون مظاهرات التحرير بداية لتحرك حقيقى للقوى المدنية نحو بناء مشروع سياسى بديل قادر على منافسة الإخوان لا إقصائهم لأن القادم سيكون أصعب بكثير مما نحن فيه الآن، وأن مصر مقبلة على مشكلات اقتصادية كبيرة فى ظل فشل حكومى فى التعامل معها، كما أن إدارة الملف الخارجى مازالت تحكمه معضلة الخطابين: واحد محلى للمصريين وفيه يعبئ الإخوان جمهورهم ضد إسرائيل والصهيونية، والثانى للتصدير، وفيه يخاطب الرئيس «صديقه الوفى» الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وهى معضلة ستواجه أى تيار أيديولوجى سيصل للحكم، والذى لن يكون مطالبا بمخاطبة المسؤولين الإسرائيليين بهذه اللغة إنما بالالتزام باتفاقية كامب ديفيد، وكثير من الالتزامات، وربما القيود الدولية.
 
المخرج لا يجب أن يكون تلفيقيا، ولابد أن يكون عبر آليات ديمقراطية فيها اتساق مع النفس ومصداقية، وتقول للغرب ما تقوله للشعب المصرى، فالمهم هو احترام عقول الناس وإخبارهم بحقيقة وضعنا الاقتصادى والتزاماتنا الدولية والهامش المحدود المتروك لنا لكى نبنى سياسة خارجية شبه مستقلة.
 
فلاتزال ديمقراطيتنا ناشئة، وربما متعثرة، ولايزال وضعنا الاقتصادى سيئاً، وتعليمنا شبه منهار، والأمية تصل إلى الثلث، وهى أمور حين تتغير ولو قليلا يمكن أن يتغير تأثيرنا الدولى كثيرا، المهم ألا نترك كل الأمور للمزايدة السياسية، ونبنى نظاما ديمقراطيا حقيقيا يكون بداية التغيير فى الداخل والخارج
 

المصري اليوم

 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة