Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : تسوية عربيّة ـ كرديّة في سوريّة؟ - حازم صاغية
الجمعه ٩ - ٥ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٣, ٢٠١٢
المصدر: جريدة الحياة
تسوية عربيّة ـ كرديّة في سوريّة؟ - حازم صاغية

أن تتدهور الأمور عسكريّاً بين قوّات «الجيش السوريّ الحرّ»، أو ميليشيات تدّعي النطق باسمه، وبين تنظيمات كرديّة سوريّة مسلّحة في محافظة الحسكة، فهذا ما لم يعد احتمالاً مستبعَداً. والحال أنّ تدهوراً كهذا في الحسكة، أو في حلب، أو في المحافظتين وما بينهما، قد يخرج من النطاق التنظيميّ الضيّق إلى النطاق الأهليّ الأعرض. وهذا، في حال حصوله، لن يكون أقلّ سوءاً على حاضر الثورة وعلى مستقبل سوريّة من تدهور سنّيّ – علويّ هو، بدوره، فائق الأهميّة. بل قد لا يكون من المبالغة القول إنّ العلاقة العربيّة – الكرديّة، التي تغطّي الحدود الشماليّة للبلد، هي أكثر العلاقات الأهليّة السوريّة حيويّة وخطورة من الناحية الاستراتيجيّة والجيوبوليتيكيّة.
 
ولتجنّب احتمال خطير كهذا لا بدّ من تسوية مبكرة تنطوي حكماً على مراعاة كلّ من الجماعتين للأخرى وإدراك لحساسيّاتها. فالمتحدّثون والناشطون العرب حين يتجاهلون التمايز القائم في الواقع باسم الوطنيّة و «الأخوّة» السوريّتين، إنّما يجافون الحقيقة، وأحياناً يروّجون، ولو من دون قصد أحياناً، لعقليّة استبداديّة لا تراعي خصوصيّة الكيانات الأهليّة الأصغر. في هذا المعنى، ومن ضمن تصوّر بسيط وقديم للوطنيّة، تضعف الحساسيّة النقديّة حيال وجود «الجيش الحرّ» في مناطق كرديّة، ويسود الشكّ حيال وجود أجسام تنظيميّة كرديّة تشارك في الثورة من موقعها المستقلّ هذا. والحقّ أنّ ترحيباً عربيّاً بمثل هذه المواكبة من موقع مستقلّ، يمكن أن يكون برعماً لتصوّر مركّب عن سوريّة المستقبل بوصفها كياناً تعدّديّاً ولا مركزيّاً، كما يكون تمريناً على ذاك التصوّر في الوقت عينه.
 
فسوريّة «القطر العربيّ» انتهت إلى غير رجعة، وانتهت معها خرافات الإلحاق والاستتباع «الأخويّين» التي دفع الأكراد السوريّون دائماً أفدح أثمانها.
 
في المقابل، وخصوصاً في الظرف السياسيّ الراهن، لا بدّ إذا ما أريد الوصول إلى خلاصة مفيدة من فصل كامل بين الأكراد السوريّين وبين هموم الأكراد الأتراك ومسائلهم. فالأخيرون تربطهم بنظامهم مشكلات مزمنة ومعقّدة تستغرق نقاشات وآراء لا نهاية لها. إلاّ أنّ المؤكّد أنّ هذا أمر ينبغي أن يعني الأكراد السوريّين أقلّ ممّا تعنيهم الحاجة السوريّة الراهنة إلى تركيا، أردوغانيّةً كانت أم غير أردوغانيّة، من أجل إسقاط النظام الأسديّ. وهذه حقيقة تكاد تكون بديهيّة لا يُمارى فيها. فإذا كان الأكراد السوريّون يسعون إلى حقوقهم الوطنيّة في سوريّة، كان عليهم أيضاً أن يسعوا إلى واجباتهم الوطنيّة فيها. وهذه الواجبات لا تقتصر على الابتعاد عن النهج الإرهابيّ لـ «حزب العمّال الكردستانيّ»، بل تطاول الابتعاد عن أوهام القوميّة الكرديّة العابرة للحدود الوطنيّة، والتي هي لا أكثر من شبيه – معاكس لأوهام القوميّة العربيّة العابرة، هي الأخرى، للحدود.
 
فإذا كان المطلوب من السوريّ العربيّ أن يكسر الوطنيّة المركزيّة والاستبداديّة لمصلحة وطنيّة رحبة واستيعابيّة، كان المطلوب من السوريّ الكرديّ أن يُقبل على هذه الوطنيّة السوريّة الجديدة وأن يولي مصالحها أولويّته المطلقة. والمصلحة الأولى اليوم هي إسقاط النظام.
 
واقع الأمر أنّ النيّات الحسنة لا تضمن دائماً منع البنادق من أن تتّجه إلى حيث ينبغي ألاّ تتّجه، أي إلى حيث يبغي النظام الذي يراد إسقاطه: هكذا ننتهي أمام لوحة مزرية يقاتل فيها العربي «انفصاليّة» الأكراد، والكردي «عمالة» العرب لتركيا، فيما يفرك بشّار الأسد كفّيه سعادةً وحبوراً.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة