Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : تآكل الأيديولوجيا الإخوانية وأزمة الإنسان الحديث - طارق أبو العينين
الخميس ٨ - ٥ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: تموز ٣١, ٢٠١٣
المصدر: جريدة الحياة
تآكل الأيديولوجيا الإخوانية وأزمة الإنسان الحديث - طارق أبو العينين
لعل أبرز الدلالات التي تعكسها الأزمة التاريخية الكبرى التي تعيشها جماعة «الإخوان المسلمين» بعد قارعة 30 حزيران (يونيو)، أن هذا الانهيار المدوي الذي أدى إلى تقلص رأس المال التاريخي لتلك الجماعة، لم يكن نتاج سياسات خاطئة انتهجتها بمقدار ما كان نتاجاً لتآكل الأيديولوجيا «الإخوانية» ذاتها.
 
ففهم الجماعة القاصر للإنسان بخاصة ولحركة التاريخ عموماً أحال علاقتها بمحيطها السياسي والاجتماعي في مصر من علاقة احتواء متبادل إلى علاقة صدام وارتطام. فالجماعة انطلاقاً من طابعها الهيراركي، وثقافة الطاعة المتغلغلة في خطابها أفرزت نموذجين من البشر داخلها.
 
النموذج الأول يطلق عليه المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المسيرى في كتابه «العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية» اسم السوبرمان، أو الإنسان الأعلى، الذي يجسد الطبيعة/ المادة ويولد معياريته من ذاته ولا يؤمن بأية قيم خارجة عنها ولا يؤمن إلا بفلسفة القوة كقيمة وحيدة مطلقة. لذلك، فهو إنسان إمبريالي يعتقد أن من حقه أن يوظف الآخرين لحسابه ولتحقيق مصالحه باعتبارة الأقوى المنتصر. أما النموذج الثاني فهو نموذج السبمان أو الإنسان الأدنى الذي يذعن للطبيعة/ للمادة ويخضع للمعايير التي تولد من داخلها. وعبر هذا الإنسان المتكيف عن نفسه عبر أشكال عدة، كالإنسان البراغماتي والإنسان المدجن.
 
لذلك، فإن علاقة التفاعل التاريخية، سواء داخل الجماعة ما بين الإنسان الأدنى والذي يمثل الشريحة العريضة من كوادر وجماهير «الإخوان» والإنسان الأعلى الذي تمثله قيادات مكتب الإرشاد أو خارجها ما بينها وبين السلطة التي تعادل موضوعياً نموذج الإنسان الأعلى في مواجهة الجماعة التي تمثل بالمقابل نموذج الإنسان الأدنى أدت في النهاية إلى فشل تاريخي مروع لتلك الجماعة بفعل عجزها عن التأقلم مع سياقات الواقع الجديدة التي فرضتها ثورة يناير، لأنها ببساطة أسقطت مفهومها الخاص للإنسان وما نتج عنه من نمط مزدوج لعلاقة السلطة داخلها ولعلاقتها بالسلطة في عهود الاستبداد على الواقع السياسي المصري بعد الثورة.
 
هكذا، تمثلت إشكاليتها الأساسية في حجم الصدمة التي تلقتها قياداتها عندما فوجئت بموجات معارضة عاتية لم تستطع استيعابها أو التفاعل معها تحت وطأة ثقافتها الراسخة التي يمثلها هذا المفهوم الذي تصورت قيادات الجماعة في إطاره أن المجتمع المصري بفئاته وتياراتــــه يجب أن يخضع خضوعاً أنثوياً في مواجهة ذكورتهـــم السلطوية الوليدة، كما تخضع كوادر الجماعة لقياداتها، وكما خضعت تلك القيادات لنظام مبارك في السابق وللأجندة الأميركية بعد وصولها إلى السلطة.
 
لذلك، فإن خسارة «الإخوان» كانت فادحة ومضاعفة لأنهم لم يخسروا فقط قاعدتهم الاجتماعية والجماهيرية التي عكفوا على تكوينها طوال ثمانية عقود، بل خسروا أنفسهم أيضاً لأنهم داروا في النهاية في فلك أزمة الإنسان الغربي الحديث الذي تتمحور قيم نموذجه الحضاري حول مفاهيم كالهيمنة بصفته كائناً إمبريالياً أعلى، والاستهلاك بصفته كائناً براغماتياً أدنى. فـ «الإخوان» ذوبوا بذلك أيديولوجيتهم القديمة القائمة على محورين أساسيين، هما مناهضة الاستبداد الداخلي ومناهضة الهيمنة السياسية والحضارية الغربية، وهو ما يستوجب من كل المخلصين داخل تلك الجماعة أن يخضعوا خطابها وتجربتها التاريخية إلى عملية نقد سياسي ومعرفي معمقة لاستعادة الإنسان والأيديولوجيا معاً.
 
* كاتب مصري



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة