التهرب من دفع حقوق الخزينة من ضرائب ورسوم يعد في
الدولة الغربية جريمة ترتقي لدرجة الخيانة ، ولا يقبل بها التسويات نهائيا ، لا بل تخضع محاكمة المتهمين
للمحاكم العليا في البلاد.
في الاردن مازال هناك نوع من المرونة في التعاطي
مع حقوق الخزينة ، لدرجة ان الكثير بدأ يلاحظ ان هذه السياسة المرنة في تحصيل حقوق الخزينة ، تمثل
نوعا من ازدواجية التعامل مع طبقات المجتمع ، رغم ان الجميع امام القانون سواسية
.
البيانات الاولية التي اصدرها البنك الدولي كشفت النقاب عن وجود ما يقارب
800 مليون دينار اموال ضريبية لم يتم تحصيلها منذ سنوات ، وقد اعترفت الحكومة في احدى اجاباتها
على سؤال نيابي بهذا الخصوص ، لكنها قالت انها لا تستطيع حصر الرقم الحقيقي للتهرب الضريبي في المملكة ،
لانه يحتاج الى جهات احصائية ذات مستوى عال من الاداء. بغض النظر عن حقيقة هذا الرقم ،
سواء اكان اكثر او اقل من ذلك ، فالامر سيان ، فالمهم ان هناك حقوقا للخزينة ضائعة منذ
سنوات ، جزء كبير منها معلق في المحاكم ، وهذا الامر يستدعي من الجهات المسؤولة التباحث فيما
بينها لايجاد مخرج لحل تلك القضايا من خلال غرف ومحاكم قضائية مختصة ، تسرع في اجراءات التقاضي
لحقوق الدولة المالية وعدم اطالة فتراتها كما هو حاصل الان .
الامر ليس
مقتصرا على الضريبة ، فالكهرباء هي الاخرى تتعرض لسرقات واعتداءات كبيرة جدا ، وتشير تقديرات هيئة
تنظيم قطاع الكهرباء ان المفقود من الكهرباء بواسطة تلك الاعتداءات يقترب من ال300 مليون دينار
كقيمة سنوية تضيع على الخزينة ، لان هناك تهاونا اداريا في تحصيل اثمان الكهرباء وحماية الشبكات
من الاعتداءات عليها لاغراض مختلفة .
والامر مشابه للمياه التي يشكل الفاقد
بها حوالي 40 بالمائة ، جزء كبير منه يعود للاعتداءات على خطوط المياه وسرقتها وعدم دفع اثمانها
الحقيقية للخزينة .
حتى في قطاع الاتصالات هناك حقوق للخزينة مسلوبة من
قبل بعض من يتجار في ما يسمى بالمكالمات الدولية عبر الانترنت ، والتي تتجاوز بها شركات الاتصالات
المرخصة والمستثمرة لمئات الملايين من الدنانير ، مقابل مكاتب غير قانونية تقدم خدمة
الاتصال الدولي دون ان تدفع اية ضرائب او رسوم للحكومة التي اصلا تشارك في عائدات شركات الاتصالات
بنسبة 10 بالمائة ، ناهيك عن الضرائب المرتفعة التي فرضتها عليها
.
تحصيل حقوق الخزينة أمر مقدس ، ويجب أن لا يكون هناك أي نوع من التهاون فيه
تحت اي ظروف ،لأن ذلك يعني خلق معادلة مزدوجة في المجتمع ، حتى مسالة تشجيع المتخلفين عن الضرائب
باعفائهم من الغرامات مسألة أدت الى تشجيع التهرب الضريبي ، لا بل عملت على مكافاة المتهرب
ومعاقبة الملتزم تجاه خزينة دولته ، المطلوب مساواة في التعامل وتطبيق القانون على
الجميع.
|