حاول النظام المصري مجدداً أمس تخفيف الضغط الشعبي المستمر عليه منذ 12 يوماً، كما الضغوط الدولية المطالبة ببدء انتقال فوري للسلطة في البلاد، مطيحاً أركان الحزب الديموقراطي الوطني الحاكم الذي كان أحد الاهداف المباشرة للانتفاضة، في خطوة وصفتها واشنطن بأنها "خطوة ايجابية"، وإن تكن قالت إنها تتطلع إلى "خطوات اضافية"، بينما رفضها المحتجون، معتبرين أنها حيلة واجراءات شكلية لن تثنيهم عن هدفهم الاول وهو اطاحة الرئيس، ودعوا الى تظاهرات حاشدة اليوم في إطار ما أطلق عليه "يوم الشهداء".
وفي موقف أميركي مربك حاولت وزارة الخارجية الاميركية تقليل أبعاده، صرح المبعوث الاميركي الى الازمة المصرية فرانك ويزنر أن مبارك يجب أن يبقى في السلطة للإشراف على عملية تحول السلطة في مصر، بعدما كان الرئيس الاميركي باراك أوباما يؤكد بدء مناقشات لتأمين صيغ لانتقال السلطة على نحو منظم في مصر. وبث التلفزيون المصري أن هيئة مكتب الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم استقالت، بمن فيها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، وأن حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي في أمانة السياسات وعضو الامانة العامة للحزب، سيتولى منصب الأمين العام خلفاً لصفوت الشريف. وينظر إلى بدراوي، المعروف بعلاقاته الجيدة مع المعارضة المصرية، على انه عضو في الجناح الليبرالي للحزب.
وسحبت قناة "العربية" تقارير بثتها سابقاً أفادت بأن مبارك استقال أيضا من رئاسة الحزب الديموقراطي الوطني. وقال القيادي في جماعة "الاخوان المسلمين" محمد حبيب ان هذا الاجراء "محاولة لتحسين صورة الحزب، ولكنها لن تغني عن الهدف الحقيقي للثورة، وهو اسقاط النظام بدءا باستقالة الرئيس مبارك... إنها محاولة للالتفاف على الثورة وكسب الوقت".
وفي واشنطن، صرح الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي طومي فيتور بان استقالة اعضاء هيئة المكتب السياسي في الحزب الحاكم في مصر "مرحلة ايجابية نحو تغيير سياسي ضروري"، مضيفاً: "اننا ننتظر مبادرات اضافية... وهكذا، كما قال الرئيس مرارا، سيعود الى المصريين انفسهم ان يقرروا في شأن مجرى العملية الانتقالية. اننا نرحب باية مرحلة جديدة تشجع هذه العملية". وكان اوباما حض الجمعة "الرجل الوطني" حسني مبارك على الاستماع الى مطالب المتظاهرين، ملمحاً الى ان الرئيس المصري سيغادر السلطة فورا.
وفي موقف أميركي لافت، وصف فرانك ويزنز الديبلوماسي الواسع النفوذ والسفير الاميركي السابق في مصر، مبارك الذي التقاه الاسبوع الماضي بناء على طلب من اوباما، بانه "صديق قديم" للولايات المتحدة. وقال خلال مناقشة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، في اطار مؤتمر السياسة الامنية في ميونيخ في جنوب المانيا، انه يرى ان "بقاء مبارك رئيسا للبلاد امر حيوي. انها فرصة له لتحديد ماذا سيترك (خلفه). لقد كرس ستين سنة من حياته في خدمة بلاده، انها اللحظة المثالية بالنسبة اليه لتحديد المسار الواجب سلوكه... يجب التوصل الى تفاهم وطني حول الظروف المناسبة للانتقال الى المرحلة التالية" و"على الرئيس ان يبقى في منصبه لتطبيق هذه التغييرات". الا أن مسؤولاً اميركياً يرافق وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى ميونيخ لفت الى أن ويزنر تحدث بصفته مواطناً عادياً عن الدور المستقبلي للرئيس المصري. وقال إن "فرانك ويزنر تحدث بصفته مواطناً عاديا، بصفة محلل، وليس بصفته ممثلاً للحكومة الاميركية".
الحد من سلطة مبارك في غضون ذلك، تحدثت صحيفة "النيويورك تايمس" عن ان النائب الجديد للرئيس المصري اللواء عمر سليمان وقادة الجيش المصري يبحثون في مختلف الفرضيات الرامية الى الحد من سلطة الرئيس وابعاده من القصر الرئاسي. ونسبت الى مسؤولين اميركيين ومصريين ان هذه الفرضيات المختلفة لا تقضي بدعوة الرئيس الى التنحي فورا، لكنها تتيح تأليف حكومة انتقالية في رئاسة سليمان الذي يجري مفاوضات مع شخصيات من المعارضة على تعديلات للدستور المصري واصلاحات اخرى. ولفتت الى ان من بين الفرضيات المطروحة للمناقشة من اجل تأمين مخرج مشرف للرئيس، اقتراح أن يذهب مبارك للسكن في منزله بشرم الشيخ على البحر الاحمر، او ان يذهب لتلقي العلاج كما دأب على ان يفعل كل سنة في المانيا، على ان يطول العلاج هذه المرة.
محاولة اغتيال الى ذلك، بثت قناة "فوكس نيوز" ان نائب الرئيس المصري تعرض قبل أيام لمحاولة اغتيال، قتل فيها اثنان من حراسه، الا أن الحكومة المصرية نفت ذلك، وقالت إن رصاصة طائشة من تبادل للنار بين "عناصر اجرامية" أصابت السيارة التي كانت تتقدم موكب سليمان، بينما كان يسير في منطقة مضطربة في 28 كانون الثاني الماضي. وأضافت أن اللواء سليمان لم يصب بجروح، وأن ليس ثمة دليل على أنه استهدف عمداً، ووصفت اطلاق النار بأنه حادث عرضي.
تفجيران وفي خضم الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد، فجر مجهولون خطاً لانابيب الغاز يمتد عبر شمال سيناء، مما أدى إلى توقف الإمدادات إلى إسرائيل والاردن، وأثار مخاوف من أن تلجأ جماعات إلى استغلال الاضطرابات التي تشهدها البلاد. وقال موقع "سايت" الذي يتابع المواقع الإسلامية على الإنترنت إن "الجهاديين اقترحوا أن ينتهز المسلمون في سيناء القلاقل في مصر ويفجروا خط الغاز بين العريش وعسقلان (في إسرائيل) قائلين إن ذلك سيكون له أثر كبير على إسرائيل". ولاحقاً، ألقى مهاجمون مجهولون قنبلة يدوية على كنيسة خالية في رفح قرب الحدود مع غزة، وألحقوا بها أضراراً. كذلك، نقل "سايت" عن موقع إسلامي على الإنترنت: "إلى إخوتنا بدو سيناء أبطال الإسلام اضربوا بيد من حديد لأن هذه فرصة لوقف الإمداد للإسرائيليين".
70 ملياراً في غضون ذلك، نسبت صحيفة "الغارديان" البريطانية الى تحاليل لخبراء في شؤون الشرق الاوسط أن ثروة عائلة مبارك تقدر بما يصل الى 70 مليار دولار، موضحة أن الجزء الاكبر منها مودع مصارف بريطانية وسويسرية أو ذات صلة بعقارات في لندن ونيويورك ولوس أنجلس، اضافة الى أملاك في البحر الاحمر. وفاقم هذا التقرير الاستياء في أوساط المحتجين وزعماء المعارضة. وص ف، رويترز، أب، أش أ، ي ب أ، "الغارديان"، "النيويورك تايمس"
|