الأثنين ١٨ - ٨ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: شباط ٧, ٢٠١١
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
مصر
"أحد الشهداء" جمع الأقباط والمسلمين في ميدان التحرير
البرادعي غاب عن الحوار و"الاخوان" باقون فيه وإن اعتبروه شكلياً

على وقع هتاف "الجامع والكنيسة، الهلال والصليب بيقولوا ارحل يا رئيس"، أحيا ميدان التحرير "أحد الشهداء"، وهو اليوم الثالث عشر للتحركات الشعبية، بالحماسة ذاتها وبحضور قبطي أوسع من المعتاد، بينما كانت المصارف تسجل عودة خجولة إلى العمل بعد أكثر من أسبوع من التوقف. وواصل النظام المصري تقديم تنازلات شكلية في محاولة لاستعادة الإمساك بزمام الأمور، من نشاط محكمة النقض للطعن في عضوية مجلس الشعب، إلى إعلان قرب التحقيق مع شخصيات أقيلت من الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، وصولاً إلى زيادة أجور موظفي القطاع العام بنسبة 15 في المئة اعتباراً من نيسان. 


حتى الحوار الوطني الذي أطلقه نائب الرئيس اللواء عمر سليمان في حضور "الاخوان المسلمين"، بدا "غير كاف" ومحاولة لكسب الوقت. ذلك ان الوعود بحماية حرية التعبير وإطلاق الموقوفين جعلت البيان الرسمي تكراراً للتعهدات التي كان الرئيس المصري حسني مبارك أطلقها في خطابه الثاني. فبينما لا يزال المطلب الأساسي، للمعتصمين في ميدان التحرير والمفاوضين السياسيين، هو رحيل الرئيس المصري، رد نائبه بأن الديموقراطية تتحقق على مراحل.


وشارك في الحوار ممثلان لـ"الاخوان المسلمين" هما عضوا مكتب الارشاد سعد الكتاتني ومحمد مرسي، ورئيس حزب التجمع رفعت السعيد ورئيس حزب الوفد السيد البدوي وسكرتيره العام منير فخري عبد النور، ورئيس حزب الغد (الجناح الموالي للحكومة) موسى مصطفى موسى وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى، وشخصيات عامة مستقلة بينها رجل الاعمال نجيب ساويرس والخبير الدستوري يحيى الجمل ووزير الاعلام سابقا منصور حسن.


وأوردت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية ان سليمان التقى "ستة اشخاص هم ممثلو الشبان المتظاهرين في ميدان التحرير ... بعد دقائق من انتهاء اللقاء الذي عقده مع ممثلي الاحزاب السياسية والشخصيات العامة".

البيان الرسمي
وصرح الناطق باسم الحكومة المصرية مجدي راضي بأنه تم "التوافق على بيان" تلاه امام الصحافيين. وهو ينص على اجراءات عدة أبرزها "تشكيل لجنة تضم أعضاء من السلطة القضائية وبعضاً من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في موعد اقصاه الاسبوع الاول من مارس (آذار) ". وهذه التعديلات "تشمل المادتين 76 و77 وما يلزم من تعديلات دستورية".


وتضمن البيان اجراءات أخرى عدة منها "فتح مكتب لتلقي الشكاوى عن معتقلي الرأي من كل الاتجاهات والإفراج عنهم فورا مع تعهد الحكومة عدم ملاحقتهم". وكذلك التوافق على "تحرير وسائل الإعلام والاتصالات وعدم فرض اي قيود على نشاطاتها تتجاوز احكام القانون" و"تكليف الاجهزة الرقابية والقضائية مواصلة ملاحقة الفاسدين والمسؤولين عما شهدته البلاد من انفلات أمني". كما أكدت "كل الأطياف رفضها التام للتدخل الأجنبي بكل صوره وأشكاله في الشأن الداخلي المصري". 

"الإخوان": غير كاف
غير ان محمد مرسي رأى أن الاقتراحات في شأن الاصلاحات السياسية "غير كافية". وقال: "نحن في الميدان، وفي الحوار ولا تعارض بينهما. نشارك في الحوار كخطوة أولى، بداية وضع أقدام على طريق لعمل التغيير المطلوب طبقاً لإرادة الناس". وأضاف ان الحوار يمكن أن يحقق أهداف الانتفاضة، وهي "رحيل الرئيس بحزبه وأمنه وحكومته".
أما محمد سعد الكتاتني فصرح :"نحن أمام شرعية جديدة. النظام لم يعد موجوداً، وإن يكن موجوداً شكلاً". وقال ان وجود "الإخوان المسلمين" في الحوار هو "ضمانة لهذه الثورة، ضمانة لاستمراريتها".


وأكد الناطق باسم الجماعة عصام العريان ان "ما استجيب له تم بطريق شكلية ولم تتم الاستجابة لغالبية المطالب". ووصف الحوار بأنه "نقطة واحدة في طريق طويل بزمن قصير". وفي ما بدا توقعاً لرحيل مبارك في نهاية الأسبوع، استبعد العريان قدرته على "الاستمرار في عناده" حتى ذلك التاريخ.
وقال نائب المرشد العام محمود عزت ان "ما حصل اليوم هو اعتراف الحكومة بأن هناك ثورة شعبية وان مطالبها مشروعة، وأحد مطالبنا هو ضرورة مغادرة الرئيس. الأمر مرتبط بالضغط الشعبي، ونحن نقوم بهذا الضغط الذي لا بد ان يستمر".
.وبعد ساعات، أصدرت الجماعة بياناً طويلا بررت فيه دخولها الحوار بعدما رفضته، وذلك "رغبة في توصيل هذه المطالب مباشرة الى المسؤولين الجدد حتى نختبر جديتهم في الاستجابة لها". وأكدت الاستمرار في هذا الحوار "حتى نراقب ونتأكد من تحقيق مطالب الثورة". وتحدثت عن "خلاف في الرأي حول بقية المطالب التي يطالب بها الشعب".


وفي المقابل، اتُفق على نقاط هي "إقرار السلطات ان حركة الشعب التي بدأت في 25 يناير (كانون الثاني) هي حركة وطنية وشريفة"، و"الإقرار بحق المتظاهرين الكامل في التظاهر السلمي في اي وقت لمراقبة تنفيذ مطالبهم والتعبير عن رأيهم"، و"انهاء حال الطوارىء بمجرد تحسن الظرف الأمني وقبل اجراء اي انتخابات مقبلة"، و"ملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين بلانفلات الأمني والآمرين والمنفذين لإطلاق النار على الشباب ومحاكمتهم فورا"، و"تحرير وسائل الاعلام والاتصالات وعدم فرض اية قيود على نشاطاتها".
وبلهجة المنتصر ختمت الجماعة بيانها قائلة: "إننا دخلنا هذا الحوار من مركز متكافىء مع الطرف الآخر، ووفق ارادة حرة. واستجابة النظام للمطالب الشعبية هي التي ستحدد الى متى سيستمر الحوار، كل ذلك والتظاهر السلمي المليوني مستمر لتحقيق مطالب الشعب".

الأحزاب الأخرى
وأفاد مسؤول في حزب معارض شارك في الحوار ان سليمان رفض أن يفوض مبارك  سلطاته اليه". وأشار إلى ان البيان الذي تلاه الناطق الحكومي "لم يأخذ في الاعتبار الاقتراحات والمطالب التي كانت محل تأييد من ممثلي المعارضة، وخصوصا ضرورة تعديل المادة 88 من الدستور" بما يضمن إعادة الإشراف القضائي على صناديق الاقتراع.


وكانت شبكة "ان بي سي" الأميركية للتلفزيون سألت المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد  البرادعي عن أسباب غيابه عن الاجتماع، فأجاب: "لم أدع للمشاركة في المفاوضات، لكنني أتابع ما يحصل". ووصف الحوار بأنه "غير واضح، ولا أحد يعلم من يتحاور مع من حتى الآن، والعملية يديرها نائب الرئيس سليمان والجيش، وتلك هي المشكلة. الرئيس عسكري ونائب الرئيس عسكري ورئيس الوزراء عسكري. أعتقد انهم اذا ارادوا فعلاً ارساء الثقة، لا بد من إشراك مدنيين".


لكن ممثلاً للبرادعي هو مصطفى النجار من "الجمعية الوطنية للتغيير" حضر الاجتماع ووصفه بأنه "خطوة أولى إيجابية"، إلا ان "الشعب لا يزال يريد تنحي الرئيس. الاحتجاج يستمر لأن لا ضمانات ولم تلب كل المطالب. لم نوقع أي بيان. هذه بداية لحوار. نوافق على الأشياء الإيجابية في البيان (الحكومي)، لكن لا نزال نطلب تننحي الرئيس... طالبنا بتحول ديموقراطي كامل وليس إصلاحات جزئية. ولكن سليمان رد بالقول: الديموقراطية تتحقق على مراحل، وأنا حريص على أن يكون هناك فترة تحول سلمي وحكم مدني".


وأقر البرادعي بأن إرغام مبارك على التنحي صار "مسألة نفسية" لدى الشباب الذين قادوا الاحتجاجات منذ 25 كانون الثاني، وإن يكن "لا يجب عليه على الاطلاق أن يرحل عن مصر. هو مصري ومن حقه بالتأكيد أن يعيش في مصر". وانتقد "الالتباس الكبير" الذي أثارته السبت تصريحات موفد الرئيس الأميركي باراك أوباما، فرانك ويزنر.

محاسبة وتعهدات
ويعقد مجلس الوزراء الجديد جلسته الاولى اليوم برئاسة الفريق احمد شفيق. وقد أحالت الحكومة على مجلس الشعب مشروع قانون بصرف زيادة خاصة للعاملين في الدولة بنسبة 15في المئة لشهر آذار، على أن تصرف ابتداء من نيسان.


وغداة توليه الأمانة العامة للحزب الوطني الديموقراطي، طالب حسام بدراوي بإطلاق الموقوفين الشباب "في أسرع وقت ممكن"، ورفع القيود عن حرية الإعلام والاتصالات.
وأوردت أنباء الشرق الأوسط أن نيابة الأموال العامة العليا برئاسة المستشار علي الهواري ستبدأ خلال أيام تحقيقاتها مع رجل الأعمال أحمد عز، أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني الديموقراطي ووزير السياحة السابق زهير جرانه ووزير الإسكان السابق أحمد المغربي ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد.


واستمعت نيابة الأموال العامة العليا إلى أقوال عضو مجلس الشعب السابق ورئيس تحرير صحيفة "الأسبوع" مصطفى بكري في البلاغ الذي قدمه ضد جرانه، وكان قد اتهمه بتخصيص مساحات شاسعة من أراضي هيئة التنمية السياحية لصالح شركة "أوراسكوم" للسياحة والفنادق.
وأعلن رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سري صيام أن المحكمة بدأت توزيع كل الطعون في صحة العضوية في مجلس الشعب على دوائر المحكمة كي تبدأ بتحقيقها وتنتهي منها في أسرع وقت ممكن.

أقباط ومسلمون
ونهاراً شدد الجيش المصري الإجراءات الأمنية في ميدان التحرير وأقفل للمرة الأولى المدخل من ناحية ميدان عبد المنعم رياض. وطوق مئات دبابتين وكونوا دروعا بشرية بمجرد دوران محركاتها خوفا من أن يكون ذلك بداية لانسحاب الجيش وعودة "البلطجية".
وتحت عنوان "أحد الشهداء"، ازدحم الميدان بمئات الآلاف من المتظاهرين الذين رفع بعضهم لافتات كتب فيها:  "نصف ثورة تساوي هلاك أمة" و"يا مبارك يا طيار جبت منين 70 مليار" دولار.
ولعل أبرز ما ميز اليوم الثالث عشر هو مجاهرة الأقباط بحضورهم. وشارك مئات منهم في قداس أقيم في الميدان، واعتلت المنبر فرقة ترتيل قبطية انغليكانية أنشدت على أنغام الاورغن ترانيم مثل "يا يسوع جايين نصرخ، بارك بلادي يا سامع الصلاة". ووقف واعظ على منصة وقرأ من الانجيل. وردد الحاضرون :"يد واحدة، يد واحدة".
وأكد القبطي القيادي في حزب الوفد رامي لكح ان الأمر "رسالة الى العالم اجمع تؤكد أننا كلنا ضد حسني مبارك".
وخطب جورج اسحق القيادي في حركة "كفاية" الذي يحضر يوميا تقريبا في الحاضرين، وقال: "نصلي كمسيحيين كل يوم أعطنا خبزنا كفاف يومنا، ونرفع معكم اليوم الصوت عالياً، عيش، حرية، كرامة انسانية".


واعتلى ايهاب الخراط، ابن الكاتب ادوار الخراط المنبر وهتف: "الجامع والكنيسة، الهلال والصليب، بيقولوا ارحل يا رئيس"، وقال: "أنا أعارض سياسياً الاخوان المسلمين، لكنني سأدافع عن حقهم الطبيعي في أن يتنظموا في حزب سياسي".


وأكدت ماريان فايق (24 سنة) أنها لا تفوت يوما من غير ان تزور الميدان، وهي لا تخاف التيارات الاسلامية، إذ "لا شيء أسوأ من نظام الارهاب الذي يحكمنا اليوم".
ولم يخف امجد فهمي (38 سنة) استياءه من بطريرك الأقباط الارثوذكس والكرازة المرقسية في مصر الأنبا شنودة الثالث الذي دعا الاقباط الارثوذكس الى البقاء في منازلهم وعدم المشاركة في التظاهرات. وأوضح انه "إذا رفضت المشاركة في هذه التحركات، فهذا يعني انني موافق على الفساد والظلم والقمع".


وأفاد مشاركون في التظاهرة ان القيادة الدينية القبطية الانغليكانية أصدرت تعميماً جاء فيه أن الخيار متروك لكل فرد في الطائفة للمشاركة في التحركات.
كما أدى المسلمون صلاة الظهر في المكان عينه، ثم صلاة الغائب على أرواح "الشهداء".
وأعلنت قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية ان السلطات المصرية اعتقلت في القاهرة الصحافي أيمن محيي الدين الذي يعمل في قناتها الانكليزية.

عودة المصارف
وفي وسط المدينة وميدان طلعت حرب القريب من ميدان التحرير، عادت الحياة تدريجاً إذ فتحت بعض المحال التجارية والمكتبات.
وتدفق الموظفون الى منطقة وسط القاهرة حيث المصارف والمصالح الإدارية، واصطف العملاء للتعامل مع حساباتهم. وأكد مديرو المصارف تلبية الطلبات التي تقدم بها المواطنون، سواء للسحب النقدي بالدولار بحد أقصى 10 آلاف دولار، او بالجنيه المصري بحد اقصى 50 الف جنيه، وفقاً لقرار المصرف المركزي الذي عدل كذلك ساعات العمل في المصارف وجعلها ثلاث ساعات ونصف ساعة فقط. وأقفل الجنيه المصري عند مستوى 5.93 جنيه للدولار ليتراجع نحو 1.3 في المئة منذ آخر معاملات في كانون الثاني. وقررت إدارة البورصة المصرية إستمرار تعليق عمل السوق حتى غد الثلثاء.
(و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ، أب)



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة