بعد أيام من إرسال واشنطن إشارات متناقضة حيال مسألة ما إذا كان يتعيّن على الرئيس المصري حسني مبارك التنحي قبل انتهاء ولايته في أيلول أو ما إذا كان يجب أن يبقى إلى حين استكمال الاصلاحات الدستورية المطلوبة، أقرّت إدارة الرئيس باراك أوباما أمس بأنها لن توافق على مطالب المتعصمين في ميدان التحرير بوسط القاهرة برحيل فوري لمبارك، وقالت ان تنحي الرجل قبل الأوان يمكن أن يعرّض عملية الانتقال إلى الديموقراطية للخطر. وبازاء التغير في الموقف الاميركي تعهّد المعتصمون البقاء في الميدان إلى أن يتنحّى الرئيس المصري، فيما كانت تجري استعدادات لتنظيم تظاهرات حاشدة اليوم والجمعة. أما النظام المصري، فحاول اعطاء إنطباع عن عودة عجلة الحياة في البلاد من خلال اعادة فتح المصارف أبوابها بعد أسبوع من الاقفال، فضلاً عن خفض ساعات منع التجول.
ورأس مبارك جلسة للحكومة هي الأولى تعقدها منذ تأليفها الأسبوع الماضي.

الموقف الأميركي
وعوض التثبت بالرحيل الفوري لمبارك، بدت واشنطن انها تضع ثقلها الآن في دفع الحوار الذي بدأ الأحد بين نائب الرئيس المصري عمر سليمان والمعارضة إلى الأمام.
وقال أوباما: "من الواضح أنه يجب أن تتفاوض مصر في شأن طريق المضي قدماً. وهم يحرزون تقدماً".

وآخذاً في الاعتبار أن نتائج الحوار بين نائب الرئيس المصري عمر سليمان وقوى المعارضة لا تزال متواضعة، صرح الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس بأنه يتعين على الحكومة المصرية أن تتخذ اجراءات ملموسة لتلبية مطالب المصريين بتغيير حقيقي، مؤكداً أن "الكلمات لا تكفي". ودعا أي حكومة مصرية مقبلة الى احترام "الاتفاقات والالتزامات" الحالية، في اشارة أكيدة الى معاهدة السلام التي وقعتها مصر واسرائيل.

ورداً على سؤال عن المشاركة المحتملة لجماعة "الاخوان المسلمين" في أي حكومة إن الولايات المتحدة "ستكون شريكاً" لحكومة مصرية "ونتوقع أن يحترم ذلك الشريك بشكل خاص الاتفاقات والالتزامات التي أبرمتها الحكومة المصرية وتالياً الشعب المصري".

إلا أن، غيبس أكد ان ادارة أوباما لم تتصل بجماعة "الاخوان المسلمين" مشيرا الى الاختلافات الكبيرة مع الجماعة التي كانت محظورة في مصر. وقال: "لم نجر اتصالات مع الاخوان المسلمين" مذكرا بأن الولايات المتحدة "تختلف في أمور كثيرة مع تصريحات بعض قادة هذه المنظمة".

ولاحظ أن مصر شهدت فعلا "تحديا هائلا" من طريق تعهد مبارك عدم الترشح لولاية رئاسية سادسة ومن طريق استبعاد ترشح نجله جمال، ومن طريق تعيين نائب للرئيس، وهي من الامور التي كانت تطالب بها واشنطن منذ عقود.

وبموجب الدستور المصري، يلزم تنحي مبارك اجراء انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما، الامر الذي رأى مسؤولون اميركيون أن هذه مدة لا تكفي للتحضير لانتخابات.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي ان "السؤال الذي سيبرز هو ما اذا كانت مصر اليوم مستعدة لاجراء انتخابات تنافسية ومفتوحة نظرا الى الماضي القريب حين لم يكن من الممكن، وبكل صراحة، وصف تلك الانتخابات بالحرة والنزيهة".

وقال: "أعتقد انه سيكون تحديا صعبا". وأشار الى ان الولايات المتحدة تريد "انتقالا منظما للسلطة في مصر على رغم انه لم يقل إنه يجب ان يبقى مبارك الى حين انجاز هذه العملية.
وبدورها قالت وزيرة الخارجية الاميركية على متن الطائرة التي عادت بها من مؤتمر ميونيخ للسياسة الامنية في المانيا في وقت متقدم الاحد، انه يتعين على المصريين تجاوز عقبات كثيرة لاجراء الانتخابات في ايلول. وأقرت بأن تنحية مبارك قبل ذلك يمكن ان تفسد عملية الانتقال الى الديموقراطية.

نتنياهو
•في القدس، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست انه "من الممكن أن تكون هناك اصلاحات ليبرالية وديموقراطية في مصر. الاحتمال الثاني هو ان ينتهز الاسلاميون فرصة الانقلاب للسيطرة على البلاد، وثالثا هناك امكان ان تحذو مصر حذو ايران".
وأضاف امام أكثر من 400 برلماني اوروبي من 30 بلدا يزورون اسرائيل حاليا، انه قبل سنة ونصف سنة نزلت المعارضة الايرانية الى الشارع وان السلطات قمعت تلك التظاهرات. و"لا أعرف ماذا سيجري في مصر، لكن مصلحتنا واضحة: يجب الحفاظ على السلام القائم منذ ثلاثة عقود، وتحقيق الهدوء في الجنوب، والاستقرار في المنطقة".
(أ ب، و ص ف، رويترز)