الأثنين ١٨ - ٨ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: شباط ٨, ٢٠١١
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
لبنان
لبنان: حكومة ميقاتي قبل نهاية الأسبوع من دون مشاركة قوى 14 آذار
المحكمة تضع الأساس القانوني تمهيداً لإصدار القرار الاتهامي

لم يكن اعلان الرئيس أمين الجميل مساء امس وصول المشاورات في شأن مشاركة قوى 14 آذار في الحكومة الجديدة مفاجئا، أقله لسائر المعنيين بالاستحقاق السياسي، بدليل ان فريق 14 آذار انصرف الى الاعداد لذكرى 14 شباط فاتحة لتحوله الى موقع المعارضة الجديدة، فيما التهبت في المقابل حمى الاستيزار لدى فريق 8 آذار الذي بات استئثاره بالحكومة في حكم المنتهي.


وقد ارتسمت معادلة "الطلاق" بين الفريقين اللذين جمعتهما "حكومة الوحدة الوطنية" برئاسة الرئيس سعد الحريري، في ظل مفارقة تقدم معها الى الواجهة الزعيمان المسيحيان الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون، فالأول الذي تولى التفاوض مع رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي حمّل فريق 8 آذار مسؤولية اخفاق المشاورات بفعل "شروطه التعجيزية التي أوصلتنا الى باب مسدود". أما الثاني فأعلن عشية توجهه الى سوريا للاحتفال بعيد القديس مارون في براد ولقاء الرئيس السوري بشار الاسد انطلاقة ما سماه "النهج الجديد" في لبنان جازما بأن "الحكومة ستتألف بشكل منسجم".


ولم يفت أوساطا سياسية مطلعة في هذا السياق الاشارة الى تزامن هذه التطورات الداخلية مع انعقاد الجلسة الاولى لغرفة الاستئناف في المحكمة الخاصة بلبنان ساعات طويلة أمس، معتبرة ان هذا التزامن، ولو غير المقصود، أبرز في بعديه الرمزي والعملي تحكم ملف المحكمة الدولية بمجمل ما يشهده لبنان وما قد يشهده من تطورات جديدة في المدى القريب.


بيد أن العامل اللافت في هذا السياق تمثل في بروز معطيات عن وضع الرئيس ميقاتي مسودة تركيبته الحكومية على نار حامية الامر الذي من شأنه ان يعجل في ولادة الحكومة ربما في نهاية الاسبوع الجاري.


وقد أكدت مصادر ميقاتي لـ"النهار" ليل أمس ان ولادة الحكومة باتت قريبة، مرجحة انجازها هذا الاسبوع بعد بتّ موقف قوى 14 آذار بعدم المشاركة فيها. وأفادت ان البحث بدأ عمليا في توزيع الاسماء والحقائب، وإن لم يحسم بعد ما اذا كانت التركيبة ستكون من 24 او 30 وزيرا. وإذ لوحظ غياب أي اعلان عن اي لقاءات علنية امس لميقاتي الذي انصرف الى اجراء الاتصالات والمشاورات بعيدا من الاضواء، قالت مصادره لـ"النهار" انه يركز حاليا على "ثابتتين" في انجاز مهمته هما: تأكيد موقع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في التشكيلة الحكومية العتيدة، واحتفاظ الرئيس المكلف بالخيار النهائي في توزيع الاسماء والحقائب بعد أن يُعطى لائحة بكل مطالب القوى التي ستشارك في الحكومة. وأكدت أن تأليف الحكومة ليس مرتبطا بأي موعد، مشيرة الى ان هناك "أجواء تفاؤل" بامكان انجاز التشكيلة الحكومية بين الخميس او الجمعة المقبلين وفي نهاية الاسبوع على أبعد تقدير. وتحدثت عن عودة وجوه من حكومة تصريف الاعمال في الحكومة الجديدة.


وكان الرئيس الجميل صرح بأنه "على رغم حسن نية الرئيس المكلف فرضت عليه من فريق 8 آذار شروط تعجيزية تتناقض وضرورات المشاركة في هذه الظروف الصعبة". وقال ان "المفاوضات وصلت الى طريق مسدود"، مضيفا: "ستبقى يدنا ممدودة ولا يمكننا القول بأن الابواب مغلقة في السياسة". وحذر من "السير بحكومة آحادية تفرض رأيها على الجميع وتعطل دور رئيسي الجمهورية والحكومة".
وزار الجميل لاحقا بيت الوسط حيث اجتمع بالرئيس سعد الحريري، وأفادت معلومات ان الاجتماع توسع لاحقا وشمل  الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.


ورجّحت أوساط في قوى 8 آذار تشكيلة "اكسترا سياسية" مطعّمة بتكنوقراط من 30 وزيراً نظراً إلى صعوبة التوفيق بين مطالب هذه القوى في تشكيلة من 24 وزيراً. واسترعى الانتباه في هذا المجال ما بثته محطة "أورانج تي في" الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" عن اتجاه الى "الاتفاق على نسب المشاركة لكل من أطراف الأكثرية الجديدة باعتماد مبدأ النسبية في تشكيل الحكومة التي يؤيدها 68 نائباً"، بما يعني ضرورة حصول "تكتل التغيير والاصلاح" على 40 في المئة أي 12 وزيراً، وإذا ما احتسبت حصة لرئيس الجمهورية تحسب بالتساوي من كل الأطراف فتصير حصة "التكتل" 11 وزيراً، واذا ما رصدت حصة أخرى لمستقلين تصير في حدها الأدنى 10 وزراء والأمر نفسه بالنسبة إلى المكونات الأخرى للأكثرية الجديدة".


إلى ذلك، قال النائب تمام سلام الذي زار أمس الرئيس الحريري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني بعد زيارة سابقة له للرئيس ميقاتي، أنه "أرى من واجبي، ومن موقعي الوفاقي والوسطي، أن أقوم بمحاولة لتطرية الأجواء في البلد وتقريب وجهات النظر وخصوصاً في الطرف الواحد"، مشيراً إلى أن "المسألة ليست مسألة شخص والحكم يجب أن يكون على الأداء". وانتقد "الذين يتصرفون كأنهم في موقع المنتصر لأنهم يعرقلون الرئيس المكلف ومهمته"، ملمحاً بذلك الى مواقف العماد عون والنائب سليمان فرنجيه.

المحكمة
في غضون ذلك، عقدت غرفة الاستئناف في المحكمة الخاصة بلبنان جلسة أولى تقنية في مقر المحكمة في لايدشندام لتعريف العناصر التأسيسية للقرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقد انعقدت الجلسة بطلب من قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسن الذي يرغب في معرفة ما اذا كانت المحكمة ستستند الى قانون العقوبات اللبناني الذي تعتمد عليه المحكمة في قانونها الأساسي أو على القانون الدولي أو على كليهما معاً لتعريف مفاهيم الارهاب والتآمر والقتل المتعمد والقصدي ومدى امكان توصيف الجرم الواحد بجرائم متعددة تمهيداً "لتطبيق القرار الاتهامي".


وأوضح رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي أن "هذه الجلسة تمثّل لحظة مهمة في حياة المحكمة"، مشدداً على مفهوم "المحاكمة العادلة والسريعة". واعتبر أن "من مصلحة لبنان والمجتمع الدولي أن تجري الاجراءات بسرعة وروية في آن واحد وهي لن تطول وتمتد إلى أجل غير مسمى". وأكد أن أياً من قضاة المحكمة أو مكتب الدفاع لم يطّلع على أي معلومات واردة في القرار الاتهامي.


أما المدّعي العام الدولي دانيال بلمار، فرأى أن تقديم القرار الاتهامي "كان خطوة أولى في الرحلة المستمرة". وقال إن الأسئلة التي يطرحها القاضي فرانسن "تعزّز رأيه في القرار الاتهامي"، لافتاً إلى أن مذكرة فرانسن إلى غرفة الاستئناف لا تستند إلى أي وقائع ولا تشير إلى أي أسماء وردت في القرار الاتهامي السري، مؤكداً ان الجهات التي اطلعت على مضمونه هي "قليلة".


وجرت المناقشات الطويلة والمتشعبة في شأن النقاط القانونية المطروحة من العاشرة والنصف قبل الظهر حتى السادسة مساء، وشارك فيها نائب رئيس المحكمة رالف رياشي والمستشار عفيف شمس الدين وقضاة آخرون من جنسيات مختلفة، الى بلمار وفريق عمله ورئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو وفريق عمله. وأعلن كاسيزي في نهاية الجلسة انه سيصدر أجوبة عن أسئلة قاضي الاجراءات التمهيدية في 16 شباط الجاري ليصدر الأخير في ضوئها قراره بالمصادقة كلياً أو جزئياً على القرار الاتهامي أو برده إلى بلمار.
وفي الوقت عينه وجّه قاضي الاجراءات التمهيدية طلباً الى المدعي العام الدولي دانيال بلمار لتسليمه الوثائق المتعلقة باللواء جميل السيد قبل 11 آذار المقبل.

 



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة