Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : ... في ما خصّ حلم أوباما المكلف! - أكرم البني
الجمعه ٣ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٤, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
... في ما خصّ حلم أوباما المكلف! - أكرم البني
... ويقصد بحلم أوباما، ما يثار عن تطلع الرئيس الأميركي لإبرام تسوية شاملة مع إيران تطوي صفحة عداء طال، وتتضمن تجميد أخطار ملفها النووي والتوافق على نفوذها في الشرق الأوسط، والدليل إصراره على توظيف أقصى الجهود لإنجاح المفاوضات الجارية مع طهران ومغازلتها برسائل مطمئنة وبمحادثات جانبية وببعض التنازلات في عدد من الملفات الإقليمية، ثم التهديد باستخدام حق النقض الرئاسي ضد أية عقوبات جديدة يقررها الكونغرس ضدها، مطالباً بإمهاله بضعة أشهر لإدراك اتفاق نهائي مع هذا البلد! أما دوافع هذا الحلم فلا تعود فقط إلى طموح شخصي لدى سيد البيت الأبيض بأن يتوج سنوات حكمه بتسوية تاريخية مع الخصم الإيراني اللدود، يعتقدها «مأثرة تهم العالم أجمع»، وإنما أساساً إلى عوامل محايثة تمنح الرئيس الأميركي فرصة مقنعة كي يجعل من حلمه حقيقة.

أولاً، الأولوية والزخم اللذان تكرسا من جديد لمكافحة قوى الإرهاب الجهادي بعد تمدد تنظيم «داعش» في سورية والعراق وتنامي أخطار ما يلقاه من تأييد ومساندة من جماعات إسلاموية في بلدان أخرى، ربطاً بالميل الأميركي المزمن للتعاون، ضمناً أو علناً، مع إيران للنيل من هذه القوى والجماعات، وهو ميل يعود في جذوره إلى فكرة يندر الحديث عنها، خلصت إليها مراكز الأبحاث الأميركية بعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وفحواها تغليب خطر الجماعات الجهادية السنّية، إن صحت التسمية، كتنظيم «القاعدة» وأخواته، وتأثيرها في الحضارة الغربية وتقاليدها، بالمقارنة مع الجماعات الشيعية التي تمثلها الميليشيات الموالية لطهران، فدعوة الخميني لهدر دم سلمان رشدي وتصريحات أحمدي نجاد النارية ضد المصالح الغربية بقيت مجرد تهديدات خلبية، بينما لم يدخر جهاديو «القاعدة» جهداً للتطاول على المجتمعات الغربية ومناهضة ثقافتها ونمط عيشها وتنفيذ عمليات إرهابية في عدد من العواصم والمدن الكبرى ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء في أوروبا وأميركا.

وما يؤكد هذا الميل تواطؤ طهران الضمني أو صمتها عن الغزو الأميركي أفغانستان ثم العراق، واليوم تقاسم الجهود مع واشنطن للنيل من تنظيم «داعش» عبر دور ميداني لحلفائها على الأرض يستثمر الضربات الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده أميركا، ولا تخرج عن هذا السياق مرونة البيت الأبيض تجاه تمدد الحوثيين في اليمن طالما يمكن الاستفادة منهم لمواجهة تنظيم «القاعدة» هناك.

ثانياً، ما يمنح حلم أوباما مزيداً من القبول والدعم، هو مبالغة أنصاره بعرض المنافع والنتائج الإيجابية المتوخاة من التسوية مع طهران ومن تحول هذا الخصم إلى صديق وشريك، بدءاً بتخليص القيادة الروسية أحد أهم حلفائها، ما يحاصر مساعيها لمد نفوذها واستعادة دورها التنافسي القديم، مروراً بتضييق الخناق على التنين الصيني وعلى تطلعه لانتزاع دور عالمي يتناسب مع وزنه وقوته الاقتصاديين، وأيضاً تطويق الدور التركي وتحجيم طموحه للتمدد وتحصيل بعض النفوذ الإقليمي، ومروراً بمحاصرة طموحات الحلفاء العرب في الخليج وإبقائهم تحت رحمة الحاجة للدور الأميركي الداعم لهم لضمان استمرار التوازن مع إيران ولجم مطامعها، وانتهاءً بتعزيز استقرار دولة إسرائيل وأمنها، فليس أنفع لحكومة تل أبيب من تجميد ملف إيران النووي سلمياً وتجنب خيار الحرب، وتالياً من بقاء سياسة طهران عامل إثارة لتنافس مذهبي يشغل الطوق الإسلامي السنّي المحيط بها ويضعفه، ولا يغير هذه الحقيقة تكرار التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، أو ما يثار عن خلافات تتصاعد بين أوباما ونتانياهو حول الملف الإيراني، فهي خلافات شكلية تتعلق بالتفرد والطريقة التي تتبعها أميركا حالياً في التعامل مع طهران وليس بالنتائج.

ثالثاً، ينسجم حلم أوباما مع انخفاض أداء السياسة الأميركية التي فقدت الكثير من حيويتها ومن قدرتها على المبادرة بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية ومرارة النتائج التي ترتبت عن حربيها في أفغانستان والعراق، الأمر الذي فرض على البيت الأبيض أسبقية معالجة المشكلات الداخلية، وشجع على خيار المساومات والتفاهمات وما يسمى القيادة من الخلف لحماية المصالح الاستراتيجية الأميركية، متوسلاً القوة الناعمة أو الضغوط المرنة الاقتصادية والديبلوماسية، ومدعوماً برغبة شعبية ترفض أي تورط في نزاعات عسكرية مباشرة تعيدها إلى مربع الحروب.

رابعاً، يستمد حلم أوباما بعض قوته، مرة، من حاجة السلطة الإيرانية المتزايدة لفك الحصار الدولي وتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بخاصة بعد التراجع المتواتر في أسعار النفط وما تكبدته وتتكبده من أعباء نتيجة سياستها الإقليمية التدخلية، معولة في ذلك على احتواء احتمال قيام اضطرابات شعبية نتيجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتنامي الغضب من سياسات التقشف ومن القمع الشديد في مجال الحريات وحقوق الإنسان، ومرة ثانية، من خصوصية الانتماء العرقي للشعب الإيراني وعمق ارتباطه بثقافة الغرب ونمط حياته، خصوصاً مع انحسار جاذبية مشروع الدولة الإسلامية حضارياً ووصوله إلى طريق مسدود على صعيد تنفيذ برامج تنموية تنهض بالإنسان مادياً وحقوقياً.

ربما من المشروع أن يكون لأوباما حلم يتجلى بعقد تسوية تاريخية مع إيران، تجنبه خيار الحرب وتعزز نجاحاته الداخلية وتشكل تالياً نقطة مضيئة في مسيرته السياسية، وربما من المفسر بعد النتائج المخيبة للآمال وبحثاً عن مكاسب سريعة، أن تتحول خطة واشنطن في مكافحة الإرهاب من أولوية دعم التنمية ونشر الديموقراطية في المنطقة لتجفيف منابع التطرف الذي يعتاش على مخلفات القهر والفقر والتخلف، إلى التعاون مع الأنظمة والحكومات المستبدة التي تناهض الإرهاب الإسلاموي، لكن ما ليس مشروعاً أو مفسراً أن يتم ذلك على حساب مصالح الشعوب وتطلعها نحو الحرية والعدالة، وعبر الاستهتار بالنتائج المؤلمة والمكلفة التي يرجح أن تنجم عن استمرار منطق القهر والاستبداد وعما تخلفه لعبة تبادل المصالح وتقاسم النفوذ بين قوى الهيمنة العالمية والإقليمية من آثار سلبية عميقة على شروط حياة الناس وحقوقهم ومستقبلهم.


* كاتب سوري



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة