Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : نقد الفكر الديني - السيد يسين
الأثنين ٢٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٤, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
نقد الفكر الديني - السيد يسين
تشاء الظروف أن يصدر كتابي الجديد "نقد الفكر الديني" (دار العين للنشر) في اليوم نفسه لمشاركتي في ندوة نظمها معرض القاهرة للكتاب لمناقشة كتاب الباحث والمفكر المعروف نبيل عبد الفتاح "تجديد الفكر الديني" (المركز العربي للبحوث، توزيع "الأهرام").

بادرت في مناقشتي للكتاب الى إثارة قضية مهمة هي أن تجديد الفكر الديني الذي نجح نبيل عبد الفتاح في رسم خريطة معرفية متكاملة لأبعاده المختلفة لابد أن تسبقها دراسة متعمقة لنقد الفكر الديني حتى نمهد الطريق لعملية التجديد الشاقة والتي لابد أن يشارك فيها رجال دين ومثقفون لديهم خليفة كافية في مجال "علم أصول الفقه" بالإضافة الى المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية.
والواقع أنني في كتابي "نقد الفكر الديني" تتبعت النماذج المتعددة للفكر الديني والتي يمكن تلخيص مراحلها المتعددة في عبارة واحدة هي "من يوتوبيا الإخوان المسلمين الى جحيم داعش" مرورا بالفكر التكفيري لجماعات إرهابية مثل جماعة "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية".

وقد مارست نقد الفكر الديني - وخصوصا في صورته المتطرفة - منذ سنوات بعيدة إدراكا مبكرا مني لخطورة المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي يتمثل في حده الأدنى بالانقلاب على الدول العربية العلمانية وتحويلها دولا دينية تطبق الشريعة الإسلامية كما يفسرونها، سواء تم ذلك من طريق العنف المسلح، أو من طريق الممارسة الديموقراطية التي تكفل لهم الغالبية كما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير، وفي حده الأعلى بإحياء نظام الخلافة الإسلامية، وتوحيد كل البلاد الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها تحت رئاسة خليفة واحد.

وقد مارست هذا النقد الجذري لهذه التوجهات المتطرفة التي لو تحققت لأدت الى تفكيك الدول العربية، والتغيير القسري لهويتها الوطنية وتوجهاتها القومية.

وقد بدأت هذا المشروع النقدي في منتصف التسعينات من القرن العشرين، وجمعت أبحاثي في هذا المجال في كتاب من جزءين عنوانه: "الكونية والأصولية وما بعد الحداثة: أسئلة القرن الحادي والعشرين" ونشرت الكتاب عام 1996 (المكتبة الأكاديمية بالقاهرة). والواقع أن أهم ما في الجزء الثاني من الكتاب هو تسجيل دقيق للمناظرة التي دارت بيني وبين الشيخ يوسف القرضاوي والتي دارت لأسابيع متعددة على صفحات جريدة "الأهرام".

وقد بدأت المناظرة بمقالة نقدية عنوانها "الحركة الإسلامية بين حلم الفقيه وتحليل المؤرخ" نشرت في "الأهرام" بتاريخ "1/8/1994 وسرعان ما رد عليها الشيخ القرضاوي بمقالة له نشرت في "الأهرام" بتاريخ 7/8/1994 حاول فيها تفنيد آرائي حول أوهام إحياء نظام الخلافة الإسلامية.

وقد رددت عليه بمقال عنوانه "الإمبراطورية والخليفة" نشر في "الأهرام" بتاريخ 15/8/1994 واختتم الشيخ "القرضاوي" المناظرة بمقال أخير له نشر في "الأهرام" بتاريخ 2/8/1994.
كانت هذه المناظرة مقدمة رصدي لتحول الفكر النظري لجماعة الإخوان المسلمين الى فكر إرهابي يقوم أساسا على تكفير غير المسلمين بل وعلى تكفير المسلمين أنفسهم وخصوصا الحكام الذين لا يحكمون بالشريعة الإسلامية، والجماهير المسلمة التي تستسلم لهم ولا تخرج عليهم.

وقد تبنت هذا الفكر التكفيري جماعتان إرهابيتان مصريتان هما جماعة "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" اللتان قامتا بأعمال إرهابية متعددة كان أبرزها واقعة ذبح السياح في مدينة الأقصر، مما دفع بالدولة -أيام الرئيس السابق مبارك- الى أن تشن حملات أمنية مشددة للقبض على أعضاء هذه الجماعات الإرهابية وتقديمهم الى المحاكمة.

وبعد أن استطاعت الدولة استئصال شأفة الإرهاب بدأت بتشجيع من الأمن محاولات قادها زعماء هذه الجماعات الإرهابية في السجون لإجراء مراجعات لفكرهم المتطرف، تتضمن اعتذارهم عن سلوكهم الإرهابي ونيتهم في التوبة والرغبة في أن يعودوا من جديد مواطنين صالحين.

وقد أسفرت هذه الحركة عن صدور أكثر من خمسة وعشرين كتيبا من "المراجعات" أشرف عليها عدد من كبار قادة هذه الجماعات، وأدت في النهاية الى الإفراج عن مئات من هؤلاء الإرهابيين وتأهيلهم ليعودوا الى المجتمع من جديد.
وقد اهتممت اهتماما خاصا بكتب المراجعات ودرستها بصورة منهجية دقيقة لأكشف عن مفردات النظرية التكفيرية التي استندوا إليها في سلوكهم الإرهابي.

وقد غيرت جماعة الإخوان المسلمين نظرتها عبر الزمن والتي تمثلت في رفض الديموقراطية وتبني نظام الشورى حين أدركت أن الانقلاب بالقوة على الدول العربية العلمانية أمر مستحيل فآثرت إتباع تكتيك آخر هو محاولة الوصول الى الحكم من طرق الفوز بغالبية المقاعد في المجالس النيابية مما يتيح لقياداتها تشكيل الوزارة وبالتالي يبدأون مشروعهم التاريخي "أخونة الدولة وأسلمة المجتمع". تماما كما فعلت جماعة "الإخوان المسلمين" بعد ثورة 25 يناير حين استطاعوا الضغط لتنظيم استفتاء حول موضوع "الدستور أولا أم الانتخابات أولا". وهكذا نجحت الجماعة في الحصول على الأكثرية في مجلسي الشعب والشورى وأقدموا بعد ذلك على ترشيح رئيس حزب "الحرية والعدالة" في انتخابات الرئاسة وفاز فعلا محمد مرسي وأصبح رئيسا للجمهورية.
وهكذا بدأت جماعة الإخوان المسلمين - عكس ما صرحوا به من قبل - من أن حكمهم سيكون "مشاركة لا مغالبة"- وأقصوا كل الأحزاب السياسية وانفرد "مكتب الإرشاد" بالحكم وهيمنوا على اللجنة التأسيسية حتى يصدر الدستور على هواهم الإيديولوجي.

غير أن الانقلاب الشعبي في 30 يونيو الذي دعمته بجسارة القوات المسلحة هو الذي أفسد هذا المخطط الذي رسمت خطوطه الولايات المتحدة الأميركية متحالفة في ذلك مع قيادات الجماعة، وخصوصا بعد أن صاغت نظرية متكاملة عن الإسلام الليبرالي، وأبعد من ذلك قرارها الاستراتيجي بدعم كوادر إسلامية معتدلة حتى تكون جماعة الإخوان المسلمين في الحكم حائط الصد ضد الجماعات الإرهابية الإسلامية وعلى رأسها تنظيم "القاعدة".

في ضوء هذا العرض الوجيز عن المفردات الأساسية لمشروعي النقدي لتيار الإسلام السياسي قسمت الكتاب ثلاثة أقسام، الأول عن الفكر الديني بين التشدد والتجدد والثاني عن نقد الفكر الديني التكفيري. والثالث عن محاولة تجديد البحث في الإسلام والديموقراطية للتعرف على مواطن اللقاء، والأخير عن النظرية الأميركية للإسلام الليبرالي. أما القسم الثاني فموضوعه تشريح السلوك الإرهابي- تحليل ثقافي"، والقسم الثالث والأخير تحليل لكتاب خطير ألفه منظر تنظيم "القاعدة" وعنوانه "إدارة التوحش" والذي كان إرهاصا في الواقع لتطبيق تنظيم "داعش" لهذا النموذج النظري الذي صاغ مفرداته.

وأتمنى أن يرسم الكتاب بفصوله المختلفة للقارئ المهتم خريطة معرفية متكاملة أبرز ما فيها تحول الفكر التكفيري إرهابا متوحشا على يد تنظيم "داعش" الذي يمثل بربرية جديدة أصبحت تهدد الأمن الإنساني والسلام العالمي.


باحث مصري


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة