Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : لبنان: الجنبلاطيّة المعمّمة - حازم صاغية
الأحد ٥ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ١٦, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
لبنان: الجنبلاطيّة المعمّمة - حازم صاغية
اكتسب الزعيم الدرزيّ وليد جنبلاط صفة لم يَنفِها عن نفسه. فهو يتقلّب وينتقل بسرعة فائقة من موقف إلى نقيضه، وهو مستعدّ أن يستعير لكلّ موقف «أفكاراً» ونُتفاً أيديولوجيّة تلائمه، خصوصاً وقد تخلّص منذ بداياته السياسيّة من القيود التي تعيق سيولة المواقف، شأن «الحركة الوطنيّة» التي تزعّمها والده كمال في ظروف مختلفة.

وهذا ربّما كان بعض مردّه إلى شخصيّة جنبلاط، لكنّ المؤكّد أنّ سببه الأوّل والأهمّ كامن في حجم الطائفة الدرزيّة التي يتزعّمها، وما ينجرّ عن ذلك من موقع صعب في توازنات الطوائف، يزيده صعوبةً التوزّع الجغرافيّ للطائفة المذكورة على دول المنطقة.

لكنْ إذا أمعنّا النظر في سياسات قادة الطوائف الأخرى منذ عشر سنوات، وجدنا أنّ الجنبلاطيّة غدت حالة معمّمة. صحيح أنّ الأجسام الأثقل وزناً لهذه الطوائف، تبعاً لأحجامها، تجعل الانتقال بها من مكان إلى آخر مهمّةً أعقد، كما تستلزم أوقاتاً أطول. وصحيح أيضاً أنّ طبيعة العلاقة بين التابع والمتبوع تسهّل عمل جنبلاط قياساً بمعظم الزعامات الأخرى. مع هذا، يبقى «القانون» إيّاه سارياً لا يتغيّر.

فالطائفة السنّيّة انتقلت، في ظلّ سعد الحريري، من عداء مطلق مع نظام الأسد، إلى زيارة زعيم الطائفة دمشق في محاولة للتصالح، ثمّ إلى العداء مجدّداً. وقد سبق التقلّبُ ذو الدوافع الإقليميّة التقلّبَ في الخيارات الرئاسيّة، فوقع الخيار الأوّل للحريري على عدوّه سليمان فرنجيّة، وقد يقع اليوم على ميشال عون الذي لا يقلّ عنه عداوة.

أمّا الطائفة الشيعيّة، في ظلّ «حزب الله»، فشهدت تحوّلاً أكبر كثيراً نقلها من اعتبار الصراع مع إسرائيل، وهو علّة الوجود المفترضة، أولويّةً مطلقة، إلى اعتبار الحرب في سوريّة الأولويّة المطلقة. قبل ذلك أمكن للحزب أن «يتفاهم» مع ميشال عون الذي كانت أجواء الحزب وأجواء أصدقائه تتّهمه بما لا يقلّ عن الخيانة والعمالة. ويغلب الظنّ أنّ الحزب يتّبع اليوم سياسة مزدوجة حيال الأخير، واحدة كلاميّة ترشّحه للرئاسة وأخرى فعليّة تعيق وصوله باستخدام حاجز نبيه برّي.

وما يصحّ في الطائفة الشيعيّة يصحّ، على نحو مقلوب، في الطائفة المارونيّة في ظلّ ميشال عون. فهنا أيضاً جاء «التفاهم» مع «حزب الله» مسبوقاً باعتبار الحزب عميلاً للاحتلال السوريّ، فيما كانت أوساط الحزب وحلفائه تتّهم العونيّين الناشطين في الولايات المتّحدة بالتبعيّة للوبيات الصهيونيّة. وقد تعرّض الموارنة، في ظلّ القيادة العونيّة، لانقلاب هائل طال المعاني السياسيّة كلّها تقريباً، من أميركا وإسرائيل إلى سوريّة وإيران.

بمعنى آخر، إذا كان الضعفُ الذاتيّ المصدرَ الذي يفسّر التقلّب الجنبلاطيّ، فإنّ تقلّبات باقي الطوائف تنمّ عن «درزنتها» واحدة بعد الأخرى. فهي كلّها ضعيفة بغضّ النظر عن الأعداد. وحتّى «حزب الله» القويّ كثيراً علينا، إنّما يستمدّ قوّته هذه من مجرّد كونه أداة إقليميّة مطيعة ومطواعة.

وقد يقال إنّ ساسة لبنان الحديث لم يُعرفوا بأنّهم مراجع تقليد في المبدئيّة السياسيّة. مع هذا، كان سياسيّو ما قبل الطائف، وخصوصاً ما قبل حرب السنتين، قابلين للتعريف بألوان يتّسم بها معظم سياساتهم الداخليّة وتحالفاتهم الإقليميّة. يصحّ هذا في رشيد كرامي وصائب سلام وكمال جنبلاط، كما في كميل شمعون وفؤاد شهاب وبيار الجميّل. وهو شيء صار من الماضي تماماً، كما صار لبنان.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة