Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : انتخابات الرئاسة وجمهورية الاستنساب - بشير هلال
الخميس ٩ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢٠, ٢٠١٤
المصدر: جريدة الحياة
انتخابات الرئاسة وجمهورية الاستنساب - بشير هلال
إذن عيَّن رئيس مجلس النواب اللبناني الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية في 23 الجاري. لكن التجارب المتحصلة منذ 1988 تؤكد بأن الدعوة الى جلسة لا يعني انعقادها بالضرورة. واقتضى انتخاب الرئيس سليمان عشرين دعوة شكلية كما «استلزم» غزوة بيروت والجبل في 7 أيار (مايو) 2008 ثم اتفاق الدوحة ليتم اخيراً بعد مضي أشهر طويلة من المهلة الأصلية. 

والحال أن المادة 73 من الدستور اللبناني تنص على أنه قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل، أو شهرين على الأكثر، «يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد»، وعلى أنه إذا لم يُدْعَ لهذا الغرض «فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس». لكن ثمة عاملين «دستوريين» قد يُطيحان إجراء الانتخاب ضمن المهل، فتخلو سدة الرئاسة وتناط صلاحياتها بمجلس الوزراء وكالةً:

الأول، لأن حضور النواب ليس أكثر من الزامٍ «معنوي» وحسب، لا يُرتب تجاهله اية عقوبات كتلك التي تضعها دساتير بعض الدول او الأنظمة الداخلية لهيئاتها التمثيلية، والمتراوحة بين الجزاء المالي وفقدان النائب مركزه وسقوط نيابته. 

الثاني، أن انتخاب الرئيس في الدورة الأولى يتم بغالبية الثلثين من «مجلس النواب» وبالغالبية المطلقة «في الدورات التي تلي» وفق المادة 49 من الدستور. وبالتالي لا يمكن بداهةً السير بالآلية الانتخابية من دون تأمين نصاب الدورة الأولى المستحيل في التركيبة الحالية للمجلس إلا باتفاق تجمُعَيْ 8 و14 آذار أو بانقسامهما وإعادة تشكيل كتلٍ تؤمِّن هذا النصاب الأولي. وهما مُعطيان غير مؤكَّدين مبدئياً في اللحظة السياسية الراهنة على رغم التسريبات الكثيرة بأن التفاهمات الإيرانية - السعودية - الدولية التي رعت تشكيل «حكومة المصلحة الوطنية» سترعى التوافق على انتخاب الرئيس الجديد. بيد أنه في قلب هذا البناء الدستوري الذي يتضمن الخطوط العريضة ولا يعرض لكل الحالات الممكنة، اعتادت جمهورية «دستور الطائف» إعطاء مكانة خاصة للاستنساب الذي يمثله ويتعهد صوغه وإخراجه رئيس المجلس النيابي مدعوماً بموقعه المؤسسي على مستويي الصلاحيات والرمزية، ولكن خصوصاً بما هو «إكسترا برلماني»، أي أن تمثيله لطائفته في هيكلية النظام ولقوتها على الأرض في التوازنات اللبنانية وتقاطعاتها الإقليمية، بحيث أن «اجتهاده» أخذ يكتسب تدريجاً قوة تحكيم «قانونية» في دور عمل البرلمان وآليته، من دون العودة إليه «مجتمعاً» كمرجع ٍلتفسير دستورٍ هو واضعه. والأمثلة كثيرة بخاصة في مرحلة ما بعد النهاية الرسمية للوصاية الأسدية. ولعل ابرزها اعتباره حكومة الرئيس السنيورة غير ميثاقية وغير دستورية وإقفال البرلمان في وجهها بعد استقالة وزراء حزب الله وحركة «أمل» منها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 لرفض 14 آذار مطالبهما بتغييرٍ حكومي يؤمِّن لهما الثلث المعطل، ولمعارضتهما مسودة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري. وقد بلغ الاستنساب ذروته برفضه عرض مشروع الحكومة لتعديل الدستور (المادة 49 التي توجب استقالة موظفي الفئة الأولى قبل سنتين لقبول ترشُحهم) بما سمح لقائد الجيش آنذاك ميشال سليمان بالترشُح مُفضلاً الإدلاء باجتهاد شخصي قوامه «إن إنقاذ البلاد يستحق تجاوز الدستور».

آخر الاجتهادات الاستنسابية وليس أخيرها هو تحديده بموافقة مكتب المجلس، من دون «المجلس مجتمعاً»، نصاب الالتئام في الدورات التالية للأولى، بأنه «الثلثان في كل الجلسات»، وأن نصاب الاقتراع هو «النصف زائداً واحداً من مجموع المجلس النيابي، اي 65 نائباً للفوز في الدورة الثانية». الأمر الذي يشكل تعديلاً للدستور من دون اتباع الآليات الدستورية المطلوبة.

ليست هذه الاستنسابية هي الوحيدة بالطبع، فالأطراف السياسية اللبنانية تمارسها بمقادير وفي ميادين وعلى مستويات متعددة وفق درجة نفوذها، لكن صدورها عن رئيس مجلس النواب بما ومن يمثل من شأنه تسريع اندفاعة الدولة في خطٍ انحداري يجمع بين تفريغها من داخلها وبين التجاوز على سيادتها الداخلية والخارجية. ليس معنى ذلك ان تكون كل نتائجها سلبية في دقائقها، لكنها كذلك في الجوهر بوصفها تجاوزاً على دولة القانون. وقد يحدث ان تؤدي أحياناً الى نتائج متناقضة كما في مثال فرض نصاب اقتراع من 65 نائباً للفوز في دورات الاقتراع التالية الذي يرغم الكتلتين الكبيرتين على البحث عن تحالف مع عناصر «وسطية» الادعاء، لكنه يؤدي في الوقت ذاته إلى منع تطبيق قاعدة التداول انطلاقاً من تشكُل أكثرية وأقلية «وطنيتين». 

وبالنتيجة فاستنسابية رئيس المجلس تبدو طريقة للجواب عن ثلاثة «هموم» متزامنة، أولها تمرير الهيمنة العمومية لطرفٍ طائفي يملك الأداة الأقوى، وهو حزب الله، بأقل الخسائر الممكنة، وثانيها لعب دور التوسُط الدائم الذي لولاه لكانت الهيمنة المذكورة شبه مستحيلة سياسياً، حتى لو كانت ممكنة عسكرياً، وثالثها حفظ الجسم الوسيط لحركة «أمل» كشبكة مصالح اجتماعية وزبائنية نافذة في الإدارة وتحاصُص ريوع السلطة. وكل ذلك يرقى الى مستوى الخطر بذاته.

قد يتأمن نصاب انعقاد الدورة الأولى في موعدها إذا صحَّت أخبار التفاهمات الإقليمية - الدولية، وقد لا يُنتخَب رئيس فيها بسبب عجز أي من مرشحي 8 أو 14 آذار عن جمع الأصوات الضرورية للفوز، ما سيفتح الباب للترشيحات المتداولة المتعددة المنشأ (نيابية وسياسية و»غير سياسية» ووظيفية) وللمكتومين الذين يظنون أو يُظَّن انهم توافقيون. فثمة كثرة من الطامحين على رغم أن رئيس «الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية» كان السياسي الوحيد الذي اعلن باكراً ترشُحه رسمياً وأعقبه ببرنامج، بينما اكتفى الجنرال ميشال عون، المرشح المستدام، بشحذ التفاؤل بانتصاره منذ الجولة الأولى باعتباره «مرشح التوافق». 

أما عدم انعقادها فسيكون اشارة إلى مهلة جديدة للتفاهمات أو إلى أزمة سياسية عنوانها «الفراغ» تتطور أو يُطورها الحزب المسلح إلى «أزمة نظام» بنيّة الحسم السياسي - الدستوري (المؤتمر التأسيسي)، استكمالاً لحربه «السورية» وتقاطعها مع انفلاش وتعمُق الصراع السني - الشيعي. وهو احتمال يهدد جملة المعادلات الطوائفية - الدستورية وخصوصاً طرفها الذي يتوهَّم أن الرئاسة حصنه المؤسسي الأهم، فيما تتخلَّع الدولة وتتسيَّد استنسابية تكون دائماً نحو الأسوأ. 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة