Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : أسباب وجذور أزمة نداء تونس - روعة قاسم
السبت ٤ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة القدس العربي
أسباب وجذور أزمة نداء تونس - روعة قاسم
تونس ـ «القدس العربي»: يؤكد كثير من العارفين بخبايا الحزب الأغلبية في تونس، المنقسم في الوقت الراهن إلى شقين متصارعين، واحد بقيادة حافظ قائد السبسي نجل رئيس البلاد وآخر بزعامة أمين عام الحزب محسن مرزوق، أن جذور الأزمة تعود إلى بدايات التأسيس وليست وليدة الأوضاع الراهنة. فخلطة النداء كانت عجيبة منذ البداية وضمت المتناقضات، فهناك الدستوري واليساري من جهة والليبرالي والنقابي من جهة أخرى إضافة إلى مستقلين تبين لاحقا أنهم حاملون لايديولوجيات مختلفة. واعتبر البعض أن حركة نداء تونس هي ظاهرة ظرفية ارتبطت بالحشد لإزاحة حركة النهضة عن الحكم وستنتهي بمجرد إزاحة الحركة الإسلامية من خلال صناديق الإقتراع. كما شبهها آخرون بأحزاب سياسية في العالم ارتبطت بمؤسسها وانتهت بوفاته أو اعتزاله للحياة السياسية وذلك بالنظر إلى التركيبة المعقدة للتيارات الســـياســـية داخــل الحزب والتي تجعل إمكانية التعايش صعبة.

شعور بالحيرة

ويعتبر هشام الحاجي الإعلامي والمحلل السياسي التونسي في حديثه لـ «القدس العربي» أن الاشكاليات التي تثير اهتمام التونسييين والتونسيات الذين وجدوا انفسهم أمام أوضاع مستجدة لم يألفوها في ظل تداخل التهديد الإرهابي مع الأزمة الاقتصادية، عديدة. ومما زاد في تعميق الشعور بالحيرة ما تعيشه حركة نداء تونس من صراعات تحولت إلى خبز يومي للتونسيين، الذين لم يفهم أغلبهم ما يتجلى في سلوك الأطراف المتصارعة داخل الحزب الذي منحوه ثقتهم من توجه إلى منطقة الانفجار، والاعتماد يوميا على سلوكيات ومواقف تبعدهم بشكل يكاد يكون نهائيا عن إمكانية التوافق والابقاء على وحدة الحزب حتى وان كانت شكلية. 

ويضيف قائلا «ان جميع التونسيين تابعوا منذ تأسيس حركة نداء تونس فصولا من أزمات وصراعات أوصلت الحركة إلى حافة الانقسام ولكن أمكن في اللحظات الأخيرة تجنب «المحظور» الذي يبدو ان تلافيه قد أصبح صعبا هذه المرة. ويمكن القول ان ما كان سببا من أسباب قوة حزب حركة نداء تونس قد تحول إلى عامل من عوامل ضعفه ومن أسباب انقسامه الحتمي». 

سياق النشأة

ويرى الحاجي أنه يتعين العودة إلى سياق النشأة لفهم أسباب الاختلاف الحاد بين شقي حركة نداء تونس صاحبة الأغلبية في البرلمان والمنقسمة في الوقت الراهن إلى شقين متصارعين. فلقد تأسست حركة نداء تونس في ظروف يمكن اعتبارها استثنائية على خلفية البحث عن حزب «ينازل» حركة النهضة انتخابيا ويكون قادرا على ان يهزمها وهو ما حصل بالفعل منذ سنة 2012. 

ويضيف: «هنا لعب الباجي قائد السبسي دورا هاما في التجميع موظفا كل خبرته وأيضا نجح في إعطاء صورة الاب الذي يحتمي به التونسيون و «يطيعه» المنتسبون للحركة وهو ما جعل عملية هيكلة الحزب تتأجل وأعطى الأولوية للتعبئة تحت عناوين صحيحة ولكنها فضفاضة وفاقدة للمحتوى. فالتقى الدستوري بالنقابي باليساري بالفوضوي في إطار تجميع فضفاض في غياب بوتقة الأرضية الواضحة التي تذيب كل الاختلافات الكبرى لتخلق هوية جديدة للحزب الناشئ».

«شيطنة» حركة النهضة

ويؤكد المحلل السياسي أنه كان من الطبيعي ان تبرز التناقضات التي أجلتها المعركة حتى قبل أن تنتهي «المنازلة» الانتخابية. كما أن هناك ضعفا بنيويا آخر يعاني منه نداء تونس ويتمثل في انه أقام مشروعه على مبدأ الضدية وجند الناخبين والناخبات على «شيطنة» متواصلة لحركة النهضة ولم يترك خلال حملته الانتخابية فرضية ولو ضئيلة لامكانية التعاطي مع هذه الحركة بعد الانتخابات كشريك وهو ما دفعته إليه نتائج الانتخابات التي لم يحرز فيها أغلبية كاسحة تمكنه من الحكم منفردا وهو ما جعله يبدو في هيئة الحزب المنقلب على وعوده أو الذي لا يحسن قراءة الوضع جيدا بعد أن شكل الإئتلاف الحكومي مع أحزاب منها حركة النهضة. ويضاف إلى ذلك، ان رمز الوحدة وهو الباجي قائد السبسي، مؤسس الحزب قد وجد نفسه مضطرا بحكم الدستور وطبيعة مهامه في رئاسة الجمهورية إلى الابتعاد عن الشأن اليومي للنداء وهو ما يعني ابتعاد عنصر هام في معادلة تماسك الحزب. ويعتقد محدثنا ان الخلافات داخل حركة نداء تونس قد بلغت مرحلة اللا عودة وهذا يمثل عنصر ارباك إضافي للوضع السياسي والاقتصادي الهش الذي تعيشه تونس، ويرى أيضا، أنه ودون الدخول في تفاصيل أو جزئيات قد تؤول على انها انتصار لهذا الطرف أو ذاك، فان ما تعيشه حركة نداء تونس هو امتحان للنخب السياسية التونسية التي لم يرتق أغلبها إلى مستوى تحديات المرحلة ورهاناتها.

الصراع على المواقع

كما يرى البعض أن أزمة نداء تونس تعود في الأساس إلى صراع قياداته على المواقع سواء داخل الحزب أو في أجهزة الدولة، فقد تعامل هؤلاء مع الحكم، وعلى غرار الترويكا السابقة، بمنطق الغنيمة التي يسعى كل طرف إلى نيل أوفر نصيب منها. فقد سبق لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يرأسه المرزوقي، على سبيل المثال، أن عرف ما يشبه مصير النداء بمجرد مشاركته في تشكيل الإئتلاف الحكومي، فولدت من رحمه أحزاب جديدة مثل غرار حركة وفاء بزعامة المحامي عبد الرؤوف العيادي وحزب الإقلاع الذي أسسه الطاهر هميلة إضافة إلى حزب آخر أسسه أمينه العام السابق محمد عبو وذهبت قيادات من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية إلى أحزاب أخرى.

ولعل تأخير عقد مؤتمر الحزب منذ سنة 2012 قد ساهم أيضا في هذه التصدعات التي تشهدها حركة نداء تونس، باعتبار أن المؤتمر الإنتخابي وحده الذي يمكن روافد الحزب المتعددة من الرضوخ لقيادة منتخبة ممثلة لكل الأطياف. لكن يبدو أن القيادات المركزية والجهوية تماطل في عقد هذا المؤتمر حفاظا على مواقعها التي نالتها بالتعيين في غياب تام لصناديق الإقتراع.

اتهامات لحركة النهضة

وتبقى مسألة ضلوع حركة النهضة في تقسيم نداء تونس بحاجة إلى إثبات باعتبار نفي الحركة المستمر لتورطها في هذا الأمر وهي التي تبدو بحاجة إلى شريك قوي في الحكم. فهي تعي أنها غير قادرة في الوقت الراهن على إدارة البلاد بصورة منفردة نظرا للصعوبات الأمنية والاقتصادية التي تعيشها البلاد وبالنظر أيضا إلى الوضع الإقليمي والدولي الراهن الذي قد لا يسمح بعودة الحركات الإسلامية إلى الواجهة. لكن قرب جناح حافظ قائد السبسي، نجل رئيس الجمهورية من الحركة الإسلامية التونسية، يوفر من يطلق العنان لدى البعض للإنتصار لفرضية قيام حركة النهضة بضرب نداء تونس من الداخل لتفكيكه والإنفراد بحكم البلاد. كما يتحدث البعض الآخر عن اتفاق نهضوي مع جناح قائد السبسي لإزاحة اليسار من حركة نداء تونس وتركه حزبا دستوريا صرفا وهي فرضية يمكن دحضها بمجرد الإشارة إلى وجود دساترة ويساريين في كلا الجناحين المتصارعين داخل حركة نداء تونس.

صراع مافيات

كما يرجع البعض سبب أزمة نداء تونس إلى بعض قياداته التي عرف عنها عشقها للمؤامرات والدسائس وانخراطها بسهولة في اللوبيات المتصارعة واستعدادها الفطري لخوض المعارك. ويلوم أصحاب هذا الطرح مؤسس الحزب الباجي قائد السبسي على قبول هذه العناصر في حزبه وقد كان يفترض أن لا يتم الترحيب بها منذ البداية خاصة وأن ماضيها معلوم ولا يتصور أن رئيس الجمهورية لا يعرف هذه العناصر. فصراعات مافيات المال والأعمال في تونس بارزة وبادية للعيان في حركة نداء تونس تغذيها هذه العناصر التي تخدم أجندات لا علاقة لها بمصلحة الحزب أو بالمصلحة الوطنية التونسية. ويسهل شراء ذمم هذه العناصر التي يبدو أن لديها نهما كبيرا لجني المال وتميل إلى طرق الكسب غير المشروع خاصة وأن بعضها يختفي في فترة التوافقات ليعاود الظهور عند اشتداد الأزمات فقط لأداء مهمة كلف بها من هذه الجهة أو تلك.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة