Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : "حزب الله": عرضان سياسي لبناني وعسكري سوري - سليم نصار
السبت ٤ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ٢١, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
"حزب الله": عرضان سياسي لبناني وعسكري سوري - سليم نصار
مطلع هذا الأسبوع اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترامب ليهنئه على الثقة الشعبية التي نالها ويؤكد له استعداده للتعاون معه في مختلف المجالات. وعلقت موسكو على الاتصال الهاتفي بالقول إن هذه الخطوة تمهد للقاء شخصي بعد 20 كانون الثاني 2017. أي موعد دخول ترامب الى البيت الأبيض، ونهاية عهد أوباما.

المؤكد أن عبارات الإعجاب ببوتين التي كررها ترامب أثناء حملته الانتخابية، هي التي شجعت سيد الكرملين على الاتصال به وإبلاغه قرار الانفتاح والتعاون. وذكرت الصحف الروسية أن الرئيسَيْن أشارا في حديثهما المقتضب إلى جعل سنة 2017 بداية مرحلة الانفراج الدولي.

الحكومة البريطانية لا تخفي قلقها من حدوث تقارب روسي - أميركي ربما يكون الشأن السوري أول اختباراته. خصوصاً بعدما باشر ترامب إطلالته الإعلامية الأولى هذا الأسبوع عبر حديث أجراه مع صحيفة "وول ستريت جورنال". وقد رسم من خلال هذا الحديث خطاً سياسياً مختلفاً عن الخط التقليدي الذي التزمته الإدارات السابقة. وقال صراحة إن إدارته ستركز، ضمن أولوياتها على إنزال الهزيمة بنظام "داعش" بدلاً من السعي إلى إسقاط نظام بشار الأسد.

واعترف ترامب في حديثه بتشكيل موقف سياسي يؤدي إلى التخلي عن المنظمات التي تدعمها الولايات المتحدة بالمال والسلاح لمحاربة نظام يقاوم "داعش". وبما أن ايران، التي عقدت مع واشنطن اتفاقاً نووياً، تتعاون مع روسيا بغرض محاربة "داعش"، فإن العمل على إسقاط نظام الأسد معناه، في نظره، إنهاء مهمة موسكو وطهران، ومساعدة العدو الأساسي على البقاء.

ومثل هذا التصور الانقلابي يخالف تصور رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي التي تتهم الأسد بارتكاب جرائم ضد شعبه. واستناداً إلى هذه القناعة، تطالب الأسرة الدولية بإعادة بناء مستقبل سوريا من دون الأسد الذي تعتبره مسؤولاً عن مقتل 400 ألف مواطن وتهجير سبعة ملايين نسمة. لذلك طلبت من وزير خارجيتها بوريس جونسون السفر إلى واشنطن للتعرف على الأعضاء الجدد في إدارة ترامب، لعله ينجح في إقناعهم بتبني موقف لندن من التطورات الجارية في الشرق الأوسط.

والثابت أن الحكومة البريطانية تنظر إلى مواقف ترامب بطريقة لا تختلف عن سائر الحكومات الأوروبية. أي أنها ترى فيه رئيساً متقلباً في قراراته، عفوياً في تصريحاته، الأمر الذي يؤدي إلى عجز المحللين عن استكشاف توقعاته، خصوصاً أنه تجاهل الأسماء البارزة في الحزب الجمهوري أثناء التعيينات، واختار معاونين يفتقرون إلى الخبرة والحنكة... على الأقل حتى الآن.

يوم الاثنين الماضي حدث على الجبهة السورية ما يؤكد نظرية التعاون بين بوتين وترامب. والدليل على ذلك أن القوات الروسية شنت حملة واسعة في البر والجو والبحر، عقب الانتهاء من حديث طويل على الهاتف بين الرئيسَيْن. ووصف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الغارات الصاروخية التي استهدفت شرق حلب ومواقع تدريب قوات المعارضة قرب إدلب وحمص بأنها مظهر من مظاهر التعاون على محاربة الارهاب. علماً أن وزير خارجية أوباما جون كيري كان يتدخل لوقف القصف بحجة حماية المدنيين.

وكما شكل انتخاب ترامب للأسرة الدولية حدثاً سياسياً غير متوقع، كذلك شكل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبنان خرقاً لجمود سياسي استمر نحواً من سنتين ونصف السنة.

وبما أن "حزب الله" لعب دوراً كبيراً في عملية الانفراج، فقد اعتبرته وسائل الإعلام الرسمية في إيران بمثابة القوة الدافعة التي تقود لبنان من الوراء. وعلقت صحيفة "كيهان"، الناطقة بإسم المرشد الأعلى علي خامنئي، في افتتاحيتها تقول: النصر التاريخي لـ حزب الله" في لبنان. ونشرت في صدر صفحتها الأولى صورة السيد حسن نصرالله وهو يستقبل الرئيس ميشال عون في مكتبه. وكان ذلك بمثابة مؤشر على العلاقة الوثيقة التي ستحظى بمباركة طهران، ورضى المسؤولين في طهران. وبسبب الأهمية الاستثنائية التي يوليها خامنئي لدور لبنان على المتوسط، أرسل إلى بيروت وزير الخارجية محمد جواد ظريف، كبير المفاوضين في عملية الاتفاق النووي.

وحرص ظريف، بعد زياراته للمسؤولين اللبنانيين، على حضور "مؤتمر الفرص الاقتصادية بين ايران ولبنان". وألقى كلمة بالمناسبة شدد فيها على أهمية التعاون الوثيق والعلاقات الاقتصادية الصلبة، مع وعد بتذليل الصعوبات من أجل خلق فرص استثمارية بين البلدين.

رئيس "اللقاء الديموقراطي" اللبناني النائب وليد جنبلاط دعا مختلف الأطراف إلى التقاط اللحظة التاريخية التي سمحت بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. كذلك طالب عون وسعد الحريري بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، ملمحاً الى تعليقات بعض السياسيين الذين وصفوا ميشال عون بأنه رئيس لم يُصنَع في لبنان، ... بأن هذه الصناعة لم تحصل في يوم من الأيام.

في الوقت الذي تشاغل اللبنانيون بمتابعة أخبار التشكيلة الحكومية، كان "حزب الله" يقدم عرضاً عسكرياً في مدينة القصير السورية بمناسبة "يوم الشهيد"، نفذته عناصر تابعة لـ"قوات التدخل". وظهرت في العرض دبابات وناقلات جنود ومدفعية ميدان وشاحنات تحمل قاذفات ثقيلة. وتمثل الأمين العام في العرض برئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" هاشم صفي الدين الذي ألقى كلمة أشاد فيها بالنظام السوري وتعهد الدفاع عنه. وكان من الطبيعي أن يتبارى خصوم الحزب، في لبنان والخارج، في تفسير الغايات السياسية والعسكرية التي تتوخاها قيادة "حزب الله" من وراء العرض فوق الأرض السورية بالذات.

واتفق المحللون على اعتبار هذا العرض العسكري مرتبطاً بمستقبل العلاقات الأميركية - الروسية - الإيرانية، وما قد تفرضه الترتيبات الدولية المقبلة من متغيرات على أرض الواقع. خصوصاً أن عهد ترامب يؤذن بنهاية مرحلة دامت من 9 تشرين الثاني 1989 - أي منذ تدمير جدار برلين - حتى اليوم.

ويُستدَل من فحوى الحديث الهاتفي الذي جرى بين الرئيسَيْن الروسي والاميركي أن بوتين يطمح الى جعل ترامب شريكاً في المباحثات المتعلقة بدور الحلف الأطلسي ومستقبل أوكرانيا ورسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، وإبرام اتفاق حل الدولتين في فلسطين المحتلة.

مستشار الرئيس الأميركي الجمهوري للشؤون الخارجية وليد فارس اختصر موقف ترامب من مسألة أزمة لبنان المستعصية منذ عام 1990 على الشكل التالي: "يعتقد ترامب أن التسوية المطلوبة تبدأ من تنفيذ القرار الرقم 1559 الذي يدعو الى تجريد كل الميليشيات والقوى المسلحة غير الحكومية من أسلحتها، سواء كانت "حزب الله" أو المنظمات الفلسطينية". وصدر قرار الأمم المتحدة الذي أيَّده في حينه العماد ميشال عون، عام 2004. واستباقاً لكل محاولة قد تُقْدِم عليها الادارة الأميركية الجديدة، إن كان مع روسيا أو مع نظام بشار الأسد، فإن عرض "حزب الله" كان أشبه بمظاهرة مسلحة بهدف إقناع الدول المعنية بأنه يمثل قوة إقليمية يجب أخذها في الحسبان.

ومن المؤكد أن اختلاف وجهات نظر الدول الأجنبية حول تصنيف ماهية "حزب الله" قد أعانه على زعزعة المواقف الملتبسة لغالبية الدول. ذلك أن الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وهولندا تعتبره منظمة إرهابية مثله مثل "القاعدة". في حين تحصر بريطانيا ونيوزيلندا هذا التعريف - أي الإرهاب - بالجناح العسكري للحزب، مع استثناء الجناح السياسي من التهمة. وبين هذا وذاك، تضع أوستراليا "منظمة الأمن الخارجي" للحزب على قائمة الحظر. أما دول الاتحاد الاوروبي فعجزت عن الاتفاق على تحديد موقف موحد، الأمر الذي ترك حرية القرار لكل دولة على حدة.

ومثل هذه البلبلة تعزز مكانة المختلفين على شرعية عمل "حزب الله" الذي انزلق بالمسيحيين والسنّة والدروز إلى إنعزالية لم تعرفها هذه الطوائف منذ زمن بعيد. لذلك اعتبرت قرارات الحزب، غير المنظورة وغير المنشورة، مجرد هيمنة تشبه الاحتلال بوسائل وطنية.

وعليه يرى المراقبون أن تشكيل حكومة إتحاد وطني لن يكون أمرأً سهلاً مثل انتخاب رئيس الجمهورية!

كاتب وصحافي لبناني


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة