السبت ٢٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون الأول ٥, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
مغزى التنسيق الروسي - الإسرائيلي ... بعد قصف ضاحية دمشق
القدس المحتلة - آمال شحادة 
القصف الإسرائيلي الأخير لقافلة أسلحة، قيل إنها كانت في طريقها من سورية إلى لبنان، ومخزن أسلحة للجيش السوري بالقرب من دمشق، ليس عملية جديدة ومفاجئة. لكن السؤال الكبـــير هـــــو: هل روسيا كانت تعلم بهذا القصف قبل وقوعه؟ وكيف يمكن إسرائيل اختراق الرادارات الروسية التي يمكنها المـــراقبة ضمن دائرة قطرها أربعمئــــة كيلومتر، اي انها قادرة على مراقـــبة، ليس فقط الأجواء اللبنانية والسورية، انما الإسرائيلية ايضاً. وإذا كان الجواب ان روسيا تعلم، فهل صمتت؟ هل صحيح ان الرئيس فلاديمير بوتين اتصل برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، وأيقظه من نومه فجر الأربعاء، بعد تنفيذ القصف ليبلغه ان دمشق خط أحمر؟ اما السؤال الذي لا يقل اهمية، ويسيطر على اجندة الإسرائيليين فهو: كيف ستتعامل اسرائيل مع العوامل المقلقة لها في سورية وكيف ستضمن لنفسها مكانة في اية تسوية يتم التوصل اليها في الأزمة السورية؟

رفع درجة التأهب

دخول روسيا إلى سورية أقلق إسرائيل. فاللاعب الجديد هو حليف من تعتبرهم اسرائيل الد اعدائها «حزب الله» و«إيران»، وداعم لنظام الرئيس بشار الأسد. هذا القلق زاد بدرجة كبيرة عندما قررت روسيا قبل حوالى السنة نشر سربين من طائراتها في منطقة اللاذقية - طرطوس ثم وصل ذروته مع نشر منظومات رادارات وصواريخ من طراز S-400 و S-300. فهذه الرادارت تسجل الحركة الاسرائيلية كاملة، وتقيد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي. هذا ما دفع نتانياهو الى لقاء بوتين ست مرات خلال السنة الحالية وتوصل الطرفان الى تفاهمات، تمنع صدامات بين جيشي البلدين في سورية او على الحدود في الجولان. الطرفان لم يتفقا على التنسيق الكامل والعملية الأخيرة وما أعقبها من تفاعلات يدل على ذلك. فإسرائيل لم تنفذ عملياتها بالتنسيق مع روسيا والتفسير الذي تطرحه جهات اسرائيلية هو ان حزب الله يشكل العدو الأخطر لإسرائيل في المنطقة، وبما انه جزء من تحالف روسيا - إيران - حزب الله ، فلا تستبعد اسرائيل ان تصل اية معلومات ممكن الكشف عنها خلال التنسيق لحزب الله، وهو أمر يشكل خطراً كبيراً بل اعتبره البعض خطاً أحمر.

اسرائيل على قناعة بأن كل عمليات القصف التي نفذتها ضد قوافل اسلحة من سورية الى لبنان لم تمنع حزب الله من استمرار الحصول على اسلحة متطورة ودقيقة. وفي واحد من التقارير الإسرائيلية فإن حزب الله نجح في الحصول على صواريخ من طراز « اس. اي 22»، المضادة للطائرات التي تعتبر الأكثر تطوراً، وصواريخ «ياخونت»، وهي صواريخ شاطئ - بحر دقيقة. هذه التقديرات الواردة في التقارير الإسرائيلية تزيد من قدرة حزب الله على الإصابة الدقيقة لأهداف متوسطة المدى، ومن هنا يؤكد نتانياهو ومعه وزير دفاعه، افيغدور ليبرمان، والوزير السابق، موشيه يعالون، ان اسرائيل لن تتراجع عن خطوطها الحمر وأولها منع نقل الأسلحة الى لبنان. ويترقب الإسرائيليون بقلق ما ينوي الرئيس الأميركي باراك أوباما فعله خلال الفترة المتبقية له قبل تسلم ترامب الرئاسة رسمياً، خصوصاً بعد ما اوضحه الأخير من موقف تجاه الأسد و«داعش» وتاييده المصالح الروسية في سورية. في اسرائيل يقدرون ان أوباما لن يتخذ خطوات تؤثر في التطورات التي تشهدها سورية، وبوتين ينوي استغلال هذه الفترة لتحقيق التفوق الذي يريده في سورية، وفي حلب على وجه الخصوص. ولا تخفي اسرائيل قلـقها، فالتطورات في حــلب من شأنها تحسين موقع الأسد وتساعده على فرض شروطه في أية تسوية بما يوفر له افضل حل يضمن استمراريته ومكانته. ويقلق اسرائيل اكثر، ان تصبح الحدود مع اسرائيل في الجولان المحتل تحت سيطرة ايران وحزب الله والنظام السوري.

اما في شأن القصف الأخير، فعلى رغم ان اسرائيل تتحدث بقناعة كاملة انها لن تتعرض لأي رد من سورية او من حزب الله، الا ان الجيش الإسرائيلي رفع درجة الترقب والتأهب ونشر دوريات على طول الحدود الشمالية، تجاه لبنان وسورية.

علاج في اسرائيل ومواجهات على الحدود

الحديث عن عملية القصف الإسرائيلية على مخزن الأسلحة والقافلة لا يتجاهل العمليتين اللتين سبقتا هذا القصف بين الجيش الإسرائيلي ومنظمة «جيش خالد بن الوليد»، وهي فرع من «داعش». فخلال الحرب السورية كان التواصل بين المسلحين وإسرائيل يقتصر على نقل مصابين الى المستشفيات الإسرائيلية لعلاجهم، وكشــف فـــي معظـــم الحالات انهم من تنظيمات المعارضة وبينها جبهة النصرة وحـــتى «داعش». ولكن تبادل النيران بين الطرفين وإطلاق قذيفة على دورية اسرائيلية ومن ثم، في اليوم التالي القصف الإسرائيلي لموقع في جنوب هضبة الجولان، شكلت لإسرائيل تحدياً جديداً. حيث وضعت هذه التطورات مثلث الحدود بين اسرائيل والأردن وسورية، في ملعب النيران. وخرجت المصطلحات الإسرائيلية الجديدة «داعش على الحدود». «داعش على السياج». داعش يقترب منا»، وغيرها لتحسم ان تهديد المسلحين لأمن اسرائيل وحدودها بات واقعاً على الأرض.

وكما رأى الخبير أيال زيسر فإن هذا التطور يعيد اثارة المأزق الذي يواجه اسرائيل منذ بداية الحرب السورية: ما الذي سيخدم المصالح الإسرائيلية في شكل اكبر انتصار الأسد او انتصار اعدائه، ومن بينهم «داعش»؟ ام ان اسرائيل معنية باستمرار الحرب واستمرار تواجد «داعش» على السياج الحدودي في الجولان؟

زيسر الذي لم يرد على التساؤلات حسم بالقول: «الحرب السورية باتت على وشك الانتهاء، قبل الموعد الذي قدرته اسرائيل». ويشرح موقفه بالقول: «خلال الأسابيع الأخيرة حققت قوات بشار الأسد والروس وإيران، إنجازات في ساحة الحرب. انهم يقتربون من انهاء الحصار على حلب، ثاني اكبر مدينة من حيث حجمها في سورية، وفي مناطق اخرى يستسلم المتمردون ويسلمون المناطق التي سيطروا عليها لقوات نظام الأسد. وإلى هذا كله، تنضم رياح منعشة آتية من واشنطن، حيث كرر الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بأن «داعش» هو العدو الذي يجب التركيز عليه، بالتعاون مع الروس، وليس إسقاط نظام بشار الأسد».

يبقى السؤال الأهم هل يشكل القصف الإسرائيلي لمخزن الأسلحة بالقرب من دمشق واستهداف قافلة الأسلحة مرحلة جديدة في العلاقة بين اسرائيل وروسيا؟ وكيف ستحقق اسرائيل هدفها بضمان دور لها في اية تسوية يتم التوصل اليها في سورية؟


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة