Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : نحو حوار بين العرب والفرس والأكراد والأتراك - حامد الحمود
الخميس ٢٥ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ١٦, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
نحو حوار بين العرب والفرس والأكراد والأتراك - حامد الحمود
لا نكاد إلا أن نسمع عن توترات في العلاقات بين الأمم الرئيسية التي شاركت في صنع الحضارة الإسلامية، وهم العرب والأكراد والفرس والأتراك. وإن حصل من لقاءات بين ممثلين من هذه الأمم، عادة ما يتم في مؤتمرات دولية يكون الأوروبيون وسطاء بين دول أو ممثلين عن هذه الأمم. واستجابة لهذا الغياب، عقد في تونس خلال الفترة 23 - 25 ديسمبر الماضي، مؤتمر حضره ممثلون من العرب والأكراد والفرس والأتراك، بدعوة من "المعهد العربي للديموقراطية" في تونس يهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي السياسي بين ممثلين مستقلين من هذه الأمم. وقد شارك في الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر ممثلون عن السلك الدبلوماسي، مثل سفير دولة الكويت في تونس، والقنصل العراقي.

والحديث عن هذه الأمم حديث يحمل فخرا وشجونا، فهذه الأمم كان لها الدور الرئيسي في بناء حضارة وخلافة إسلامية امتدت لقرون عديدة. وفي ظلها، تكونت حضارة قدمت للبشرية جمعاء علوما وأدبا وعمارة وفلسفة إسلامية، لعبت فيها اللغة العربية – لغة القرآن الكريم – دورا رئيسيا في نشأة ثقافة إسلامية واحدة من ناحية ومتنوعة من نواح أخرى. ومع تراجع اللغة العربية كلغة للثقافة، ونشوء الدول القومية أو الوعي القومي للفرس والأتراك والعرب، توزعت شعوب هذه الأمم إلى دول قومية. وفي كثير من الأحيان، وجد العربي نفسه أصبح فارسيا، والفارسي أصبح عربيا، والكردي أصبح تركيا أو عربيا. فليست هناك جينات عربية وأخرى تركية وفارسية وكردية، إنما هناك ثقافات نابعة من المرجعية اللغوية. الكردي الذي عاش في القاهرة، أصبح عربيا، بل أن أمير الشعراء العربي – أحمد شوقي – من عائلة كردية.

وهناك الكثير من العرب الذين عاشوا في إيران وأصبحوا مراجع دينية وثقافية في إيران. ومنطقة الخليج أكبر مثال على غناها الثقافي والعلمي من مهاجرين من إيران أصبحوا عربا انتماء وثقافة. إن هذا التداخل في الثقافات وتحول الانتماءات وفقا للغة التواصل هما سنة الحياة.

وهناك شجون بين هذه الأمم، فهناك تنافس في السياسة والاقتصاد والتأثير بين هذه القوميات التي أصبحت دولا. وبينما أصبحت الدولتان الإقليميتان – إيران وتركيا – دولتين لهما استراتيجياتهما وثقل سياسي كبير، وجد العرب أنفسهم موزعين بين دول، ووجد الأكراد أنفسهم في وضع أسوأ.

وبالرغم من الحروب والمعاناة لشعوب هذه القوميات، من بين بعضها، يبقى هناك أمل كبير يمكن أن يتحول إلى استراتيجية لتحقيق الاستقرار وتكوين أسواق مشتركة والاستثمار في مشاريع مشتركة. فهذه الازمات التي نمر بها والمعاناة التي نسببها لبعضنا، يجب أن تكون هي الحالة الطارئة، وليست الدائمة. واللحظة التاريخية السائدة المحملة بالمصاعب والمآسي، هي مجرد حالة يجب أن يستفاد منها لتحقيق حلم سلام دائم وازدهار بين شعوب هذه المنطقة من العرب والاكراد والفرس والأتراك. وعلينا أن نتذكر أن أوربا شهدت حربين عالميتين في القرن العشرين، سببتا فناء لأكثر من مئة مليون إنسان.

لذا كانت مبادرة "المعهد العربي للديموقراطية" في تونس مبادرة مميزة. فلا بد من الحوار الهادئ الذي يتفوق فيه الثقافي على السياسي. والإنصات على الخطابة، والمحبة على التشنجات. هذا وقد رسم المشاركون أن أهدافهم هي:

"العمل على تقريب وجهات النظر بين الأمم المشاركة بما يساعدها على إيجاد حلول ملائمة للقضايا الكبرى المطروحة عليها، والمساهمة في نشر ثقافة الحوار ودعم القيم الإنسانية، ومحاربة الافكار والمشاريع المتعصبة والمتطرفة والإرهابية العاملة على تخريب المنطقة وتدمير ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وتشجيع مراكز القرار على بناء سياسات حكيمة قائمة على تعميق قنوات التواصل البناء والتعاون والعمل المشترك بين دول وأقاليم (الأمم الأربع) بما يساعدها على ضمان مصالحها وتحقيق تطلعاتها".

وتطمح المجموعة التي اجتمعت بتونس على تنظيم "المنتدى المشترك لحوار الأمم الأربع" سنويا.

هذا ولا بد من التذكير كذلك إن هموم هذه الأمم متشابهة ومختلفة في الأوان نفسه. فهناك معاناة للعرب بسبب تدخلات وطموحات قومية فارسية أخلّتْ بقيم الجوار الجغرافي والمشترك الحضاري الإسلامي. وهذه لا تشكل خطرا على الطموحات العربية فقط وإنما تبدد طاقة الشعب الإيراني.

لذا فإن مفهوم التصدي لها لا يعكس عداء قوميا عربيا للفرس الذين أغنوا الحضارة الإسلامية بآدابهم وعلومهم وإنما مساهمة لتحرير الشعب الإيراني من هيمنة نظام خارج عن نطاق الزمن لا تميز فيه المرجعية الدينية من المرجعية السياسية.

كاتب ورجل أعمال كويتي


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة