الأربعاء ٨ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آذار ٢, ٢٠١٥
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
العراق
مجلس الأمن ندَّد بشدة بتدمير آثار العراق ومديرة متحف الموصل: داعش حطّم القاعة الحضرية
نيويورك – علي بردى بغداد – فاضل النشمي
على رغم هروبها من الموصل قبل أشهر واقامتها في بغداد، ترفض مديرة متحف الموصل الدكتورة ريا عبد المحسن الظهور والاجابة عن أسئلة الصحافة، وعذرها الممانعة التي قد تبديها مراجعها الادارية في بغداد، ممثلة بوزارة السياحة والاثار وادارة المتحف الوطني، مع تنديد مجلس الأمن بشدة بتحطيم آثار العراق.

قالت ريا عبد المحسن لـ"النهار" إنها لا تريد الدخول في تقاطع مع أحد لأنها تفكر في متحفها الذي خربه تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). ومع ذلك، يبدو ان المسكوت عنه في صمتها، هو خوفها ورعبها التامان من التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مدينتها. والصمت، في ظل جماعات الرعب والوحشية، لا يكلف كثيراً مثل كلفة الكلام، وخصوصاً مع بقاء كثير من اقاربها وممتلكاتها رهائن لـ"دولة الخلافة" في الموصل. ومع ذلك، لم تملك الا التعبير عن حزنها الشديد، وقالت لـ"النهار" باقتضاب شديد إن "الفيلم الذي ظهرت فيه عناصر داعش وهي تحطم الآثار كان في القاعة الحضرية" وهي احدى القاعات الأربع التي يضمها المتحف. ولم يكن جوابها محدداً عن سؤال يتعلق بعدد مقتنيات المتحف، لكنها رأت انه "لحسن الحظ، تم نقل غالبها الى بغداد في وقت سابق ولم يتبق منها سوى ثمانين قطعة، ست منها مصنوعة من الجبس، والباقي اصلية". ومع ذلك، يبدو ان كلامها لا يتفق وما اعلنه وزير السياحة والاثار عادل فهد شرشاب، من ان "داعش حطّمت 173 قطعة اثرية في متحف الموصل".
 
تاريخ المتحف
ومتحف الموصل هو أحد أهم المتاحف في العراق والشرق الاوسط، ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد المتحف العراقي في بغداد. تأسس عام 1952 في عهد الملك فيصل الثاني، وكان مقتصراً على قاعة صغيرة. وانشئ المبنى الجديد للمتحف عام1972، ليضم اربع قاعات رئيسية.

وأوضح الاستاذ في قسم الاثار بكلية الآداب في جامعة الموصل عامر الجميلي لـ"النهار" ان القاعة الاولى هي قاعة "عصور ما قبل التاريخ" وتوجد فيها آثار تعود الى الفترة 3100 قبل الميلاد. فيما تغطي القاعة الثانية "القاعة الاشورية" الآثار التي وجدت في محافظة نينوى للفترة من 911 قبل الميلاد الى 612 قبل الميلاد.

أما القاعة الثالثة، وهي" القاعة الحضرية" فتغطي آثار الفترة الممتدة من 100 قبل الميلاد الى 142 ميلادية، ويعتقد الدكتور الجميلي ان سبب اظهار عناصر "داعش" هذه القاعة بالتحديد هو "صغر احجام بعض التماثيل التاريخية وقابليتها للانكسار"، ذلك ان الآثار الموجودة في بقية القاعات كبيرة جداً. واضاف، "مع ذلك، لا أحد يستطيع التكهن بما سيفعله داعش ببقية القاعات، فهي اسيرة وتقع تحت سيطرتهم".

والقاعة الرابعة الاخيرة، هي "القاعة الاسلامية" وتغطي الآثار التاريخية التي تمتد من سقوط الدولة الساسانية في حدود 640 ميلادية الى سقوط الدولة العثمانية في 1924.

وتحدث الدكتور الجميلي بحرقة عن الاثار النفيسة التي دمرها عناصر "داعش"، معرباً عن اعتقاده ان منها "المسلة الصفراء" التي تعود الى الملك الاشوري آشور ناصر بال الثاني. ورأى ان الاهمال الحكومي في مقدم الاسباب التي سمحت بتخريب آثار الموصل ومتحفها.

وعن الثور المجنح الذي ظهر في شريط فيديو "داعش" قال: لمدينة نينوى القديمة ثماني عشرة بوابة، إحداها بوابة " نركال" التي سميّت على اسم الإله نركال " اله العالم السفلي "، وتمثال الثور المجنح الذي ظهر في الفيديو هو لتلك البوابة التي تقع خارج المتحف.

ويشار الى ان متحف الموصل خضع لعملية ترميم واسعة قبل سنتين وكان يفترض ان تفتح ابوابه للزائرين في آب 2014، لكن سيطرة "داعش" على الموصل قبل شهرين من ذلك التاريخ قلبت الاوضاع رأساً على عقب.

مجلس الأمن
وفي نيويورك وبعد مشاورات مكثفة بين المندوب العراقي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد علي الحكيم ونظيرته الأميركية سامانتا باور، التي تتولى بلادها كتابة القرارات والبيانات الخاصة بالعراق، وبالتنسيق الوثيق مع المندوب الفرنسي الدائم السفير فرنسوا دولاتر الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن لشهر آذار، أصدر أعضاء مجلس الأمن بياناً صحافياً شديد اللهجة نددوا فيه بشدة بالأعمال الإرهابية الوحشية التي تقوم بها "الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش" في العراق، بما في ذلك خطف مئة من رجال القبائل السنية من خارج تكريت في ٢٥ شباط، وحرق ٤٥ عراقيا في البغدادي في ١٧ شباط، والهجمات اليومية المستمرة التي تستهدف المدنيين في بغداد، والتدمير المتعمد للتحف الدينية والثقافية التي لا يمكن تعويضها الموجودة في متحف الموصل، وحرق الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة من مكتبة الموصل.

وأكد أعضاء المجلس تنديدهم بتدمير التراث الثقافي في العراق وسوريا، وخصوصاً على أيدي "داعش"، بما في ذلك التدمير المتعمد للمواقع والمقتنيات الدينية، وأشاروا بقلق الى أن "داعش" وغيرها من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة يجنون مداخيل من الانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات السلب والنهب والتهريب لعناصر التراث الثقافي من المواقع الأثرية والمتاحف والمكتبات والمحفوظات، وغيرها من المواقع في العراق وسوريا، والذي يستخدم لدعم جهود التجنيد وتعزيز قدراتهم العملانية لتخطيط الهجمات الإرهابية وتنفيذها.

وكرروا أن "داعش" يجب أن تهزم وأن مفاهيم التعصب والعنف والكراهية التي تتبناها يجب أن تقمع.

وأعلنوا أن استمرار مثل هذه الأعمال الهمجية التي ترتكبها "داعش" لا تخيفهم، بل تشدد عزيمتهم كي يكون هناك جهد مشترك بين الحكومات والمؤسسات، بما في ذلك تلك الموجودة في المنطقة الأكثر تضرراً، لمكافحة "داعش"، كما عبر المجلس عن ذلك في قراراته ٢١٦١ و٢١٧٠ و٢١٩٩. وأبرزوا ضرورة تنفيذ كل الدول الاعضاء الكامل والفوري لهذه القرارات.

وخلص الأعضاء الى أن لا عمل من أعمال العنف أو الإرهاب يمكن أن يعكس مسار السلام والديموقراطية وإعادة الإعمار في العراق، استناداً الى حكم القانون واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي يدعمه شعب العراق وحكومته والمجتمع الدولي. وذكروا الدول بأن عليها أن تكفل امتثال التدابير المتخذة لمكافحة الإرهاب لكل التزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما منها حقوق الإنسان واللاجئين والقانون الإنساني الدولي.



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة