الثلثاء ٣٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٩, ٢٠١٦
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
"رعد الشمال" في السعودية خلال ساعات بمشاركة 350 ألف جندي: إعداد لحرب آتية ومحاكاة لتدخّل برّي في سوريا؟
موناليزا فريحة
خلال ساعات، تتحول منطقة "حفر الباطن" في شمال السعودية ميداناً عسكرياً بامتياز وتتوقف حركة الملاحة في سماء المنطقة، مع انطلاق كبرى المناورات والتدريبات العسكرية بمشاركة 350 ألف جندي من دول عربية وخليجية واسلامية بقيادة السعودية. المناورات التي تحمل اسم "رعد الشمال" تنطوي من حيث توقيتها ومكانها وحجمها على رسائل سياسية وتعتبر إعداداً مبكراً لحرب آتية ومحاكاة لعمليات برية تستعد هذه القوات لتنفيذها في سوريا.

الأرقام المتداولة لحجم المناورات تشير الى 350 ألف جندي مع 2540 طائرة حربية و20 الف دبابة و460 طائرة هليكوبتر هجومية سيشاركون طوال 18 يوماً في مناورات وصفت بأنها الاضخم في تاريخ المنطقة وسيقفل خلالها المجال الجوي في شمال السعودية. أما الدول المشاركة فيبلغ عددها نحو 25 في مقدمها السعودية ودول الخليج ومصر والسودان والأردن وباكستان واليمن وتركيا، الى دول أخرى ستشارك بصفة مراقب.

وتنتمي الدول المشاركة الى " التحالف الاسلامي ضد الارهاب" الذي أعلنته السعودية في 15 كانون الثاني الماضي من أجل "محاربة الارهاب بكل أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبه وتسميته".
وصرح ناطق باسم الجيش السعودي بأن المناورات تهدف إلى رفع نسبة جهوزية القتال لدى الجيوش العربية لحماية الشعب العربي والإسلامي من أخطار الإرهاب، وأن تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات من التنظيمات الارهابية وأهمها "داعش".

ولكن عملياً وفي تقدير مراقبين وخبراء، يهدف هذا العرض العسكري الى ما هو أبعد من ذلك، خصوصاً أنه يأتي وسط تطورات ميدانية سريعة في سوريا خصوصاً، وفي ظل توتر سعودي - ايراني لا سابق له منذ الثورة الاسلامية في ايران. هذه الاجواء أثارت تكهنات عن تدخل عسكري بري في سوريا لوقف التقدم الذي يحرزه الجيش السوري بمؤازرة الغارات الروسية في شمال البلاد، ومنع انهيار المعارضة السورية المدعومة من السعودية، ورداً على القصف الروسي الذي يطاول كل الفصائل ما عدا "الدولة الاسلامية".

والثابت بالنسبة الى عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في الامارات العربية المتحدة، أن المناورات العسكرية المقررة هي الاضخم في تاريخ السعودية والمنطقة وربما المنطقة الاسلامية كلها. ومن هذا المنطلق "لا يمكن قراءتها على أنها تدريبات عسكرية فحسب" فهي ذات دلالات عدة من حيث المشاركات ووحدة الدول المشاركة اضافة الى الرسالة الضمنية التي تنطوي عليها لجهة كونها عربية وخليجية واسلامية مشتركة".

ويكتسب موقع المناورات بذاته دلالات رئيسية بالنسبة إلى عبدالله "فهي تتم في شمال السعودية المحاذي للعراق وعلى مرمى ايران وليس بعيدا من الساحة السورية الملتهبة".
إذاً الرسالة السعودية موجهة شمالاً والى أكثر من طرف، العراق وايران و"داعش" وسوريا، وقت تكثر التقارير عن استعدادات سعودية للمشاركة بقوات برية في سوريا ضمن الائتلاف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية".

العسيري و"رعد الشمال"
والتصريح الاول في هذا الشأن جاء على لسان مستشار وزير الدفاع السعودي العميد أحمد العسيري الذي أبدى استعداد المملكة للتدخل برا ضد "داعش" اذا قرر الائتلاف الدولي القيام بعمليات كهذه.
هذا الموقف أثار ترحيباً من واشنطن ، بينما ردت عليه طهران ودمشق بتشنّج، فيما استخفت به موسكو.

وحذرت طهران من أن هذا التدخل سيكون"انتحاراً" وأن السعودية ستهزم. ولاقاها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بتهديد المعتدين بالعودة بـ"صناديق خشبية" سواء أكانوا أتراكاً أم سعوديين. بينما ردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، متسائلة: "هل غلبتم الجميع في اليمن؟".

وكتب الباحث في الشؤون الدولية فينيان كانينغهام في موقع "روسيا اليوم" أن الخطة السعودية لارسال قوات برية الى سوريا مجرد خدعة. لكنه أضاف أن هذا هو بالضبط نوع من التهور... الذي يمكن أن يشعل حرباً شاملة، يمكن أن تشمل الولايات المتحدة وروسيا".

لا يمكن أي مراقب الا أن يربط بين التصريحات السعودية و"رعد الشمال". أما تحول الساحة السورية مسرحاً لحرب شاملة، وخصوصاً في ظل التوتر السعودي - الايراني، فأمر حاصل أصلاً. ويقول عبدالله:"تشهد الساحة السورية قتالاً بين أطراف عدة على الارض وفي السماء والبحر... هؤلاء يتقاتلون بجنود دول مختلفة وأسلحة مختلفة وأجندات خارجية مختلفة". أما ما يؤكده في هذا الاطار فهو أن السعودية لن تسمح بهزيمة الشعب السوري وانتصار ساحق ماحق لايران في سوريا. وعنده أن معركة الشمال السوري مستمرة ولم تحسم بعد، "إذ سبق للنظام أن تقدم ثم عاد وخسر مناطق... وهذا ما حصل مع المعارضة أيضاً... وإذا كانت السعودية عازمة على دعم المعارضة، فيمكنها ارسال أسلحة ومدربين قبل أن تفكر في ارسال قوات".

ائتلاف دولي أم جهد أحادي؟
وقد أدرج العسيري التدخل العسكري السعودي البري في اطار الائتلاف الدولي. الأمر الذي ركّز عليه فهد ناظر الباحث غير المقيم في "معهد دول الخليج العربية" ومقره واشنطن. وقال لـ"النهار" عبر البريد الالكتروني إن ثمة اشارات قليلة الى أن أمرا كهذا قد يحصل في اطار جهد من طرف واحد أو بقيادة سعودية، كما حصل في اليمن. ولكن نظراً الى أن الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن لا يستهدف القوات السورية الموالية للأسد، لفت المستشار السابق في السفارة الاميركية في واشنطن الى أنه سيكون مثيراً للاهتمام أن نرى ما اذا كانت السعودية ستنضم الى عملية برية تستهدف "داعش" فحسب. وقال خصوصاً إن الأسد و"داعش" وجهان لعملة واحدة بالنسبة الى المسؤولين السعوديين والجمهور السعودي ككل، كما يبدو في الاعلام السعودي التقليدي والافتراضي.

ناظر لا يستبعد ايضاً أن يكون العرض السعودي للمشاركة في عملية برية رداً على النظرة السائدة في الغرب أن المملكة لا تبذل جهوداً كافية لمواجهة "داعش". فالسعودية "تعتبر نفسها في مقدم الجبهة العالمية لمكافحة الارهاب الذي ينفذه الاسلاميون المتطرفون... لذا أعتقد أن هذا الاقتراح هو محاولة لتثبيت التزامها القضاء على داعش، استعدادها لاستخدام كل الادوات المتاحة لديها للقيام بذلك".

وللباحث الاماراتي وجهة نظر مختلفة في احتمالات التدخل في سوريا. ففي ضوء التحركات السعودية الاخيرة في البحرين واليمن، رأى انه "اذا قررت السعودية الذهاب الى سوريا، يمكن أن تفعل ذلك في اطار تحالف عربي - خليجي ومن دون ضوء أخضر من أميركا". أما عن أفق الحرب في سوريا، فقال إنها تذهب الى مزيد من القتل والدمار، وألقى تبعة ذلك على من "اختار الاصرار على الحسم العسكري".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة