الثلثاء ٣٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٩, ٢٠١٦
المصدر : جريدة القدس العربي
الاردن
الأردن: الإقامة قد لا تطول في «المنطقة الرمادية»… علاقات بأعصاب مشدودة مع السعودية يغلفها الارتجال
بسام البدارين
عمان ـ «القدس العربي»: لا يتساوق مرة جديدة الخطاب السياسي الإعلامي مع تصورات المسار الأمني العسكري الإقليمي عندما يتعلق الأمر بالزوايا الحرجة جداً في العلاقة بين المملكتين الأردنية والسعودية.
مفارقة متزامنة وقتياً كشفت عن مستويات التباين فخلال ساعات بعد ظهيرة السبت الماضي صدرت رسالتان يمكن قراءة ما بين أسطرهما في عمان وتخصان الرياض.

في الرسالة الأولى يصرح ركن مؤثر وله وزن في المؤسسات الرديفة والإستشارية الأردنية هو الدكتور عمر الرزاز بجملة جريئة وغير مسبوقة على شاشة التلفزيون الحكومي تعترض على «ترك الأردن» وحيداً في مواجهة استحقاقات اللجوء السوري.
الرزاز قال علناً ما يقوله خلف الستارة غالبية المسؤولين الأردنيين البارزين عندما طرح معادلة قوامها «من تسبب باللجوء السوري عليه ان يتحمل كلفته ونتائجه».

من يعرف الرزاز وهو مفكر اقتصادي يمثل القطاعين الخاص والعام يعلم بانه رجل لا ينطق عن الهوى ويعكس إلى حد مزاجاً متفاعلاً وسط النخبة الأردنية عنوانه إستمرار الدول التي إفتعلت الأزمة السورية اصلا بالتخلي عن بلاده عندما يتعلق الأمر بالكلفة المالية.
الأردنيون يقولون في مجالسهم المغلقة أن المملكة العربية السعودية تحديداً شجعتهم بصورة حصرية على فتح المجال للاجئين السوريين.
الحصة الأردنية في مؤتمر لندن وكما تنبأت «القدس العربي» في تقرير سابق لها أقل بكثير من المتوقع والمطلوب رغم الحملة الخشنة التي قادها الملك عبدالله الثاني نفسه وهو يحاول إحراج الضمير النائم للمجتمع الدولي.

يعني ذلك ببساطة شديدة ان رجلاً بمواصفات الدكتور الرزاز يوجه رسالة الاستياء الأكبر من امتناع السعودية عن دعم مطالب بلاده في ملف اللاجئين وتمويل معيشتهم.
الأهم ان مثل هذا الموقف يمكن تلمسه اليوم ولكن بصمت عند الغالبية الساحقة من السياسيين الأردنيين.
ورغم ذلك لا تقول الحكومة الأردنية شيئاً محدداً بخصوص خيبة الأمل في عوائد ومكاسب مؤتمر لندن.

لكن في مجالس السياسيين الخاصة بدأت تتلمس «القدس العربي» تلك النغمات التي تتحدث عن عدم التحالف «مجاناً» مع أجندات الدول الشقيقة أو حتى الصديقة على أساس ان دور الأردن الأمني والإقليمي يستوجب نظرة متعاونة من الدول الشقيقة وتحديداً في السعودية وهي على الأقل النغمة التي يمكن استنباطها من بين اسطر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور.

في كل الأحوال يمكن التوصل لاستنتاجات متعاكسة عند الاطلاع على مضمون الرسالة الثانية التي أوصلتها هذه المرة على الأرجح مصادر عسكرية اختارت محطة «سي إن إن» الأمريكية لكي تقول بان القوات الأردنية العسكرية الموجودة حاليا في الأراضي السعودية لا علاقة لها بما اعلنته الرياض بخصوص الدخول في حرب برية إلى سوريا لمحاربة تنظيم «الدولة ـ داعش».

الأردن لا يستطيع القول بأنه ليس جزءا من أي منظومة سعودية ذات طبيعة أمنية وعسكرية ولكن حتى يتجنب تصريحات وزير خارجية دمشق وليد المعلم المحرضة ويحافظ على رؤيته للحل السياسي اضطر للحديث عن قوات موجودة الآن في السعودية ضمن «برامج تدريب» ولا علاقة لها بأي تنظيم عسكري جديد هدفه دخول الأراضي السورية براً.
عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني كان قد صرح بأن التصدي البري لتنظيم «الدولة» هو وظيفة العراقيين والسوريين.
بالمقابل احتفاظ عمان بمثل هذا الموقف حكومياً قد يؤثر سلباً على علاقات أصلاً متوترة وضبابية مع السعودية في عهدها الجديد الحالي.

لذلك يرى مسؤولون بأن إدارة العلاقات مع السعودية أصبحت مهمة صعبة ومحفوفة بالحساسيات وتثير الأعصاب المشدودة وأشبه بالتجول في حقل من الألغام لأن الموافقة على كل ما تقوله أو تريده السعودية صعبة جداً والامتناع ضمن خيارات المستحيل، الأمر الذي يبقي العلاقات بين الرياض وعمان في مستويات غير مسبوقة من عدم التفاهم والارتجال في بعض الأحيان.

رغم ذلك تتعالى أصوات الساسة الأردنيين الذين يطالبون بـ «تنويع» الاتصالات والتحالفات وينمو التصور بأن الأردن في وضع حرج للغاية وقد لا يستطيع الاسترسال طويلاً في المنطقة التي يصفها المحلل السياسي الدكتور عامر سبايله بـ «الرمادية».
الأصوات تضيق ذرعاً بالمناورات السعودية وخصوصاً في الجزء المتعلق بالتحالفات العسكرية التي يعلن عنها بدون تنسيق حقيقي.

وفي الأثناء ترتفع تلك التقديرات الخبيرة التي تستبعد إدارة مصالح المملكة بالمستقبل القريب ضمن أسطر التوازنات الكلاسيكية خصوصاً وان مستجدات العالم والمنطقة والإقليم متسارعة للغاية كما يلاحظ رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي.

ترتفع في عمان وصالوناتها هذه الأيام حدة النبرة التي تطالب بتحديد موقف قطعي ونهائي من تحالفات الإقليم وقضاياه على ان ينسجم مع معيار واحد فقط اسمه «المصالح العليا للدولة الأردنية».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة