الأحد ٢٨ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢١, ٢٠١٦
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
العراق
أمل جديد لتحقيق العدالة للأيزيديات زخم قانوني لإحالة الانتهاكات على المحكمة الجنائية الدولية
موناليزا فريحة
ناديا، شيرين، فريال، بازي و.... غيرهن كثيرات اختبرن بين أيدي "داعش" أسوأ ما يمكن امرأة أن تواجهه، قبل أن ينجحن بقدرة قادر على "كسر" طوقهن وإخبار العالم عن تلك الوحوش الكاسرة التي تستغل الدين لممارسة أبشع أنواع الجرائم.

قصص وحكايات روعت العالم وأثارت تعاطفاً كبيراً، إلا أن جروح الناجين والناجيات لا تزال مفتوحة، وهي بالتأكيد لن تندمل قبل محاسبة الجلادين وإنزال أقسى العقوبات بهم. فهل تشكل المحامية الدولية أمل علم الدين أملاً لهؤلاء الأيزيديات وللشعب الأيزيدي بأسره؟

عندما غزا "داعش" في ذلك الصيف الحار من عام 2014 جبل سنجار بالعراق، روع العالم بما ارتكبه في حق الأقلية الأيزيدية. فبين الثالث من آب 2014 و15 منه قتل وسبى أكثر من 10 الاف شخص، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف قتلوا بسبب هويتهم الدينية بينهم أطفال ونساء وعجز. وخطف أكثر من 6000 من النساء مع أطفالهن. واستغلت النساء وقوداً لالة الاستعباد الجنسي والإنساني، فيما نقل 1600 طفل الى معسكرات "داعش" في سوريا ليكونوا ذخيرة المستقبل للإرهابيين. مذذاك، كرت سبحة القصص عن أعمال وحشية يمارسها التنظيم في حق النساء والفتيات خصوصاً. اغتصب النساء وباعهن مراراً وتكراراً في سوق النخاسة، أحياناً بعشرة دولارات. أجبر بعضهن على الاجهاض، ولم يتوان أخيراً عن إحراق 19 منهن حيّات "لرفضهن ممارسة الجنس" مع مقاتليه.

ويستفاد من مقابلات مع أكثر من 21 امرأة أفلتن من "داعش" نشرتها صحيفة "النيويورك تايمس" في آب من العام الماضي، أن الهجوم على الاقلية الأيزيدية كان مخططاً له بدقة، مع توافر باصات لنقل النساء بعد فصلهن عن عائلاتهن. كذلك، كشفت تلك الشهادات كيف تكرست ممارسة الرق الجنسي في المبادئ الاساسية للتنظيم.

وتنقل الصحافية في إحدى الشهادات أن المقاتل الداعشي كان قبيل اغتصابه ابنة الثانية عشرة، يأخذ وقته ليشرح لها أن ما سيقوم به ليس خطيئة. ولان الضحية تنتمي الى دين غير الاسلام، فان" القرآن لا يعطيه الحق في اغتصابها فحسب، وإنما يشجعه على ذلك".

وبعد أن يقّيّد يديها ويكمّ فمها، يركع الى جانب السرير ويسجد للصلاة قبل أن يعتليها. وعندما ينتهي، يركع مجدداً للصلاة، مغلفاً الاغتصاب بأفعال تعكس تقوى دينية. وتروي الفتاة النحيفة جداً في مقابلة معها في مخيم للاجئين هربت اليه قبل 11 شهراً: "قال لي إنه وفقا للاسلام يسمح له باغتصاب شخص كافر. قال إنه باغتصابي يقترب أكثر من الله ".

كثيرة كانت الشهادات عن قتل واغتصاب وتعذيب لفتيات أيزيديات تحولت معاناتهن أدلة على وحشية التنظيم، من غير أن تقابلها أية اجراءات فاعلة لوضع حد لها ومحاسبة المسؤولين عنها. هذا ناهيك بشعب بكامله صار بغالبيته نازحاً مقيماً في مخيمات تفتقر الى المقومات الدنيا للحياة.

شاهد يروي
مراد اسماعيل، المدير التنفذي لـ"يزدا"، وهي مؤسسة ايزيدية عالمية مختصة بالدفاع عن القضية الايزيدية وتقديم المساعدة الانسانية للضحايا، تحدث إلى "النهار" عن معاناة هذا الشعب وعن الامل الجديد في تحقيق العدالة له مع تكليف المحامية أمل علم الدين قضيته.
ومما قال إن ما عاناه الشعب الايزيدي هو "ابادة جماعية...إبادة حقيقية لمجتمع كامل تمتد جذوره الى عمق حضارة العراق وكردستان وبلاد ما بين النهرين".

وعلى رغم الجهود التي بذلت لمساعدة اللاجئين، ظلت المعاناة كبيرة، ومن أصل سبعة آلاف امرأة وفتاة خطفن في حينه، لا تزال 3500 منهن في الأسر. وتراجع الزخم الإعلامي خصوصاً المؤيد لقضية هذا الشعب.

وأقر اسماعيل بأن الإعلام العالمي قد يكون فقد بعض الزخم حيال القضية الايزيدية، و"لكن لا يزال هناك اهتمام على صعيد مؤسسات المجتمع المدني... ولم نستسلم، وهناك عمل على مدار الساعة لاحالة ملف التحقيق على المحكمة الجنائية الدولية والضغط على الدول للاعتراف بما حصل للايزيدية على انه إبادة".

وصدر أخيراً قرار للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في سوريا والعراق، أقر بأن الأقلية الإيزيدية تواجه عملية إبادة على أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية"، إضافة الى اعتراف من البرلمان البريطاني والحكومة الاميركية والحكومة الكندية.
ويتركز العمل حالياً على اقرار العالم بالابادة واحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية للاقتصاص من المجرمين وإحقاق العدالة للايزيديين.

أمل علم الدين والأمل الجديد
عملياً، تنشط منظمة "يزدا" والناشطة والناجية نادية مراد مع عدد من المؤسسات الحقوقية والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو لايجاد أرضية قانونية لفتح ملف الإبادة الجماعية في المحكمة الدولية. لكن مراد اسماعيل لفت إلى تحديات تواجه هذا الجهد، نظراً الى أن العراق ليس عضواً في المحكمة الجنائية الدولية ولا يقبل اختصاص المحكمة في قضية الابادة الايزيدية.

ومع ذلك، أثار تكليف المحامية الدولية أمل علم الدين كلوني القضية بناء على وكالة من نادية مراد و"يزدا"، وضحايا الابادة الايزيدية، قوة دفع حقيقية للمدافعين عن القضية الأيزيدية لتحريك الملف.

وبدا مراد متفائلاً بقدرة أمل علم الدين على جعل العدالة تأخذ مجراها، إذ قال: "لدينا أمل كبير في أن المحامية الدولية تتمتع بالامكانات القانونية والخبرة في استخدام الادلة التي نملكها في ايجاد طريقة قانونية لفتح ملف التحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية". وأفاد أن ثمة أكثر من 11 تقريراً دولياً تعترف بأن ابادة جماعية ارتكبت، والعائق هو اختصاص المحكمة، "ولكن أمل ستستخدم خبرتها القانونية لتجاوز المعوقات، ومجتمعي مؤمن بأن طاقة أمل خلف القضية هي قوة نوعية ونتوقع أن تتم ادانة داعش بعد فتح التحقيق".

التحقيق أمام المحكمة الجنائية
باختصار، تتركز الجهود حالياً على الضغط لدفع المجتمع الدولي الى فتح تحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية وسوق قادة "داعش" أمام المحكمة ومحاكمتهم علناً بجرائم الابادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في حق مئات الآلاف من الايزيديين.
كذلك تتركز الجهود على المطالبة بتوثيق المقابر الجماعية التي اكتشفت وجمع شهادات الضحايا لكي يتم توثيق الجرائم وادانة المجرمين في حال اجراء التحقيق.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة