ينتظر خصوم العماد ميشال عون قبل محبيه وانصاره إطلالته اليوم متحدثاً امام جمهوره على طريق قصر بعبدا، حيث يستعيد مشهد ذكرى 13 تشرين الاول 1990 وشهداء الجيش الذين سقطوا في ذلك اليوم، فيما هو لا يزال في سعيه الدؤوب بلا تعب او تراجع عن حلمه بالتربع على كرسي الرئاسة وحلم مَن آمنوا بنهجه والأفكار التي يحملها. ومن التقى الجنرال في الأيام الاخيرة لمس ان الرجل يعيش هدوءاً لا يشبه حال بعض النواب والمحيطين به الذين لا يخفون توجسهم الذي يصل الى حد الغضب حيال كل من يقف في وجه مرشحهم، وهم ينتظرون الموقف الذي سيعلنه الرئيس سعد الحريري، وإذا لم يكن جوابه بحسب ما تشتهيه الرابية فستكون لهم ردود تطاول"تيار المستقبل" والرئيس نبيه بري، ولن يسلم "حزب الله" من بعض ألسنة "التيار البرتقالي".

ويعكس حديث عون في حلقة ضيقة اطمئنانه إلى مسار الأمور استناداً إلى أن الحريري لن يخل بوعده، وأن الطريق تفتح امامه الى بعبدا إذا قال رئيس "المستقبل" كلمته النهائية وأعلن دعمه ترشيح الجنرال، الأمر الذي سيضع جميع الأطراف على المحك. وثمة من استمع في الرابية إلى ان الجنرال ينتظر الحصول على جواب من الحريري قبل 16 من الشهر الجاري، ولكن لا يبدو ان هذا الأمر سيتحقق قبل خطاب عون الذي سيكرر فيه المواقف التي أعلنها في إطلالته التلفزيونية الاخيرة، وسيكون الحد الفاصل للإعلان الحريري المنتظر في الايام المقبلة بعد اتمام رئيس الحكومة السابق جولته الخارجية وعودته الى بيروت.

لكن هناك من يعتقد انه في حال لم يأت الرد ايجابا من طرف الحريري فسيعمل على نقل هذا "الحمل الثقيل" الى القوتين الشيعيتين وتحميلهما المسؤولية وخلق مشكلة بين "التيار العوني" و"حزب الله". وستنهال الاتهامات هنا ضد الحريري بأن ما أقدم عليه في الأسبوعين الاخيرين وحديثه عن تأييده ترشيح عون كان من باب المناورة وليس المبادرة، وهو سيقدم مبرراته في هذا المجال مرتباً بذلك علاقاته بالمسيحيين ومسوياً خلافاته مع الدكتور سمير جعجع، ليتفرغ رئيس "القوات" أكثر لتوجيه سهام اتهاماته المتواصلة من معراب الى "حزب الله" بأنه أول من يقف في طريق انتخاب رئيس الجمهورية، وان السيد حسن نصرالله لا يريد إيصال عون حقيقة إلى سدة الرئاسة.

ووسط المناخ الضبابي، سيأتي خطاب عون استمرارا للمناخات الايجابية التي يبديها "تكتل التغيير والاصلاح" حيال الحكومة، ولن يخرج خطابه عن هذا الاطار المرسوم، وسيحمل في طياته اشارات إلى "ربط نزاع" لتصعيد لاحق، وستترجم مفاعيله إذا لمس العونيون ان خطة الحريري هي اضاعة الوقت. وفي هذه الحال سيكون للرابية كلام مختلف وسيواجه عون بشراسة كل من يضمر له ويضع العصي في طريقه الى بعبدا.

لا يقلل عون في الوقت نفسه من الضغوط التي تمارس على الحريري ويتفهم "معاناته"، بدايةً مع أعضاء فاعلين في كتلته لا يوفرون مناسبة او اطلالة او تسريبة الى الاعلام يظهرون فيها ان لا اتجاه الى السير بخيار عون حتى لو صاروا مكرهين، ويستعينون بموقف الرئيس بري كما يتذرعون بما اطلقه السيد حسن نصرالله من مواقف للقول ان الامور لا تستقيم مع المملكة العربية السعودية، وأنها لن تدفع الحريري بكل هذه السهولة الى القبول بعون رئيساً، مستندين الى تاريخ طويل معه لم يكن يظهر خلاله الود حيال الرياض.

أما ايران فلا تزال عند الموقف الذي اعلنته قبل اشهر أمام كل من راجعها بهذا الأمر بدءا من الفرنسيين وهو ان الاستحقاق الرئاسي اللبناني يبقى شأناً لبنانياً، أو بالأحرى ان الجواب عند السيد نصرالله الناطق باسم "حلف المقاومة". كما ان دمشق تقدم الجواب نفسه في خضم انشغالات قيادتها في الميدان العسكري خصوصا في تطورات حلب. وفي المناسبة لم تسمع المنسقة الخاصة للامم المتحدة سيغريد كاغ من المسؤولين الإيرانيين في الاسبوع الماضي غير كلام التشجيع للبنانيين على اتمام الاستحقاق الرئاسي، من دون أن يذكر أي منهم اسم ميشال عون.