حسن سلمان تونس ـ «القدس العربي» قلّصت النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التونسية الفارق بين رئيس «نداء تونس» قائد السبسي والرئيس الحالي منصف المرزوقي إلى 6 بالمئة فقط، فيما أشار بعض المراقبين إلى أن أغلب الشباب صوتوا للمرزوقي، متوقعين حدوث مفاجآت كثيرة في الدور الثاني، وخاصة بعد رفض قائد السبسي إجراء مناظرة تلفزيونية مع المرزوقي.
وتقول الباحثة والناشطة السياسية آنة منيف (رئيس جمعية كلنا تونس) «بقطع النظر عن تدخل حركة النهضة لدعم المرزوقي، فإن أغلب الجهات المحرومة في الجنوب فضلت إعطاء صوتها للمرزوقي إضافة إلى حمة الهمامي والهاشمي الحامدي، وهذا لا ينطوي على «منطق جهوي وفق ما أشارت بعض استطلاعات الرأي»، وإنما يعود لأسباب سياسية واجتماعية تتعلق ربما بالماكينة الانتخابية للمرشحين أو بحث الناخبين عن وجوه سياسية جديدة».
وتؤكد منيف أن قائد السبسي الطامح في النجاح بالانتخابات عليه استقطاب جزء كبير ممن صوت لغيره من المرشحين، إضافة إلى إقناع الناخبين الذي قرروا عدم المشاركة في التصويت (وخاصة الشباب)، مشيرة بالمقابل إلى أن الاستراتيجية التي تقوم عليها حملته الانتخابية قد تؤدي لنتائج «غير سارة»، وخاصة بعد رفضه إجراء مناظرة تلفزيونية مع المرزوقي.
وكان منصف المرزوقي دعا الباجي قائد السبسي لإجراء مناظرة تلفزيونية بشكل مباشر أمام الشعب التونسي أسوة بعدد من البلدان الديمقراطية في العالم، غير أن الأخير رفض هذا الأمر الذي وصفه بـ»تناطح أكباش».
بالمقابل تواصلت حملة التلاسن بين حملتي المرشحين، في ظل محاولة بعض القياديين في حزب نداء تونس «شيطنة» المرشح الآخر واعتباره مرشحا لحركة النهضة.
وتعلق منيف على هذا الأمر بقولها «أعتقد أنه يجب تغيير طريقة التعامل بين الحملتين والتخلي نهائيا على الألفاظ العنيفة ومحاولات «التقزيم» والتعامل مع المرشح الآخر بشكل ندّي، وأعتقد أن رفض قائد السبسي للمناظرة التلفزيونية يعد خطأ كبيرا لأنه كل مترشح ديمقراطي لا بد أن يتحاور مع منافسه على القضايا الجوهرية (والبرامج) التي تقوم عليها الحملة الانتخابية التي يجب ألا تقوم فقط على الشعارات والاجتماعات الشعبية والتهجم على الآخر».
من جهة أخرى، يتساءل أغلب المراقبين عن غياب نسبة كبيرة من الشباب التونسي عن الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل خاص، ويبرره البعض بفقدان الثقة بأغلب المرشحين الذين تجاوز معظهم مرحلة الشباب كما أن برامجه لا تخاطبهم بشكل مباشر.
وتؤكد منيف انقطاع عدد كبير من الشباب التونسي عن الاهتمام بالشأن العام منذ عدة سنوات «لأن الخيار التربوي والثقافي الذي توخاه النظام السابق أدى إلى ضعف في وعي الشباب بالحياة السياسية وضعف الانخراط بالحياة العامة، إضافة إلى غياب التواصل بين الأحزاب السياسية والشباب.
وتضيف «الشباب لا يرى في أغلب المرشحين من يمثله أو يخاطبه، ومن المنطقي أن يعزف عن المشاركة، وهناك أمر هام وهو أن محرك الشباب وهو الانتماء الذي يبنى على العمق الإيديولوجي للحركة السياسية، أي أنها حركة سياسية لها شخصية قوية وواضحة وقاطعة مع بقية الأحزاب الأخرى، وهذا يُسره انتماء عدد كبير من الشباب للأحزاب الإيديولجية (الإسلامية والديمقراطية) قياسا ببقية الأحزاب.
وترى منيف أن أكبر نسبة تصويت بالنسبة للشباب ذهبت للمرزوقي وحمة الهمامي بالدرجة الأولى ولرجل الأعمال سليم الرياحي بالدرجة الثانية، وتفسر ذلك بأن «المرزوقي والهمامي يُعبران نوعا ما عن قطيعة مع الماضي ولديها تصورات للمستقبل، الهمامي يحمل برنامجا (جديا) في هذا الشأن أما المرزوقي فيعتمد في حملته على خطابات «العنيفة» ولم يقرأ في حملته أية برامج، وبالنسبة لسليم الرياحي (رجل أعمال ورئيس ناد رياضي) فقد باع حلم الثراء للشباب وأغلب من صوت له في الأحياء الشعبية بالمدن الكبرى هم شباب يحلمون بالثراء والنجاح».
November 25, 2014 |