الثلثاء ٢٣ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آذار ٥, ٢٠١٥
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
تحليل: برنامج تدريب المعارضة السورية نحو خليج خنازير في الصحراء؟
3 فرضيات قاتمة و8 أسئلة برسم الإدارة الأميركية
موناليزا فريحة
كان مفترضاً أن يبدأ تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية في الاول من آذار الجاري. الا أن الموعد أرجئ الى ما بعد ستة أسابيع على أبعد تقدير، في خطوة تزيد الغموض في شأن برنامج يثير تساؤلات أكثر مما تعلق عليه آمال، في ظل وضع ميداني سريع التقلب.
 
يبدو أن سبباً رئيسياً في ارجاء برنامج تدريب المعارضة السورية هو عملية "غربلة" العناصر التي ستنخرط في هذا البرنامج ، إذ ان "البنتاغون" لم يستطع على ما يبدو "تصنيف" أكثر من مئة مقاتل في اطار المعارضة المعتدلة ، في حين أن برنامج التدريب يقتضي مشاركة ما بين 200 و300 في كل دفعة. هذا اضافة الى الخلاف المستمر بين الجانبين التركي والأميركي على تحديد "العدو".

يهدف البرنامج عموماً الى تدريب أكثر من خمسة آلاف مقاتل سوري في السنة الاولى و15 ألفا في غضون ثلاث سنوات، على أن يتم التدريب في مدينة كيرشهير التركية بمنطقة وسط الأناضول، مع هدف أساسي هو مواجهة "الدولة الاسلامية".

فبعد ثلاث سنوات وستة أشهر من رفضه دعما واسعا للمعارضة السورية، بدّل الكونغرس رأيه في ايلول الماضي (بعد نشر "الدولة الاسلامية" أشرطة فيديو مرعبة)، وقرر زيادة الانخراط الاميركي في دعم المعارضة السورية المعتدلة، الا أن قراره لم يكن واضحاً من حيث المهمة التي سيضطلع بها الثوار بعد تدريبهم وتجهيزهم ونشرهم في سوريا. والاسوأ من ذلك، أن تصريحات مسؤولين اميركيين كبار زادت الغموض بالنسبة الى الضمانات للثوار السوريين. فعندما سأل السناتور جون ماكين في ايلول من العام الماضي وزير الدفاع الاميركي في حينه تشاك هيغل: "اذا تعرض الثوار لهجوم من قوات بشار الاسد، الن نساعدهم؟ ألن نصد القوات الجوية للأسد اذا هاجمتهم؟"، أجاب الوزير: "في حال حصول هجوم على أولئك الذين دربناهم ودعمناهم سنساعدهم".

هذا كان في ايلول 2014. ولكن في 24 شباط 2015، أي قبل أقل من أسبوعين، سأل السناتور بوب كوركر وزير الخارجية الاميركي جون كيري عما اذا كان جائزا أخلاقياً تجهيز وتدريب الاشخاص وعدم حمايتهم من براميل الاسد.وبعدما أيّد رئيس الديبلوماسية الاميركية مبدأ "الدفاع عن المنخرطين في محاربة الدولة الاسلامية"، أقر بأن شكل الدعم العسكري الاميركي لا يزال قيد النقاش وأن "الرئيس لم يتخذ قرارا نهائيا بعد". وبعد ذلك بثلاثة ايام، كشف الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية أنه "ليس هناك قرار في شأن اي دعم جوي لمقاتلي المعارضة السورية التي ستعود الى القتال في سوريا"، مناقضاً ما كان قاله قبل خمسة أشهر بتأكيده للصحافيين كلام هيغل.

الباحث في "مركز العمل الوقائي" التابع ل"مجلس العلاقات الخارجية"، ومقره واشنطن، ميكاه زنكو نقل عن مسؤول في "البنتاغون" وآخر في القيادة المركزية للقوات الاميركية أن قائد العمليات الخاصة في القيادة المركزية الاميركية الميجر جنرال مايكل ناغاتا الذي يشرف على برنامج التدريب والتجهيز كان حريصاً لدى لقائه زعماء في المعارضة السورية والمجتمع المدني في اسطنبول على عدم الافراط في شأن الدعم الذي تقدمه واشنطن واية تحالفات عسكرية أخرى في المستقبل.

أمام هذه الصورة الغامضة، لاحظ الباحث زنكو أن ثمة مسؤولين أميركيين يحشدون ويغربلون ويدربون قوة شبه عسكرية في الميدان، فيما لا يزال البيت الابيض غير حاسم بعد في شأن أي غطاء جوي سيحصل عليه الثوار عند وصولهم الى ساحة الحرب، وما ستكون مهمة هؤلاء تحديداً. ويخلص الى أن هذه الصورة تذكر بأزمة خليج الخنازير، العملية الفاشلة التي نفذتها قوات من الكوبيين المنفيين دربتها واشنطن لغزو جنوب كوبا وقلب نظام كاسترو والتي لا تزال أحد أكبر الغاز الحرب الباردة.

3 فرضيات
وفي ظل الغموض الذي يكتنف تفاصيل برنامج التدريب، عرض الباحث الاميركي ثلاث فرضيات ستواجه الدفعة الاولى من الثوار والتي يفترض أن يبلغ عديدها 1200 من أصل خمسة الاف يشملهم البرنامج: أولاً أن هؤلاء سيواجهون تفوقاً في العديد والعتاد من الجيش السوري والميليشيات الموالية له. فاستنادا الى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لا يزال هناك 178 الف جندي سوري في الخدمة الفعلية، و"الدولة الاسلامية" لديها نحو 30 الف مقاتل ملتزم، اضافة الى عشرات الآلاف من المقاتلين الآخرين ذوي الولاءات والاهداف المتعددة. ثانيا، سيكون هؤلاء هدفا فورياً لـ"داعش" والقوات البرية والجوية السورية، وربما لـ"جبهة النصرة" وقوات أخرى. وثالثا، سيشكو المقاتلون المدربون الى الصحافيين الاميركيين من أنهم وعدوا بكمية أكبر من الاسلحة المتطورة والذخائر والتمويل والدعم الجوي.

وبناء على هذه الفرضيات، وجه ثمانية أسئلة قال إن الشعب الاميركي ودولا أخرى في الائتلاف الدولي وطبعا الثوار السوريين يدينون بايضاحات في شأنها. وسأل: أولاً من أين ستخرج الطلعات الجوية الجديدة التي ستكون ضرورية على مدار الساعة، وهل تسمح تركيا التي منعت استخدام قاعدة أنجيرليك لضرب "داعش"، باستخدامها لضرب قوات الاسد؟ وثانياً، هل توفر واشنطن دعما جويا قريبا للثوار عندما يكونون مهددين من "داعش" وتمتنع عن ذلك عندما يكون الجيش السوري أو الميليشيات الموالية له أو قوات معارضة أخرى مصدر التهديد؟ هل واشنطن مستعدة لتصعيد التزامها للثوار الى حرب مفتوحة مع ايران، إذا تبين أنهم تعرضوا لهجوم من "حزب الله" أو الميليشيات الايرانية؟ وثالثا، بماذا يرتبط قرار واشنطن توفير دعم جوي للثوار؟ ورابعا، هل يمكن الوثوق بالثوار لتحديد الاهداف؟ وهل ترسل واشنطن سلاحاً متطورا الى الثوار اذا احتاجوا اليه؟ وخامسا، هل يحصل حلفاء الثوار المدربون على غطاء جوي، وماذا اذا قرر الثوار المدربون الانضمام الى ميليشيات أخرى وتنسيق تحركاتهم القتالية معهم؟ هل تتدخل قوات أميركية لانقاذ ثوار في حال الخطر، وهل تلتزم واشنطن ارسال قوة محمولة لاخراج ثوار من سوريا ؟ وثامناً، ماذا يحصل اذا نجح الثوار؟

أسئلة تبدو مشروعة في ظل التردد الاميركي في الانخراط في النزاع السوري عموماً وتوفير الدعم للمعارضة المسلحة خصوصاً. ويزيد مشروعيتها المشهد المتفاقم للنزاع السوري والذي ينذر بتجريد البرنامج من أية فائدة عملياً.



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة