الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ٤, ٢٠١٦
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
السعودية
إعدام النمر يقطع العلاقات بين السعودية وإيران والجبير: لن نسمح لطهران بتقويض أمننا
تبادل للاتهامات وقلق دولي والارتدادات تبلغ البحرين وباكستان
فتح إعدام الشيخ نمر النمر أزمة جديدة بين السعودية وإيران تتجاوز ارتداداتها البلدين وتمتد من البحرين إلى باكستان، وهي مرشحة لمزيد من التصعيد، وخصوصاً في ظل النبرة العالية التي اعتمدها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، واصفاً الإعدام بأنه "خطأ سياسي"، ومتوعداً الرياض بـ"انتقام إلهي".

وصب متظاهرون غضبهم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وتبادل البلدان الاتهامات، إذ رأت الرياض أن "إيران كشفت عن وجهها الحقيقي المتمثل في دعم الإرهاب".
ولاحقاً قررت السعودية قطع العلاقات الديبلوماسية مع ايران وامهال الديبلوماسيين الايرانيين 48 ساعة لمغادرة المملكة. وصرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي بان بلاده تعلن "قطع علاقاتها الديبلوماسية مع ايران وتطلب مغادرة جميع افراد البعثة الدبلوماسية الايرانية... خلال 48 ساعة". ورأى ان "تاريخ ايران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في الشؤون العربية ودائما ما يصاحبه الخراب والدمار".

وأضاف ان الاعتداء على السفارة في طهران والقنصلية في مدينة مشهد يشكل "انتهاكا صارخا لكل الاتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية".
وكشف ان السلطات الايرانية لم تستجب لمطالبات السعودية بحماية سفارتها في طهران. وأكد ان المملكة مصمّمة على عدم السماح لإيران بتقويض أمنها.

وبثّت قناة "العربية" الفضائية السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها أ ديبلوماسيين سعوديين أجلوا من إيران عقب الهجوم على السفارة، وصلوا إلى دبي في طريقهم إلى بلادهم.
وفي وقت متقدم أمس، سلمت الرياض السفير الايراني لدى السعودية قرار طرده.

وسرعان ما تردد صدى الأزمة في البحرين، إذ دارت مواجهات عنيفة بين الشرطة ومحتجين في جدحفص وسترة وبلاد القديم ودراز على أطراف المنامة. واستخدم رجال الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات النارية في مواجهة المحتجين الذين رشقوهم بزجاجات حارقة. وهم كانوا يحملون صور النمر.
وكذلك تظاهر آلاف الشيعة في مدن باكستانية، وأرجأ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارة لإسلام أباد.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية السلطات الإيرانية إلى حماية السفارة السعودية في طهران، والحكومتين السعودية والإيرانية إلى تفادي تصعيد النزاعات السنية - الشيعية.

وكان النمر أُعدم مع 45 سعودياً آخرين، بينهم ثلاثة معارضين شيعة، إلى مصري وتشادي. وأشارت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إلى أن ذلك "الإعدام الجماعي الأكير" في البلاد منذ عام 1980. وحذرت من أن إعدام النمر "بعد محاكمة غير عادلة، يضيف الى الخلاف المذهبي". 
واحتجت القيادة السياسية للعراق على الإعدام، وكذلك فعل المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني في رسالة تعزية إلى سكان المنطقة الشرقية بالسعودية.

إعدام نمر النمر يُشعل مجدّداً الصراع الإيراني - السعودي 

بعدما شهدت 2015 أزمة بين الرياض وطهران على خلفية حادث التدافع في موسم الحج، ها هي 2016 تبدأ بأزمة جديدة أشعلها إعدام الشيخ نمر النمر (56 سنة)، إذ وجهت إيران اتهامات عنيفة إلى السعودية وتوعدتها بـ"نقمة إلهية". وظهرت الارتدادات الأولى في البحرين حيث حصلت مواجهات بين محتجين والشرطة وفي باكستان التي أرجأ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارته لها.

أعلن أنصار النمر الحداد ثلاثة أيام وفتح مجالس عزاء في أحد مساجد العوامية بمنطقة القطيف على مسافة 390 كيلومتراً شمال شرق الرياض.
ونقلت وكالة "الأسوشيتد برس" عن محمد النمر، شقيق الشيخ الراحل، أن مسؤولين سعوديين أبلغوا الأسرة أن النمر ووري في مكان مجهول.

وأوقف النمر عام 2012. وكان أثار عام 2009 غضب السلطات حين دعا الى "انفصال القطيف والإحساء وإعادتهما الى البحرين لتشكيل إقليم واحد كما كانت سابقاً" قبل قيام الدولة السعودية.

وحكم عليه بالإعدام في 15 تشرين الأول 2014 بتهم "اشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر" و"حمل السلاح في وجه رجال الأمن". وآخر ما أُخذ عليه كان شريط فيديو انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي عام 2012 لخطاب ألقاه وانتقد فيه وزير الداخلية الراحل ولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز.

ويذكر أن الإعدام الجماعي الذي شمل النمر و46 شخصاً مدانين بالإرهاب هو الأكبر منذ ثلاثة عقود ونصف عقد، إذ أُعدم 63 شخصاً دفعة واحدة عام 1980.

والمُدانون مع النمر هم 45 سعودياً ومصري وتشادي، ونُفذت الأحكام في 12 مدينة من المملكة بحد السيف أو رمياً بالرصاص. وقد دينوا جميعاً بتبني الفكر "التكفيري" المتطرف والالتحاق "بمنظمات إرهابية" وتنفيذ "مؤامرات اجرامية"، وبينهم منتمون إلى تنظيم "القاعدة".
وفي الإجمال، أُعدم 153 شخصاً في 2015، وهو ضعفا عدد من أُعدموا في 2014.

إيران والسعودية
واعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي أن السعودية ستواجه "النقمة الإلهية". وهو كان يتحدث أمام رجال دين في طهران، وقال: "مما لا شك فيه أن إراقة دم هذا الشهيد المظلوم من دون وجه حق سيؤثر بسرعة، وأن النقمة الالهية ستطاول الساسة السعوديين". وأضاف: "هذا العالِم المظلوم لم يشجع الناس على الحراك المسلح ولم يتآمر بشكل سري، وانما الشيء الوحيد الذي قام به هو توجيه الانتقاد العلني والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النابع من غيرته الدينية". وخلص إلى أن "الحكومة السعودية ارتكبت خطأ سياسياً بإراقتها دم الشيخ النمر من دون وجه حق".

وبعد ظهر أمس تظاهر أكثر من ألف شخص قرب السفارة السعودية في طهران متحدين حظراً فرضته السلطات لتجنب أي تصعيد جديد بعد الهجوم ليل السبت - الأحد على مبنى السفارة الذي أحرق جزء منه، كما تعرضت القنصلية السعودية في مشهد لهجوم.

وأعلن الرئيس الايراني حسن روحاني أن "التصرف الذي قامت به مجموعة من المتطرفين في طهران وفي مشهد ضد السفارة والقنصلية السعوديتين، اللتين يفترض ان تكونا بموجب القانون والدين تحت حماية الجمهورية الإسلامية، غير مبرر على الإطلاق".
وتحدث المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت أبادي عن توقيف 40 متظاهراً على خلفية الهجوم على السفارة السعودية.

وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية السعودية أنه بالتنديد بالإعدام، كشفت "إيران عن وجهها الحقيقي المتمثل في دعم الإرهاب". واتهم طهران بإثارة "المذهبية العمياء" من خلال "الدفاع عن أعمال الإرهابيين"، وهذا يجعلها "شريكة في جرائمهم في المنطقة بكاملها".

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير السعودي في طهران احتجاجاً على الإعدام، وردت الرياض لاحقاً باستدعاء السفير الإيراني احتجاجاً على "التدخل السافر" في شؤونها الداخلية.
وقارن الحرس الثوري الإيراني "الباسدران" الإعدام بممارسات تنظيم "الدولة الإسلامية"، متوقعاً أن يؤدي قتل النمر إلى "سقوط" النظام السعودي.

البحرين وباكستان
وسرعان ما تردد صدى الأزمة في البحرين، إذ سجلت مواجهات عنيفة بين الشرطة ومحتجين في جدحفص وسترة وبلاد القديم ودراز على أطراف المنامة. واستخدم رجال الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات النارية في مواجهة المحتجين الذين رشقوهم بزجاجات حارقة. وهم كانوا يحملون صور النمر.

وتركزت المواجهات الأكثر حدة في سترة حيث نزل نحو 400 شخص الى الشارع. أما في دراز، فاستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لمواجهة المحتجين الذين قطعوا أحد الشوارع.
وهذا اليوم الثاني من التظاهرات بعد تحركات شعبية السبت في جدحفص والمالكية، ترددت فيها هتافات مناهضة للحكم السعودي.
وكانت وزارة الداخلية البحرينية أعلنت السبت أنها ستتخذ "كل الإجراءات القانونية اللازمة تجاه أي إساءة أو تعاط سلبي من خلال بيان أو تصريح بشأن تنفيذ الأحكام القضائية" السعودية، باعتبار ان ذلك "يشكل إثارة للفرقة والفتنة وتهديداً للسلم الأهلي".

كذلك تظاهر آلاف الشيعة في مدن باكستانية، وخصوصاً كويتا ولاهور وكراتشي. ونظمت احتجاجات أيضاً في ولاية السند والعاصمة.
وأرجأ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارة لإسلام أباد كان مقرراً ان يبدأها مساء أمس. وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية أن "الزيارة تأجلت بناء على طلب السلطات السعودية" إلى السابع من كانون الثاني.
وفي سريناغار، كبرى مدن ولاية جامو وكشمير الهندية ذات الغالبية المسلمة على الحدود مع باكستان، تظاهر مئات منددين بإعدام النمر.

مواقف
ودعت وزارة الخارجية الأميركية السلطات الإيرانية إلى حماية السفارة السعودية في طهران، والحكومتين السعودية والإيرانية إلى تفادي تصعيد النزاعات السنية - الشيعية.
وصرحت الناطقة باسم الوزارة اليزابيت ترودو بأن الإدارة الأميركية تدعم حق التظاهر السلمي، "لكننا ندين بأشد العبارات أي هجمات على الأملاك الديبلوماسية". وكان زميلها جون كيربي قال السبت إن "الولايات المتحدة تحض حكومة السعودية على السماح بالتعبير عن الاحتجاج بطريقة سلمية"، مطالباً الرياض بـ"احترام وحماية" حقوق الانسان. كما دعا مسؤولي المنطقة الى "مضاعفة جهودهم لتخفيف حدة التوترات الإقليمية".

وحضّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون على "الهدوء وضبط النفس في ردود الفعل على إعدام الشيخ النمر". وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان الأمير زيد بن رعد الحسين إن عدد من نُفذ فيهم حكم الاعدام مقلق، خصوصاً أن بعضهم متهمون بجرائم غير عنيفة.

وقال ناطق باسم وزير خارجية النمسا سيباستيان كيرتز إن الجبير ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف أبلغاه أنهما لا يرغبان في مزيد من التصعيد في الموقف.

ودعت وزارة الخارجية الفرنسية "المسؤولين في المنطقة الى بذل كل الجهود لتفادي تأجيج التوتر الطائفي والديني".
وصرح ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية بأن "إعدام نمر باقر النمر يزيد قلقنا الراهن من توتر متصاعد في المنطقة".

بينما ندّدت الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ومجلس التعاون الخليجي بالهجوم على السفارة السعودية.
واستنكر الأردن الهجوم على السفارة السعودية، داعياً إيران الى "توفير الحماية للبعثات الديبلوماسية". وصدر موقف مصري مماثل.

وتخوفت وزارة الخارجية المغربية من أن "تأخذ التجاوزات الجارية بُعداً غير قابل للسيطرة". وقالت إن الرباط تعول "على حكمة المسؤولين السعوديين والإيرانيين للعمل على تفادي أن ينتقل الوضع الحالي إلى بلدان أخرى تواجه العديد من التحديات وتعيش أوضاعاً هشة".

بغداد ندّدت بإعدام السعودية النمر ولكن من دون المسّ بالعلاقات المتجدّدة

في غمرة الانفراج النسبي في العلاقات العراقية - السعودية ورفع مستوى التمثيل الديبلوماسي، بتعيين السفير ثامر السبهان مطلع السنة الجديدة بعد قطيعة استمرت 25 سنة، جاء حادث اعدام السلطات السعودية الشيخ الشيعي البارز نمر باقر النمر لتثير مخاوف جدية من عودة القطيعة الديبلوماسية بين البلدين بعد اسبوع واحد فقط من إعادتها.

صحيح ان البيان الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عن اعدام النمر عبر عن "اسف بالغ وصدمة شديدة" متجنباً الاشارة الى مراجعة أو قطع العلاقات مع الجانب السعودي، إلا انه وجه انتقادات لاذعة الى السعودية، اذ اعتبر ان "سياسة تكميم الافواه وتصفية المناوئين لن تجلب الا مزيداً من الدمار والخراب على الحكومات والشعوب".

وفي السياق ذاته جاء بيان المرجع الشيعي الاعلى أية الله العظمى علي السيستاني، الذي وصف إعدام النمر بأنه "ظلم وعدوان". وقدم تعازيه الى الاهالي في منطقة القطيف حيث يسكن الشيخ الراحل، وتجنب هو أيضاً التطرّق الى قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.
وكذلك فعلت وزارة الخارجية العراقية، عندما وصفت عملية قتل النمر بأنها "اعدام جائر"، من غير أن تشير الى قضية التمثيل السياسي بين البلدين.

وعلى رغم بيان التنديد الذي أصدره "حزب الدعوة" الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، فإن اقوى الدعوات التي طالبت بقطع العلاقات مع السعودية جاءت من أعضاء داخل الحزب، فدعا رئيس كتلة "الدعوة" في مجلس النواب العراقي خلف عبد الصمد الى "غلق السفارة السعودية وطرد السفير وإعدام الارهابيين السعوديين كافة الموجودين في السجون العراقية رداً على جريمتهم الطائفية الارهابية".

على ان حادث اعدام النمر أثار استياء واضحاً داخل العراق، وخصوصاً داخل الاوساط الشيعية، واستنكره السيد مقتدى الصدر ودعا اتباعه الى الخروج بتظاهرات احتجاجاً عليه. كما ندد ديوان الوقف الشيعي وأكثر القيادات والزعامات الدينية والسياسية بعملية الاعدام. ولوحظ ان "هيئة افتاء اهل السنة في العراق" نددت بالاعدام وحمّلت الجانب السعودي "مسؤولية تداعياته" غير ان بعض الجهات السياسية السنية، اعتبره الحادث "شأناً داخلياً سعودياً".

وعلى رغم الغضب العراقي الواضح من عملية اعدام الشيخ النمر، فإنه لم يعبر عنه على شكل اعتداء على السفارة السعودية في بغداد كما حصل في طهران، حتى ان السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان قال عبر تغريدة في صفحته بموقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي،" إن سفارة بلاده في العاصمة بغداد آمنة"، وإن هناك " اهتماماً من الحكومة العراقية بذلك ونأمل العقلانية والحكمة في أي طرح".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
التقرير الأميركي حول اغتيال خاشقجي يتّهم بن سلمان... والسعودية تردّ: تقييم زائف
السعودية أطلقت الناشطة لجين الهذلول
زيارة غير مسبوقة و"محادثات سرية" بين نتنياهو وبن سلمان في نيوم... إنهاء حالة العداء؟
خبيرة أمميّة تندّد بالأحكام الصادرة في قضيّة خاشقجي
العاهل السعودي يقيل اثنين من الأسرة الحاكمة في تهم فساد بوزارة الدفاع
مقالات ذات صلة
السعوديّة الجديدة: تقوية الوطنيّة وتقييد محدود للإسلام المُتشدّد؟ - سركيس نعوم
السعودية بين الـ2017 - 2018 والـ2019 - سركيس نعوم
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
الجزيرة العربية في المصادر الكلاسيكية - حاتم الطحاوي
مناقشة في المقال الأخير لجمال الخاشقجي - جهاد الزين
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة