الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٣٠, ٢٠١٦
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
مبعوثان خاصان لأوباما وبوتين يتوصلان إلى قرار تهدئة لا يشمل حلب
تجدّد الغارات والقصف على حلب بعد فترة هدوء قصير
جنيف - موسى عاصي
ثلاثة مواقف مختلفة من اتفاق التهدئة الذي يبدأ سريانه الساعة الأولى فجر اليوم بالتوقيت المحلي لسوريا، والذي توصل اليه الجانبان الروسي والاميركي. وتتحدث موسكو عن اتفاق يشمل المناطق الساخنة في ريفي اللاذقية ودمشق، من دون حصره بمواعيد وفترات معينة. أما الجانب السوري فالتهدئة بالنسبة اليه ليست سوى هدنة تطبق لمدة "24 ساعة في دمشق و72 في اللاذقية". والموقف الثالث لواشنطن التي تضع الاتفاق الجديد في اطار اعادة التزام قرار وقف الاعمال العدائية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 شباط الماضي. لكن الأطراف الثلاثة متفقون على أن التهدئة لا تشمل مدينة حلب التي تعيش أسوأ أيامها في تبادل عنيف للقصف والغارات التي أوقعت مزيداً من الضحايا.
 
وقد توصل الطرفان الاميركي والروسي الى اتفاق التهدئة بعد اسبوعين من النقاشات البعيدة من الاضواء التي جرت في جنيف بين مبعوثين خاصين للرئيسين الاميركي باراك أوباما والروسي فلاديمر بوتين بالتعاون والتنسيق مع غرفتي العمليات في جنيف وعمان اللتين انبثقتا عن اتفاق ميونيخ في 21 شباط الماضي.

وعلمت "النهار" ان استبعاد حلب من التهدئة سببه الاصرار الروسي على مواصلة مواجهة المجموعات الارهابية، وخصوصا "جبهة النصرة" ذات الانتشار الواسع في المدينة، وتستند بذلك الى الاتفاقات الدولية التي استثنت تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"النصرة" من وقف الاعمال العدائية. وتفيد المعلومات أن الضابط المسؤول في مكتب الاتصال بغرفة عمليات جنيف أبلغ المجموعة الدولية التي تراقب تطبيق الهدنة أن على المجموعات المسلحة التي وقعت اتفاق وقف الاعمال العدائية فك الارتباط نهائياً مع "جبهة النصرة"، "والا فإن للروس حديثاً آخر".

واعتبرت التهدئة التي توصل اليها الطرفان الاميركي والروسي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو انعقاد الجولة الرابعة من محادثات جنيف، لكنها ليست كافية، استناداً الى أوساط ديبلوماسية غربية في جنيف. ومن المقرر أن يعقد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري اجتماعاً ثنائياً منتصف الاسبوع المقبل في سويسرا في محاولة لتثبيت موعد الجولة المقبلة، وتحديد ما اذا كانت ثمة حاجة الى عقد مؤتمر جديد لمجموعة الدعم الدولية على المستوى الوزراي. ومعروف ان روسيا لا تشجع عقد المؤتمر الوزاري وترى ما صدر من بيانات عن مؤتمري فيينا وميونيخ والقرارات الدولية ذات الصلة بالازمة السورية كافية، و"لا حاجة الى قرارات وبيانات جديدة، انما مواصلة العمل والجهود لتطبيق الاتفاقات القائمة". وكان الوزيران قد ناقشا الملف السوري في اتصال هاتفي أمس. وجاء في بيان لوزراة الخارجية الروسية ان النقاش تناول سبل حل النزاع في سوريا من خلال حفظ وتعزيز وقف النار الذي تمّ التوصل إليه بالجهود الروسية -الأميركية المشتركة وتزويد السكان في المناطق المحاصرة المساعدات الإنسانية وإقامة عملية سياسية مستدامة. وأضاف أن "لافروف أكد مرة أخرى ضرورة فصل سريع بين المعارضة المعتدلة والجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش و جبهه النصرة التي لا يشملها نظام وقف النار".

وشهد الاجتماع الأخير الذي عقد مساء الخميس لمجموعة العمل الدولية المكلفة تنفيذ قرار وقف الاعمال العدائية في سوريا مشاحنات ومشادات كلامية بين الجانب الروسي من جهة ومجموعة دول تدعم المعارضة السورية مؤلفة من فرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر من جهة أخرى. واتهمت هذه المجموعة الروس بتغطية "اسقاط النظام السوري الهدنة في سوريا بخروقاته لوقف النار في حلب". ورد الجانب الروسي بأن اتفاق وقف الاعمال العدائية لا يشمل المجموعات الارهابية في حلب و"ما على المجموعات التي وقعت الاتفاق الا الابتعاد عن النصرة". واتهم الجانب الروسي مجموعة الخمس بتسويق الاتهامات "للتغطية على الاعمال الاجرامية التي تقوم بها المجموعات المسلحة وعلى استخدام هذه المجموعات المواد الكيميائية في حي الشيخ مقصود بحلب قبل ثلاثة اسابيع".

تجدد قصف حلب
وفيما ينتظر سريان الاتفاق الاميركي- الروسي للتهدئة (الوكالات)، تجدد قصف مدينة حلب بشمال سوريا حيث قتل أكثر من 20 مدنياً.
واصيب أشخاص بجروح في غارة استهدفت مستوصفاً في منطقة المرجة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في حلب.
وحصل ذلك غداة مقتل العشرات في غارة استهدفت مستشفى ميدانيا في المدينة.
وقال احد سكان حي بستان القصر الشعبي إن "الارض تهتز تحت اقدامنا" بعد غارات جديدة شنتها طائرات النظام. واضاف ان "الغارات لم تتوقف طوال الليل. لم يغمض لنا جفن".

وحض المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين كل الأطراف على عدم العودة إلى الحرب الشاملة وقال: "كان وقف الأعمال العدائية ومحادثات السلام أفضل سبيل وإذا تم التخلي عنهما الآن فأخشى مجرد التفكير في مدى الرعب الذي سنشهده في سوريا".
 
الازهر
وأصدر الازهر بياناً غداة مقتل العشرات في غارة استهدفت مستشفى ميدانيا في المدينة.
جاء فيه انه "يتابع بقلق شديد ما تتداوله وسائل الإعلام من تردي الوضع الإنساني في مدينة حلب السورية جراء أعمال القصف والقتال التي تشهدها المدينة جراء قصف المدنيين والمستشفيات ودور العبادة مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص بينهم أطفال ونساء وتشريد العديد من الأسر".

اتفاق روسي - أميركي على "تهدئة" في محيط دمشق واللاذقية

توصل العسكريون الروس والأميركيون إلى اتفاق في إطار "اللجنة الخاصة بوقف القتال" حول "نظام تهدئة" يطبق لمدة 24 ساعة في دمشق والمناطق المحيطة بها ولمدة 72 ساعة في اللاذقية اعتباراً من اليوم.
 
أبلغ مصدر ديبلوماسي في "اللجنة الخاصة بوقف القتال" التابعة لـ"مجموعة دعم سوريا" وكالة "تاس" الروسية للأنباء أن الاتفاق سيشمل مناطق اللاذقية وضواحي دمشق التي تشهد أعنف الأعمال القتالية.
ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء عن مصدر ديبلوماسي أن الاتفاق الروسي - الأميركي هو إجراء إضافي للتسوية في سوريا، موضحاً أنه لا يشمل حلب.
وقال إن روسيا والولايات المتحدة باعتبارهما دولتين ترأسان بالتناوب "اللجنة الخاصة بوقف القتال" في سوريا ستكونان ضامنتين لهذا الاتفاق وتأملان في أن يلتزم جميع الأطراف المعنيين التهدئة.

وتضاربت التقارير الأولية عن فترة سريان اتفاق التهدئة، فوقت أكد مصدر لوكالة "تاس" أن نظام التهدئة سيكون مفتوحا دون تحديد فترة زمنية له، نسبت "نوفوستي" الى مصدر آخر أن نظام التهدئة سيستمر 24 ساعة في ضواحي دمشق و72 ساعة في محيط اللاذقية.
وأكدت القيادة العامة للجيش السوري تطبيق "نظام تهدئة" بدءاً من الساعة الأولى فجر 30 نيسان 2016 يشمل مناطق الغوطة الشرقية ودمشق لمدة 24 ساعة ومناطق ريف اللاذقية الشمالي لمدة 72 ساعة، وذلك "حفاظاً على تثبيت نظام وقف الأعمال العدائية المتفق عليه". ولم يشر البيان الى مدينة حلب، كما لم يذكر النشاطات العسكرية وغير العسكرية التي سيشملها "نظام التهدئة".

وأضاف: "نظام التهدئة يهدف الى قطع الطريق على بعض المجموعات الإرهابية ومن يقف خلفها والتي تسعى الى استمرار التوتر وإيجاد ذرائع لاستهداف المدنيين".

ودعا رئيس المركز الروسي للمصالحة في حميميم الجنرال سيرغي كورالينكو جميع الأطراف إلى التزام التهدئة في ريف اللاذقية الشمالي، مشيراً إلى أن نظام التهدئة هناك سيستمر 72 ساعة. وقال إن نظام التهدئة سيحظر استخدام كل أنواع الأسلحة والقيام بأعمال قتالية. وأعلن أن "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" وقوى مشرفة عليه تحاول تقويض عملية التسوية السلمية في سوريا، مشيراً إلى أن "جبهة النصرة" تقوم بأعمال استفزازية في ريف اللاذقية الشمالي وحلب من أجل تصعيد التوتر.

وقال إن روسيا والولايات المتحدة تتوليان تحليل الانتهاكات وتعملان مع أطراف النزاع من أجل الحيلولة دون حصولها وتخفيف المواجهة بين الأطراف المتنازعين. وشدد على أنه لا يرى احتمالاً لانزلاق الوضع مرة أخرى إلى صراع عسكري شامل.

ودعت الأمم المتحدة روسيا والولايات المتحدة إلى جمع القوى الدولية وإرسال إشارة واضحة مشتركة إلى الجماعات المسلحة في سوريا في شأن ضرورة التزام نظام الهدنة.
وصرح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلانج بأن الاتفاق الروسي - الأميركي يدل على فاعلية عملهما المشترك حول التسوية في سوريا، لافتاً إلى أن التهدئة ضرورية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في سوريا.

وقال أحد قادة جبهة التغيير والتحرير السورية المعارضة قدري جميل، وهو ممثل مجموعة "موسكو – القاهرة" للمعارضة السورية، إن اتفاق التهدئة يشمل كذلك حلب. ورأى أن انسحاب وفد الرياض من المفاوضات في جنيف يمثل إحدى مراحل "مؤامرة" على الهدنة في سوريا.

حلب
في غضون ذلك، تحدث "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ومسؤول في الدفاع المدني ووسائل إعلام سورية رسمية عن غارات جوية على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة وعن قصف لمناطق تسيطر عليها الحكومة في حلب تجدد أمس بعد هدوء لفترة قصيرة عند الفجر.

وقال المرصد إن طفلاً واحداً على الأقل قتل وأصيب خمسة أشخاص في غارات جوية على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة. وأفاد المسؤول في الدفاع المدني بمناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب بيبرس ميشال إن المدينة شهدت عددا من الهجمات الجوية صباح أمس حصل كثير منها قرب مساجد وأن إحداها أصابت عيادة طبية في حي المرجة.

وأوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" أن ثلاثة أشخاص قتلوا وأن 25 آخرين أصيبوا عندما سقطت قذائف هاون أطلقها مقاتلون من المعارضة على مسجد في حلب لدى انصراف المصلين عقب صلاة الجمعة. ويقوم المسجد في حي باب الفرج الخاضع لسيطرة الحكومة في المدينة.
وقالت الوكالة إن هناك مزيداً من القتلى والجرحى نتيجة لقذائف الهاون التي أطلقها مقاتلو المعارضة على منطقتي باب الفرج والميدان في حلب.

وقال الدفاع المدني إن اشخاصاً بينهم ممرض واحد على الاقل اصيبوا في الغارة على مستوصف في حي المرجة شرق المدينة. وخلفت الغارة اضراراً جسيمة في المستوصف الذي يضم عيادة للاسنان وأخرى للامراض المزمنة ويقدم خدمات لسكان الحي منذ خمس سنوات.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن مبنى القنصلية الروسية في حلب تعرض الخميس، لقصف بقذائف الهاون من دون سقوط ضحايا. وأشارت الى ان مقاتلي "جبهة النصرة" مع جماعات متحالفة معها كانوا وراء القصف المتعمد.
   


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة