الثلثاء ١٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ١٩, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
ثلاثة عروض أمام ترامب لتحرير الرقة
لندن - إبراهيم حميدي 
تدرس إدارة الرئيس دونالد ترامب ثلاثة عروض «متناقضة ومتداخلة» تلقتها من حلفائها وخصومها، لطرد «داعش» من الرقة معقل التنظيم شرق سورية، أحدها يتضمن توغل الجيش التركي دعماً لفصائل «الجيش السوري الحر» من محورين أو ثلاثة، في حين جاء الثاني من موسكو بدعم تمدد القوات النظامية السورية وحلفائها من محوري تدمر وجنوب شرقي الباب. لكن الجيش الأميركي لا يزال يدعم عرضاً ثالثاً من «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية التي بدأت قبل أيام المرحلة الثالثة من عزل الرقة.

وكان ترامب كلف وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) وضع خطة في بداية الشهر المقبل تستهدف «هزيمة داعش». ولا يزال أركان الوزارة والمبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماغورك يميلون إلى دعم «قوات سورية الديموقراطية» ويقدمون لها أسلحة ثقيلة وتدريباً عسكرياً وغطاء جوياً عبر التحالف الدولي.

وأعلنت هذه «القوات»، التي تضم عرباً وأكراداً، المرحلة الأولى من عملية «غضب الفرات»، الهادفة إلى عزل الرقة عن ريفها الشمالي في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وبدأت المرحلة الثانية في 10 كانون الأول (ديسمبر) وشملت الريف الغربي، فيما أعلن عن المرحلة الثالثة في 4 شباط (فبراير) وتشمل الريفين الشمالي الشرقي والشرقي للمدينة، بحيث تعزل المدينة في غضون شهرين أو ثلاثة. (للمزيد)

ويتضمن العرض الأول تصعيد البنتاغون تدريب ودعم حوالى ثلاثين ألفاً من المقاتلين العرب والأكراد استعداداً لبدء معركة تحرير الرقة وسط اعتقاد واشنطن بأن الأكراد هم «الأكفأ في قتال داعش وأن تقدم درع الفرات بدعم الجيش التركي في تحرير الباب كان بطيئاً»، إضافة إلى عدم رضاها عن التنسيق بين الجيشين التركي والروسي في الباب.

وظهر خلاف بين واشنطن من جهة وأنقرة ودول عربية من جهة ثانية، حول دور «وحدات حماية الشعب» الكردي في عملية تحرير الرقة وحول من يتسلم إدارة المدينة بعد تحريرها، إذ إن أنقرة ترفض أي دور لـ «وحدات حماية الشعب» وتؤكد أهمية تحرير الرقة بواسطة مقاتلين عرب وتسليمها إلى أهلها، كما حصل في مدينة الباب لدى دعم تركيا فصائل «درع الفرات». وحصلت تركيا على دعم دول عربية رئيسة باعتبار «وحدات حماية الشعب» تنظيماً إرهابياً.

وجاء العرض الثاني من تركيا، اذ أكدت مصادر تركية لـ «الحياة» أن أنقرة قدمت إلى واشنطن خطة عسكرية لتحرير الرقة بمشاركة دول عربية منضوية في التحالف الدولي ضد «داعش»، وأن الخطة قُدمت بدايةً خلال زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) مايك بومبيو الخميس الماضي، ثم بُحثت تفصيلاً في قاعدة أنجرليك أول من أمس، بين قائد الجيش التركي خلوصي آكار ونظيره الأميركي جوزيف دانفورد. وأفادت صحيفة «حرييت» التركية أمس، بأن أنقرة تفضل خطة تدخل بموجبها قوات تركية وأميركية خاصة و «الجيش الحر» إما من تل أبيض الحدودية عبر إقناع واشنطن لـ «وحدات حماية الشعب» بفتح طريق بعرض 20 كيلومتراً وطول مئة كيلومتر من تل أبيض إلى الرقة، أو من مدينة الباب إلى الرقة بعملية تمتد أكثر من مئتي كيلومتر. لكن مصادر أخرى أشارت إلى وجود طريق ثالث للتوغل التركي من جرابلس إلى الرقة بعمق يزيد على مئة كيلومتر. وأوضحت أن أنقرة بدأت عملية تدريب عناصر من «الجيش الحر» لتشكيل قوة يتجاوز عددها عشرين ألف عنصر، بينهم خمسة آلاف من «درع الفرات» وعدد كبير من الضباط المنشقين عن الجيش النظامي ويقيمون في تركيا وعددهم يقارب ألفي ضابط، إضافة إلى الاعتماد على العناصر المحلية في الرقة.

وتقابل هذه الخطة بتحفظ روسي واعتراض دمشق وطهران. وقدمت هذه الأطراف عبر موسكو عرضاً ثالثاً، بتقديم دعم للقوات النظامية وحلفائها بالانتقال من جنوب شرقي الباب ومن تدمر بغطاء جوي روسي إلى معقل «داعش»، إضافة إلى تقدم هذه القوات من دير الزور بعد تحريرها. ولاحظت مصادر أن القوات النظامية و «حزب الله» لم يدخلوا إلى الباب من جنوبها الغربي، بل توجهوا شرق المدينة من جنوب الخط الذي وضعته أنقرة لخطتها لتحرير الرقة. لكن الذي يعيق هذا الخيار إلى الآن، هو موقف إدارة الرئيس ترامب من التعاون مع روسيا في الحرب على الإرهاب. كما يتطلب الأمر قراراً سياسياً في واشنطن بالتعاون مع دمشق وسط أنباء عن عدم توفر عدد كاف من القوات النظامية لعملية كهذه. وكان لافتاً أن قاذفات روسية حلقت فوق إيران والعراق، بدأت بقصف مناطق في الرقة بعد تركيزها سابقاً على دير الزور.

وأوضح مسؤول غربي لـ «الحياة» أمس، أن إدارة ترامب تدرس خيارين: التنسيق بين هذه العروض الثلاثة المتناقضة والمتداخلة، التركية والروسية والكردية وإدارة عملية معقدة من المعارك البرية والغارات الجوية للتحالف الدولي وروسيا، الأمر الذي يتطلب تفاهماً بين ترامب والرئيس فلاديمير بوتين، وبين أن تذهب وحيدة في دعم «قوات سورية الديموقراطية» وزيادة انخراطها ودعم نشر قوات برية إلى جانب مئات الخبراء المنتشرين في ثلاثة معسكرات ومطارات أقيمت في مناطق الأكراد شمال سورية وشمالها الشرقي، مع احتمال ترك الجيش الروسي للتركيز على معركتي دير الزور وتدمر.

استمرار معارك الباب... وتقدم لـ «غضب الفرات» في الرقة

استمرت المعارك بين فصائل «درع الفرات» التي يدعمها الجيش التركي من جهة وتنظيم «داعش» من جهة ثانية في مدينة الباب، في وقت واصلت «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية ضمن «غضب الفرات» التقدم في ريف الرقة معقل التنظيم شرق سورية. واستمرت المواجهات بين القوات النظامية و «داعش» في دير الزور وحمص.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «رجلاً وزوجته قتلا جراء القصف من قبل القوات التركية وطائراتها على مناطق في مدينة الباب، ليرتفع إلى 432 مدنياً عدد القتلى جراء القصف التركي على مدينة الباب وريفها وبلدتي بزاعة وتادف، منذ الـ 13 من تشرين الثاني (نوفمبر)، تاريخ وصول عملية «درع الفرات» لتخوم مدينة الباب»، لافتاً إلى حصول «انفجارات ناجمة عن تجدد القصف من قبل القوات التركية وطائراتها على مناطق في المدينة التي تعد المعقل الأكبر لتنظيم داعش في ريف حلب، بالتزامن مع اشتباكات متواصلة في أطراف المدينة الغربية والشمالية، بين الفصائل المقاتلة والإسلامية العاملة في «درع الفرات» والقوات التركية من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى».

وعلى صعيد آخر، قال «المرصد» إن القوات النظامية السورية «لم تتمكن إلى الآن من تحقيق تقدم استراتيجي ضد داعش في دير الزور، أو فك الحصارين -الأول والثاني- عن مدينة دير الزور، التي تعاني من أوضاع إنسانية ومعيشية سيئة، على رغم قيام طائرات الشحن بإلقاء مئات الشحنات بواسطة مظلات على مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة دير الزور، ووصل الأمر إلى إلقاء براميل الوقود بواسطة المظلات على المدينة، وعلى رغم المشاركة الروسية في استهداف مواقع تنظيم «داعش» والقصف الجوي والصاروخي والمدفعي المكثف من قوات النظام وطائراتها، إلا أن عناصر قوات النظام لم يتمكنوا بمساندة المسلحين الموالين لها من تحقيق أي تقدم استراتيجي». وأضاف أنه «وثق مقتل 473 شخصاً من مدنيين ومقاتلين وعناصر من تنظيم داعش جراء قصف للطائرات الحربية على مدينة دير الزور وبلدتي موحسن والبوليل ومناطق أخرى بمحيط المدينة وريفها».

وأفاد بسماع «أصوات انفجارات في الريف الشمالي لمدينة الطبقة غرب مدينة الرقة، ناجمة من ضربات نفذتها طائرات حربية استهدفت مناطق قرب سد الطبقة على نهر الفرات، في حين تستمر الاشتباكات بين قوات سورية الديموقراطية من جهة، وتنظيم «داعش» في الريف الشمالي الشرقي لمدينة الرقة، حيث تركزت الاشتباكات في منطقة جسر شنينة الواقع على نهر البليخ، وتمكنت قوات سورية الديموقراطية من السيطرة على الجسر، محققة تقدماً جديداً نحو مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش» في سورية».

وأعلنت «قوات سورية الديموقراطية» عن المرحلة الأولى من عملية «غضب الفرات»، الهادفة لعزل مدينة الرقة عن ريفها، تمهيداً للسيطرة عليها وطرد تنظيم «داعش»، حيث جرى إعلان المرحلة الأولى في الـ 6 من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الفائت 2016، وشملت هذه المرحلة الريف الشمالي للمدينة، في حين أعلن عن المرحلة الثانية في الـ10 من كانون الأول (ديسمبر) شملت الريف الغربي، فيما أعلن عن المرحلة الثالثة في الـ4 من شباط (فبراير) من العام الحالي 2017، والتي تشمل الريفين الشمالي الشرقي والشرقي للمدينة.

وتمكنت «قوات سورية» من تحقيق تقدم سريع في الريف الشمالي الشرقي للرقة، عبر السيطرة على القرى من خلال هجمات مستمرة ومتلاحقة، بغطاء من القصف من قبل طائرات التحالف الدولي التي تكاد لا تفارق سماء مناطق الاشتباك، وبغطاء من القصف المدفعي والصاروخي، الذي يستهدف مواقع التنظيم في ريف الرقة، وجاء هذا التقدم منطلقاً من منطقة خنيز بريف الرقة الشمالي ومن محاور بريف الرقة الشمالي الشرقي، ووصلت «قوات سورية» إلى مسافة نحو 8 كلم عن الأطراف الشرقية لمدينة الرقة.

في الوسط، قال «المرصد» إنه «لا تزال محاور بيضة شرقية وحيان وجحار ومحاور أخرى ببادية تدمر بريف حمص الشرقي تشهد استمرار المعارك العنيفة فيها، بين تنظيم «داعش» من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين من جانب آخر، تترافق مع استمرار القصف الجوي والصاروخي على محاور الاشتباكات، في محاولة من كل طرف تحقيق تقدم على حساب الطرف الآخر»، لافتاً إلى أن «عناصر داعش قصفوا مواقع لقوات النظام قرب منطقة البيضة الشرقية بريف حمص الشرقي، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بشكل متفاوت العنف بين الطرفين، وسط قصف واستهدافات متبادلة بينهما، ترافقت مع ضربات جوية استهدفت مناطق سيطرة التنظيم ومواقعه».

وتسعى قوات النظام لاستعادة المناطق التي خسرتها على خلفية تنفيذ تنظيم «داعش» لهجوم مباغت وواسع في تدمر اعتمد فيه على الهجمات العنيفة والمتلاحقة، التي استهدفت مواقع وتمركزات ومناطق سيطرة قوات النظام والمسلحين الموالين لها والقوات الروسية في مدينة تدمر والمدينة الأثرية وباديتها الغربية والحقول النفطية الموجودة فيها، لتتمكن منذ تنفيذ هجومها في الـ8 من كانون الأول، من تحقيق تقدم واسع على حساب قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومسيطرة على مدينة تدمر والمدينة الأثرية ومطار تدمر العسكري وقلعة تدمر الأثرية وقصر الحير الأثري وحقل المهر وحقل وشركة جحار وقصر الحلابات وجبل هيال وصوامع الحبوب وحقل جزل ومستودعات تدمر ومزارع طراف الرمل وقريتي الشريفة والبيضة الشرقية ومواقع أخرى في محيط مدينة تدمر وباديتها.



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة