Deprecated: GetLink(): Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : مرسوم ترامب التنفيذي يؤلّب المسلمين على المسيحيين - أسامة مقدسي
الثلثاء ٢٢ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: شباط ٥, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مرسوم ترامب التنفيذي يؤلّب المسلمين على المسيحيين - أسامة مقدسي
تضمّن الحظر المناهض للمسلمين وغير المبرر الذي فرضه دونالد ترامب على اللاجئين والمهاجرين والزوار من سبعة بلدان معظمها فقيرة وتمزّقها الحروب، بنداً استثنائياً يُعفي المسيحيين المنتمين إلى البلدان نفسها من هذه السطوة الرهيبة.

وذهب ترامب أبعد في تغريدة نشرها في اليوم التالي جاء فيها: "أُعدِم المسيحيون في الشرق الأوسط بأعداد كبيرة. لا يمكننا أن نسمح بأن تستمر هذه الفظائع!"
لا ينطوي المرسوم التنفيذي الوقح على تمييز سافر وحسب، بل يؤلّب المسلمين على المسيحيين؛ إنه يُشيطِن المسلمين فيما يدّعي التعاطف مع المسيحيين. سياسة التعاطف المذهبي التي يعتمدها ترامب وادّعاء حماية الأقليات لها تاريخٌ طويل. وقد أدّت إلى مزيد من الاضطهاد بدلاً من كبحه.

منذ القرن التاسع عشر، غالباً ما تدخّلت القوى الاستعمارية الأوروبية في الشرق الأوسط انطلاقاً من اعتبارات مذهبية. لقد زعمت تلك القوى أنها حريصة على مصالح المسيحيين واليهود في المنطقة. وهكذا أحيت لدى الطوائف غير المسلمة الآمال بأنها ستحصل على الإنقاذ من الخارج، وشجّعتها على اعتبار نفسها مختلفة عن المسلمين، شركائها في الوطن. تجاهلت القوى الأوروبية الاعتداءات على المسلمين، بما في ذلك على يدَي فرنسا التي اجتاحت الجزائر واستعمرتها في القرن التاسع عشر، وقمعت بهمجية المقاومة التي ظهرت ضد حكمها في القرن العشرين. هذه القوى نفسها قوّضت بصورة مستمرة مشاريع التضامن العلماني المناهضة للاستعمار عبر بذل جهود دؤوبة لتأليب اليهود على المسلمين، والعرب على اليهود؛ والمسيحيين على المسلمين، والمسلمين من مختلف المذاهب بعضهم على بعض.

لقد نشط العديد من القادة والثوار المسيحيين الطموحين في الشرق الأوسط في المطالبة بتدخل أوروبي لمصلحتهم أو محضوا ثقتهم لهذا التدخل، ليدركوا بعد فوات الأوان أن التعاطف الأوروبي لم يكن أكثر من مجرد خطاب فارغ. فالقوى الغربية العظمى آنذاك لم تكترث قط جدياً للسكان غير المسلمين في الشرق الأوسط. وقد تفوّقت مصالحها في السياسات على مشاغل الآخرين وهمومهم. بيد أن خطر التدخل الأوروبي لمصلحة هؤلاء جعلهم أكثر فأكثر موضع شبهات في نظر المواطنين المسلمين.

من المعروف أن الأرمن علقوا بين القومية التركية العثمانية التي كانت تزداد رهاباً من الآخر في مطلع القرن العشرين من جهة ووعد الإنقاذ الوهمي من الخارج من جهة ثانية، وهو ما وصفه المؤرخ دونالد بلوكسام بطريقة معبّرة بـ"لعبة الإبادة الكبرى". على الرغم من أن الإرساليات الأميركية طالبت بالتدخل من أجل الأرمن قبل الحرب العالمية الأولى وخلالها وبعدها، قامت الحكومة الأميركية برأب علاقاتها مع "التركي الرهيب"، ونسيت المسألة الأرمنية، وجعلت تركيا حليفة لها وعضواً أساسياً في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

تتخبّط سياسة التعاطف المذهبي الغربية على الدوام في الحسابات الباردة وفي النفعية.

المزاعم عن تحرير النساء المسلمات في أفغانستان، أو مساندة الضحايا السودانيين في مجازر دارفور، أو التعاطف مع الأيزيديين، واهية إلى حد كبير. فالدعم لهذه الأقلية أو تلك عابرٌ وزائل. ويستند إلى النكران المتعمّد للأشخاص الآخرين والمجموعات والدول الأخرى الذين تعيش هذه الأقليات بينهم منذ وقت طويل.

السخرية المنحرفة في مرسوم ترامب التنفيذي الاعتباطي هي أن إنقاذ مسيحيي الشرق الأوسط ليس حتى موضوعاً أساسياً في خطابه؛ بل إنه مجرد فكرة استدراكية. هدفه الرئيس هو استرضاء ناخبيه الأميركيين القوميين الذين لُقِّموا بصورة مطردة بروباغندا مناهضة للمسلمين على امتداد عقود، والذين شاهدوا رئيساً أميركياً تلو الآخر يقصف بلداً مسلماً تلو الآخر.

على الرغم من أن المجموعات المناصرة لتفوّق البيض داخل قاعدة ترامب الناخبة، وفي أوساط مستشاريه، ابتهجت ربما بصدور هذا المرسوم، الحقيقة هي أن ترامب يسعى إلى استمالة جمهور أميركي أوسع بكثير عند ادّعائه التشدد في التعامل مع "الإسلام المتطرف".

ليس الهدف من المرسوم التنفيذي الذي أصدره حماية الضحايا المزعومين للعنف المذهبي في الشرق الأوسط، فمعظم هؤلاء هم من المسلمين. ولا يمكن تبريره أيضاً بالمفهوم الأكثر تحيّزاً عن الأمن القومي الذي ينادي بالعقاب الجماعي، وذلك لأن المرسوم يستثني البلدان الأكثر ارتباطاً بالإرهاب، تحديداً السعودية وباكستان ومصر.

بل إنه مجهود متعمّد لممارسة مزيد من الوصم وتحديد المجموعات العرقية والدينية – العرب والمسلمين في هذه الحالة – التي تنتمي إلى هذه البلاد، وتلك التي لا تنتمي إليها. هذه العَظْمة التي رُمي بها إلى أنصار ترامب لن تكون أبداً شريان حياة لضحايا التعصب المذهبي الأبرياء في الشرق الأوسط. فمصير المسيحيين في تلك المنطقة كان ولا يزال مرتبطاً بمصير المسلمين الذين يتشاركون معهم الوطن نفسه.

أستاذ تاريخ وأول من يشغل أستاذية كرسي المؤسسة التربوية العربية - الأميركية للدراسات العربية في جامعة رايس.

ترجمة ن.ن 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة